مارلين سلوم تجيد السينما الأمريكية صناعة أفلام الرعب لأنها تعلم جيداً أنها مرغوبة من قبل الشباب، فكيف إذا أضافت إليها لمسة كوميديا وأسماء نجوم معروفين يسعى الجمهور لمشاهدة أعمالهم؟ هنا تضمن الإقبال على الصالات، دون أن تضمن الإعجاب المطلق والنجاح الكبير. هذا ما يحصل مع فيلم «زومبيلاند» العائد بعد عشرة أعوام، ليقدم بجزئه الجديد «نقرة مضاعفة»، المزيد من السخرية المحببة، لفئة من الجمهور.سينمائياً، لا تبحث عن مضمون مقنع ولا تركيبة منطقية للأحداث، فأنت أمام فيلم من صنع الخيال غير قابل للتصديق أو التحقق، لكنه يجد جمهوراً واسعاً يحب مشاهدته من باب التسلية لا أكثر، لاسيما أن موعد صدوره يتناسب مع أجواء «الهالوين» وحفلات التنكر وأجواء الرعب التي تنتشر في أمريكا.عرفنا «زومبيلاند» في العام 2009، ولاقى وقتها نجاحاً ليس باعتباره فيلم رعب، بل لأنه يسخر إلى حد ما من أفلام الرعب، ويقدم تلك الأجواء بكثير من الكوميديا، بحيث يمكن مشاهدته من قبل الجميع بلا قلق، خصوصاً أن مشاهد القتل غير مؤذية، والمخرج روبن فليتشر استبدل الدماء بما يشبه البخار الذي يخرج من الكائنات بلون أسود. ويكمل الفيلم رحلته بنفس طاقم العمل الرئيسي، من المخرج فليتشر إلى المؤلفين ريت ريز وبول ويرنك، ومعهما دايف كالاهام. أما تمثيلاً، ففريق الأبطال مكوّن من وودي هارلسون بدور تالاسي، جيسي إيزنبرج مؤدياً كولومبس، إيما ستون مجسدة ويشيتا، وأبيجي بريسلن المعروفة ب «ليتل روك» أو الصخرة الصغيرة.يذكرنا «نقرة مضاعفة» ببعض ما جاء في جزئه الأول، وهو أمر طبيعي، بعد غياب عشرة أعوام ينسى فيها المشاهد ما جرى سابقاً، كما أن هناك فئة تتعرف إلى السلسلة حديثاً. ونقول سلسلة لأنه من المتوقع عودة هذه المجموعة بجزء ثالث. تالاسي وكولومبس وويشيتا وشقيقتها ليتل روك، مجموعة من الناجين من مخلوقات «الزومبي» أي مصاصي الدماء، تسير وفق مبادئ ثابتة، وهدفها القضاء على كل مصاصي الدماء بطرق «ذكية»، والمحافظة على وحدتهم وتضامنهم مع بعضهم البعض، والاحتراس الشديد من كل الغرباء، إذ لربما يكونون في الشكل أشخاصاً طبيعيين وسرعان ما يتحولون إلى وحوش مفترسة.يقيمون في أحد القصور المهجورة، إلى أن يقوم كولومبس بطلب يد ويشيتا، فترفض خوفاً من الارتباط، رغم حبها الكبير له، وتقرر الهرب ليلاً مع شقيقتها، آخذة الشاحنة التي يملكها تالاسي، وهي الوسيلة الوحيدة لتنقل المجموعة في هذا المكان المهجور. يثور الرجلان ويقرران الاستمرار في صراعهما مع مصاصي الدماء والبقاء في نفس المكان الخالي من الكائنات البشرية الطبيعية، باستثناء ماديسون التي يلتقيها كولومبس صدفة، ويبقينا المخرج في حالة شك من أمرها، لأنها الناجية الوحيدة من هجوم شرس تعرض له سكان هذه المنطقة، إضافة إلى تصرفاتها الغريبة.تعتبر الفنانة زوي دوتش إضافة للفيلم بدور ماديسون الشقراء الساذجة، التي شكلت عنصر تشويق في العمل، سواء من حيث بقائها على قيد الحياة بعد هجوم «الزومبي» على منطقتها، أو من حيث إصابتها بنفس أعراض تحول الكائنات من أشخاص طبيعيين إلى مصاصي دماء، ثم عودتها فجأة إلى طبيعتها ومواصلة رحلتها مع المجموعة.لا ترتكز مشاهد الكوميديا على كيفية محاربة المخلوقات العجيبة والهجوم الذي يتعرضون له من قبل مصاصي الدماء، بل هناك المزيد من المواقف، خصوصاً في رحلة البحث عن ليتل روك التي غادرت مع أحد شبان «الهيبيز»، وتقليد وودي هارلسون لملك الروك إلفيس بريسلي، عندما اتجهوا إلى «جريسلاند» حيث منزل بريسلي ومقتنياته الأصلية.وودي هارلسون يقدم في هذا الفيلم مجموعة أدوار، ويتألق ليبدو قائداً للمجموعة وللعمل بأكمله. كما يشكل مع جيسي إيزنبرج ثنائياً ظريفاً. أما إيما ستون فهي جيدة بدور ويشيتا، لكنه ليس إضافة حقيقية لها.من مميزات العمل أنه لا يتوقف عند كوميديا الموقف فقط، بل يتعمد السخرية من بعض العادات والأشياء التي يتعلق بها الناس أو يمنحونها قيمة من لا شيء، مثل سخريته من عنصرية الأمريكيين وتشبثهم بمظاهر لا قيمة لها، ويقدمها المخرج روبن فلاشر، بشكل مضحك غير مستفز، من خلال كولومبس المتمسك بشاحنته الأمريكية ولا يعرف قيادة أي سيارة أخرى غيرها، بل يعتبر كل السيارات الأخرى كالخردة لا قيمة لها. ويقول متباهياً: «لدي دم أمريكي أصيل يسري في عروقي».ما التطورات في هذا الجزء؟ وجود مجموعة جديدة من «الزومبيز» معروفة باسم «تي 800»، وهي أشرس من المجموعة التي شاهدناها في الجزء الأول، ولا يمكن القضاء عليها إلا بضربة قاضية على الرأس. وهنا لا نفهم كيف تم القضاء على العشرات منهم في معركة خاضها كل الأبطال مع أصدقائهم، عبر رميهم من مكان مرتفع يمكن أن يصيب المرء بكسر، لكنه لا يتسبب له بالضرورة بإصابة في الرأس! عموماً، في مثل هذه النوعية من الأفلام الأمريكية، لا يبحث المشاهد عن المنطق، ولا يدقق في التفاصيل، بل يكتفي بمتعة المشاهدة، لذا يضمن صناع الأفلام نجاحاً، وهو ما جعل «نقرة مضاعفة»، وهو إنتاج «كولومبيا بيكتشرز»، يحقق إيرادات جيدة بلغت 64 مليون دولار في أيامه الأولى، بينما ميزانيته لم تتجاوز ال 40 مليوناً. marlynsalloum@gmail.com
مشاركة :