حلف الناتو يواجه أزمة استراتيجية كبيرة

  • 10/28/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عواصم - وكالات:  وجدت صحيفة لوموند أن حلف شمال الأطلسي “الناتو”، يعاني من الانقسام، حيث أضعفه انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وقد أصبح أمام أزمة كبيرة في مواجهة الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان. وفي هذا السياق، أكدت الصحيفة الفرنسية أن اجتماعات وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي ال29 التي بدأت الخميس في بروكسل، اتسمت ب“بنقاش عميق وخطير” أثاره انسحاب الولايات المتحدة من الكفاح ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا وعملية «نبع السلام» التي أطلقتها تركيا ضد المجاميع الإرهابية الكردية هناك. واعتبرت صحيفة لوموند أن الأزمة الناجمة عن هذين التطوّرين تُعد واحدة من أخطر الأزمات التي مر بها الناتو، الذي اهتز بالفعل بقوة منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة. كما أوضحت لوموند أن الخلافات الحالية داخل حلف الناتو تتجاوز الخلافات المعتادة على حساب التناقضات الديمقراطية الصحية في العالم الغربي. فالولايات المتحدة، في الواقع، وجّهت ضربة على أرض الحائط للقاعدة التي صاغتها بنفسها لتعبئة التحالفات العسكرية التي تقودها في أفغانستان وكذلك في العراق وسوريا”. ووسط هذا الواقع الحالي لحلف الناتو الذي فرضته واشنطن وأنقرة، ظهرت ثلاثة معسكرات أو مجموعات بداخله. ففرنسا وهولندا وبدعم من ألمانيا الأكثر تحفظاً على عملية «نبع السلام» التي أطلقتها تركيا في سوريا، مؤكدة أنه يعرّض أمنهما للخطر بشكل مباشر. أما المعسكر الثاني، فهو معسكر الدول التي دافعت عن ”الاعتدال” في ضوء أولوياتها الوطنية المتمثلة في تجنب تدفقات الهجرة من جديد، في مقدّمتها إيطاليا. والمعسكر الثالث، وهو مجموعة أوروبا الشرقية ودول البلطيق، المشلولة بسبب التهديد الروسي، والتي عبّرت عن رغبتها في الحصول على الموافقة على “خطط الاستجابة المتدرجة” (مشاريع دفاع الناتو للمناطق الجغرافية المختلفة التي تغطيها، بما في ذلك حدودها الشرقية)، وبدت بالتالي مستعدة للاستسلام لضغط أنقرة التي اقترحت الموافقة على جميع الخطط، مقابل تصنيف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي كمنظمة إرهابية. وأوضحت لوموند أنه إضافة إلى عدم اتخاذ الكثير من الدول في حلف شمال الأطلسي أي موقف من عملية نبع السلام التي أطلقتها تركيا ضد بعض المجاميع الإرهابية الكردية على الحدود السورية، كان لا يوجد إجماع في حلف الناتو حول كيفية التعامل مع الحليف التركي. لكنه، وعلاوة على عملية «نبع السلام» التي أطلقتها تركيا في سوريا ومحاولة تنظيم داعش في تلك المنطقة، فإن الفجوة الاستراتيجية عميقة داخل الناتو. وباتت فرنسا تجد نفسها معزولة بشكل خاص، حيث إن رئيسها ماكرون، الذي يحاول الترويج ل“الحكم الذاتي الاستراتيجي الأوروبي” ويريد إحياء الحوار مع موسكو ومواصلة الحوار مع طهران، يثير شكوك شركائه حول سعيه إلى التعجيل بنهاية الناتو لصالح الاتحاد الأوروبي، دون تقديم ضمانات. ويُذكر أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وصل الخميس الماضي للعاصمة البلجيكية بروكسل وشارك باجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي «الناتو». وذكرت وزارة الدفاع التركية في بيان أن “أكار حضر في مقر حلف شمال الأطلسي اجتماع وزراء دفاع الدول المشاركة في الحلف”. وأضافت الوزارة أن “أكار زار أيضاً الممثل الدائم لتركيا في الحلف السفير بساط أوزتورك ومسؤولين آخرين، وأجرى مع جميعهم محادثات قصيرة، إضافة لزيارته لجنة التمثيل العسكري التركي”. والجدير بالذكر هنا أن حلف الناتو تشكّل بتوقيع معاهدة واشنطن عام 1949، وضمّ عدداً من دول أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية لتوفير الأمن الجماعي ضد الاتحاد السوفييتي. كان هدف حلف الناتو بشكل أساسي هو حماية حريّة دول الحلف وأمنهم بالوسائل السياسية والعسكرية. على الرغم من أنّ حلف الناتو تشكّل استجابة لضرورات الحرب الباردة النامية، إلا أن الناتو استمر إلى ما بعد نهاية هذا الصراع، مع توسيع العضوية لتشمل بعض الدول السوفيتية السابقة، ليبقى حلف الناتو أكبر تحالف عسكري في زمن السلم في العالم.

مشاركة :