جبر الخواطر من أعظم الأعمال التي يؤجر عليها صاحبها، لأنها تشعرك بإنك مازلت إنسانا ، وبك بقايا خير، قبل أيام توفى زميلنا ياسر عبد النعيم المحرر الدبلوماسي "كما كان يطلق على نفسه"، قبل أن يموت كتب حزينا على صفحته الشخصية "58 عاما من التعب وخدمة الأجهزة ولم أدخل نقابة الصحفيين"، نعم مات زميلنا دون أن يكون عضوا بنقابة الصحفيين، إلا أن هذا لم يمنع عنه الاشتغال بالصحافة، وهذا لم يمنع عنه أنه صحفي؛ إننا جميعا لم نولد داخل نقابة الصحفيين، وعملنا أعواما قبل أن ننضم إليها، مات زميلنا ولم تكلف نقابة الصحفيين بالإسكندرية نفسها الذهاب إلى منزله أو مجلس العزاء وتقديم المواساة لأسرته، على أساس أنه لم يكن عضوا بالجمعية العمومية ولم يكن له صوتا.ماذا حدث لنا، حتى العزاء نكرناه على الرجل، واستكبرنا وإستخسرنا أن نقدمه لأسرته ، حتى "جبر الخواطر" فقدناها ، ومات ياسر ، بهدوء بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا، لعله يجد العدل والإنصاف هناك، وعندما سألت عن هذا الإحجام عرفت أن نصف مجلس نقابة الصحفيين بالإسكندرية في زيارة سياحية للصين، أنا لست ضد أن يسافر أعضاء النقابة المحترمين شرقا وغربا، ولكن أيضا أطالبهم بأداء واجبهم الإنساني بإعتبار أن عملهم تطوعي ، يقوم على الغوث والنجدة في المقام الأول.لقد توجهت إلى مقر نقابة الصحفيين بالإسكندرية قبل أيام لطباعة استمارة تعريف خاصة بكارنيه دخول الميناء، وللأسف لم أجد أنا وغيري جهاز كمبيوتر واحد شغال في النقابة، ولم أجد مسئول أتحدث أو أشكو إليه، في الوقت الذي قال لي أحدهم أن النقابة بها غرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر التي علاها الصدأ لأنها لا تجد من يستخدمها ، فهل هذا كلام .. وهكذا تخدمون الزملاء .. ؟أنا لا أتحدث عن خدمات كبيرة موجودة في كل النقابات كالإسكان حيث كان ضمن أجندة السيد رزق الطرابيشي قبل أن يتم انتخابه نقيبا، ولا العلاج حيث أكد لي النقيب العام أن مشروع العلاج مركزي ولا يتبع الإسكندريه ، ولا النادي البحري حيث أكد لي النقيب العام أيضا أنه أكبر من نقابة الإسكندرية، ولكني أتحدث عن أمور بسيطة موجودة حتى في البقالات "جهاز كمبيوتر وطابعة" ، فهل هذا بكثير ..أتمنى للسادة المسافرين إلى الصين العودة سالمين غانمين، وأن يضعوا نقطة من أول السطر ، وأن يعودوا إلى جوهر العمل النقابي الذي في أساسه " نجدة وغوث "، وأن يهبوا إلى تزويد "شقة النقابة" بالمتطلبات الضرورية، أن لا أقول تنظيم الندوات ولا المؤتمرات، ولا حتى تكريم أسر الشهداء ، ولا حتى تحقيق الوعود الإنتخابية التي ساحت مع شمس الصباح ..أتمنى من نقابة إسكندرية أن تصدر بيان تعزية على صفحتها لأسرة الزميل المرحوم ياسر عبد النعيم " جبران خواطر "، صحيح أنه لم يكون عضوا بنقابة الصحفيين ولكنه كان إنسانا ..
مشاركة :