أعلن تنظيم داعش بنسخته الليبية، أمس، مسؤوليته عن قتل الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المختطفين في ليبيا منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، رميا بالرصاص، فيما قالت مصادر عسكرية إن الجيش الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا أحكم أمس سيطرته على الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس والمدن الغربية. وبث ما يسمى بتنظيم «شباب التوحيد» التابع لـ«داعش» بيانا ممن وصفهم بـ«مجاهدي تونس المرابطين في ليبيا»، حول مصير الصحافيين اللذين زعم أنهما تابعان لما وصفه بالحكومة التونسية «المرتدة»، تضمن تسجيلا صوتيا لشخص تونسي، أكد قتل الصحافيين. وقال البيان الذي بلغت مدته أقل من ثلاث دقائق، وتم تداوله على شبكة الإنترنت، إنه تم التنفيذ الحكم على الصحافيين رميا بالرصاص، مهددا بعمليات إرهابية أخرى لم يفصح عنها. وأعلنت الحكومة الانتقالية في ليبيا، التي يترأسها عبد الله الثني، رسميا مؤخرا مصرع الصحافيين، استنادا إلى شهادات قالت إن بعض المعتقلين لديها أدلوا بها وتتضمن اعترافات موثقة منهم بتصفية الصحافيين. كما عرضت حكومة الثني على السلطات التونسية استعدادها لاستقبال لجنة تحقيق في ملابسات الحادث، الذي يعتبر الأحدث من نوعه الذي يستهدف صحافيين عربا أو أجانب يزورون ليبيا. إلى ذلك، قالت مصادر عسكرية إن الجيش الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا أحكم أمس سيطرته على الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس والمدن الغربية، بعد اشتباكات عنيفة ضد ميليشيات «فجر ليبيا»، في بلدة الماية التي تقع على بعد 25 كيلومترا فقط غرب العاصمة. وزعم مصدر عسكري لهذه الميليشيات أنه تم إغلاق الطريق بسواتر ترابية بشكل مؤقت، لحين استعادة عملية تأمينه، بينما تحدث الناطق باسم وزارة الدفاع الليبية، عادل البرعصي، عن اندلاع معارك في الطريق الغربي للعاصمة طرابلس، حيث تقع مدينة الزاوية، أكبر مدن المنطقة الغربية. وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن قوات الجيش تحاصر منطقة غريان الجبلية، على أمل أن تتمكن لاحقا من السيطرة على المداخل الرئيسية على المنطقة الغربية ومدينة طرابلس. ونقلت وكالة الأنباء الموالية لما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس عن مصادر عسكرية تابعة لميليشيات «فجر ليبيا» بجبل نفوسة أنه جار تشكيل قوة عسكرية مشتركة من المدن المحايدة لتأمين الطريق الرابط بين مدينة الجميل وكل مدن الجبل. وزعمت أنه إذا نجحت هذه القوة المشتركة المحايدة في تأمين هذا الطريق فسيتم اعتمادها كقوة خاصة لفض النزاعات المسلحة من قبل الأمم المتحدة. وتسيطر قوات جيش القبائل الموالية للجيش الليبي بالكامل على مناطق ورشفانة والعزيزية جنوب الطريق الساحلي بأقل من 10 كيلومترات، وتحاول التقدم نحو هذا الطريق الاستراتيجي لقطع الإمدادات التي تصل لميليشيات «فجر ليبيا»، وبالتالي الاستعداد لدخول العاصمة طرابلس، رفقة قوات الجيش. وتخوض كتائب الزنتان وقوات جيش القبائل الموالية للجيش الليبي معارك عنيفة في عدة مناطق بالضواحي الجنوبية لمدن غرب طرابلس ضد ميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ صيف العام الماضي. وبموازاة ذلك، دعا المكتب الإعلامي لعملية «فجر ليبيا» الاتحاد الأوروبي إلى تزويد ميليشياتها بأسلحة وعتاد عسكري للمساعدة في الحد من الهجرة غير الشرعية. وحدد المكتب، في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، سبعة مطالب على رأسها تزويد الميليشيات بأجهزة لمراقبة الحدود البرية متطورة، ودعم الميليشيات بطائرات متطورة لمراقبة الصحراء الشاسعة التي تصعب مراقبتها برًا. كما دعا إلى فتح المجال الجوي أمام مطارات المنطقة الغربية لترحيل المقبوض عليهم فور استكمال إجراءات ترحيلهم، بالإضافة إلى دعم خفر السواحل بقطع بحرية وأجهزة اتصال متطورة. واقترح أيضا التنسيق بشأن إصدار بطاقات حمراء وطلبات المنع والمتابعة بشأن عصابات تجارة البشر والتهريب، والعمل على ربط منظومات مشتركة في المطارات وبين ليبيا والاتحاد الأوروبي للتنسيق والقبض على عصابات التهريب. وكان خليفة الغويل، رئيس الحكومة غير المعترف بها دوليا في طرابلس، حث الاتحاد الأوروبي على دعم جهود حكومته لمكافحة الهجرة غير الشرعية، عبر الاتصال بها مباشرة، وتزويدها بقوارب. وقال الغويل، الذي تولى منصبه الشهر الماضي، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش زيارة إلى خفر السواحل في مدينة مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر شرق طرابلس «ندعو الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي خاصة إيطاليا وجنوب أوروبا لمساعدة الدولة الليبية خاصة حكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس». وأوضح «يجب الاتصال بها مباشرة (الحكومة في طرابلس) لمناقشة إمكانية المساعدة للحد من هذه الهجرة، وبحث تزويدها ببعض الإمكانات مثل القوارب (...)، وتقديم الدعم اللازم لهؤلاء الأشخاص الذين يتم وضعهم في مراكز الإيواء». وتشهد ليبيا نزاعا مسلحا منذ الصيف الماضي حين انقسمت سلطة البلاد بين حكومتين، واحدة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، وأخرى مناوئة لها تدير العاصمة منذ أغسطس (آب) الماضي بمساندة ميليشيات «فجر ليبيا». وتوفر الفوضى الأمنية الناتجة عن النزاع العسكري المستمر بين قوات هاتين السلطتين أرضا خصبة للهجرة غير الشرعية عبر سواحل ليبيا التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الإمكانات المحدودة لقوات خفر السواحل وانشغال السلطات بالحرب الدائرة في مناطق متفرقة. ومع ساحل طوله ألف و770 كيلومترا، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذي يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كيلومتر عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين. وشرعت مؤخرا السلطات الليبية في طرابلس في إبراز جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الإعلان عن كل عملية توقيف لمراكب مهاجرين، واصطحاب الصحافيين إلى مراكز الإيواء التي تضم نحو سبعة آلاف مهاجر أوقفوا خلال محاولتهم الهجرة. ورغم ذلك، يؤكد جهاز خفر السواحل التابع لهذه السلطة، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المرتبط بوزارة الداخلية في حكومة طرابلس، أن السلطات الحاكمة في العاصمة تفتقد إلى الإمكانات للحد من محاولات الهجرة إلى أوروبا والتي تشمل آلاف الأشخاص أسبوعيا. وفي ظل نظام العقيد الراحل معمر القذافي كانت ليبيا تستخدم موضوع الهجرة كوسيلة للضغط على أوروبا، من خلال فتحها أو إغلاقها صمام الخروج وفقا لتقدير حالة العلاقات مع الدول الأوروبية خصوصا إيطاليا.
مشاركة :