أبوظبي: نجاة الفارس في روايته «بأي ذنب رحلت؟» التي صدرت في عام 2018 عن المركز الثقافي للكتاب للنشر والتوزيع في الدار البيضاء، ودخلت في القائمة النهائية القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2019، يروي الكاتب المغربي محمد المعزوز حكاية راحيل التي تقاوم مرارة الأيام لتمارس حريتها عبر الموسيقى، كما مارستها أمها عبر الرسم والتشكيل، غير أن أمها أقدمت على الانتحار أثناء مرض الاكتئاب، وتركت راحيل طفلة في مهب الريح، تنشأ في دور الأيتام، وتتعلق بالموسيقى والعزف والغناء لتزرع الأمل بنفسها وفي الآخرين، فالرواية دعوة إلى العودة للفلسفة والخير والجمال لمقاومة القبح وتشوه الإنسانية. تباينت آراء القراء في تعليقهم على الرواية عبر المواقع القرائية المتخصصة، حيث يعلق أحد القراء على الرواية قائلاً: منذ الصفحات الأولى في الرواية نحن إزاء مشكلة في استخدام عبارات وألفاظ تستغلق على الفهم فعلًا، لا يمكن التعامل معها بوصفها مجرد زخرفة لغوية زائدة، أو تكلف في وصف مشهدٍ أو حالة بعينها، بل هي أسلوب سائد وطريقة متبعة في كل تفاصيل الرواية، فالكاتب يعبر عن أبسط المعاني والأفكار بأعقد الأساليب والطرق دوماً، فهو مثلاً عندما يريد أن يتحدث عن سوداوية المستقبل يقول: «الغد يكد لبناء زمنٍ يتلعثم، عندما يلهج بمسارات الطريق، لا معنى للسان المرتد في الوقت المنسوخ بالإيقاع ذاته»، وعلى موقع آخر تثني قارئة على الرواية قائلة «لم تخل الرواية من تشويق ولمسة بوليسية غير صافية، متأرجحة، وفق رؤية فلسفية عميقة، ما بين جدليات الحياة والموت، والخلود والعدم، وبارقة أمل قد تحول دون شمولية الانشطار». كما يصف قارئ آخر الرواية بأنها نص روائي متعدد، يحتفي بالسياسة، والذاكرة، والفن، والفلسفة، والميتافيزيقا، والبحث عن المجهول، فهو نص روائي متوتر ومدهش، يتأبّى عن الاختزال في مقولات محددة أو تصنيفات جاهزة. وأجمع معظم القراء على أن الرواية موجهة للنخبة، سواء من حيث اللغة أو الأسلوب والمضمون، كما أن الكاتب حمل روايته بقضايا كبرى تتطرق للفلسفة الوجودية، وقضايا الاغتراب الذاتي والاجتماعي، وهم المبدعين الثوريين، مع التركيز على أبطال يمثلون النخبة المثقفة في المغرب من تشكيليين وموسيقيين، وما طرأ على حياتهم من تقلبات منذ ستينات القرن الماضي حتى عصرنا الراهن. بعض القراء أشاروا إلى أن الكاتب متأثر جدا بمجال دراسته للدكتوراة في الفلسفة وعلم الجمال، كما أنه سياسي مخضرم لذلك كان من الطبيعي أن تكون الفلسفة والسياسة والجمال ثيمات أساسية في عمله الروائي. رغم تباين أراء القراء حول الرواية إلا أن الغالبية العظمى ترى أنها رواية جديرة بالقراءة وإضافة جميلة لثروة القارئ اللغوية بالدرجة الأولى، كما أن الرواية تدعو للتفكر والتأمل وإعمال العقل في كل ما يتعلق بهذه الحياة عبر سرد راقٍ، ومشوق، وأحداث قريبة من الواقعية وبعيدة عن الغرائبية، بلغة شعرية مرهفة، فالرواية تتخللها بعض النصوص الشعرية، بالإضافة إلى أنها تقوم على التصوير الشعري وهي حافلة بالصور البيانية والمفردات الجزلة، بعيداً عن السطحية، كما أنها تتميز بقوة السبك في البنية السردية وعمق التأمل الفلسفي وجمالية اللغة.
مشاركة :