افتتح، أمس، مهرجان (قرطاج) فعالياته فى تلك الدورة التى تحمل اسم مدير المهرجان المنتج الكبير الراحل نجيب عياد، ويوم 20 نوفمبر يفتتح مهرجان (القاهرة) دورته باسم الإعلامى والناقد الكبير الراحل يوسف شريف رزق الله.كل من المهرجانين لديه فعالياته من أفلام وندوات وضيوف، وكل منهما حريص على أن يظل الاحتفال يصدر للجميع طاقة إيجابية من البهجة، وفى نفس الوقت لا يتنازل عن تقديم كل العرفان والوفاء والشجن النبيل لمن أعطى وحتى اللحظات الأخيرة.أتذكر جيدا، ولاتزال صورته تسكن عينى، نجيب عياد، وهو يتحدث فى الافتتاح، العام الماضى، عما حققه المهرجان وعن طموحاته لتلك الدورة، كان هناك تحدٍ أمنى صعب قبل الافتتاح بـ24 ساعة، انتصر عليه مدير المهرجان بعقل سياسى وقلب فنان، عندما فجرت نفسها ما يُطلق عليها (ذئبة منفردة) قبل ساعات من افتتاح المهرجان أمام المسرح البلدى على بعد 100 متر فقط من مقر المهرجان الرئيسى، أرادت أن تحيل الاحتفال إلى وشاح أسود، ولم يسفر الأمر سوى عن مزيد من الإصرار، لتظل الدورة متوهجة ومشرقة، الأكثر من ذلك أن عياد أقام احتفالية موسيقية غنائية فى نفس مكان الانفجار، تهتف للحرية والجمال، ووصلت الرسالة للعالم كله أن الفنان والمثقف والشعب التونسى يقف فى طليعة الصف، وسيظل مدافعًا عن حقه فى الحياة، وأن سارقى الفرح لن يتمكنوا من سرقة الوطن.على الجانب الآخر العام الماضى، بعد نحو أسبوعين، كان تكريم يوسف شريف رزق فى افتتاح (القاهرة)، هذا الرجل الذى منح الثقافة السينمائية المصرية والعربية الكثير، كل جيلى ومن سبقنا ومن جاءوا بعدنا، فى عنقهم دين دائم لرزق الله، كما أن مهرجان (القاهرة) تحديدا مدين له منذ أول دورة أقيمت فى 76، وحتى هذا العام، فلقد ظل يمنح الكثير، وفى آخر اجتماع للجنة العليا للمهرجان شاهدنا كيف يكون العطاء وكيف تتعدد سبل الإخلاص، جاء وتحامل على نفسه ليشارك فى وضع كل التفاصيل للدورة التى تحمل رقم 41، يجب أن نذكر أن رزق الله هو الذى رشح حفظى لوزيرة الثقافة، د. إيناس عبدالدايم ليتولى قيادة المهرجان، وأثبتت الأيام عمق رؤيته، متحديًا الحرب الشرسة التى كان يشعلها البعض لإقصاء حفظى عن المشهد، رزق الله كان واثقًا أن حفظى سيحقق قفزة نوعية لصالح (القاهرة)، كما أنه كان داعمًا للناقد الشاب أحمد شوقى الذى أكمل المشوار بكفاءة فى الإدارة الفنية.فى (قرطاج) كل الدعوات والفعاليات عليها توقيع نجيب عياد، إنها من المرات الاستثنائية، حيث تم تكليفه للعام الثالث بتولى مسؤولية المهرجان، رغم أنه خلال الثلاثين عاما الأخيرة، كانت القاعدة هى دورتين فقط لكل مسؤول، إلا أن الإنجاز الذى حققه عياد دفع وزير الثقافة التونسى، محمد زين العابدين، للتجديد له للدورة الثالثة، وأتصور لو كان القدر مد فى عمره لأصبح أيضا هو المسؤول عن قرطاج 2020. السؤال الذى أنا موقن من إجابته: هل الدموع على افتقاد العظيمين عياد ورزق الله ستحيل الافتتاح فى (قرطاج) و(القاهرة) إلى بئر من الدموع؟ يقينى أن العكس هو الصحيح، إذا أردنا لروح عياد ورزق الله السعادة على القائمين على المهرجانين أن يحققوا البهجة. وغدًا نُكمل الحديث عن سينما ومهرجان وجمهور عاشق للفن والإبداع، وحكايات من تونس الخضراء الحبيبة!!
مشاركة :