ينظر مجلس الشيوخ الفرنسي في مشروع قانون يحظر على الأمهات المحجبات ارتداء غطاء الرأس خلال مرافقتهن لأبنائهن في رحلات مدرسية. وتأتي مناقشة المشروع بعد يوم واحد من إصابة رجلين مسنين بجروح خطيرة، جراء هجوم بإطلاق نار قرب مسجد بمدينة بايون في جنوب فرنسا. وتم توقيف شخص يشتبه في أنه ذو خلفية يمينية متطرفة لدوره في الهجوم. وطالبت النائبة الاشتراكية بالمجلس سامية غالي المعارضةَ المحافظة، والتي تسيطر على المجلس، بسحب مشروع القانون. وقالت في تصريحات تليفزيونية إنه لن يقود إلا إلى “نقاش عقيم وبغيض“. وبخلاف ما ذهبت إليه غالي، كتب زعيم المحافظين بالمجلس برونو ريتايو على موقع تويتر، أنه إذا ما لم تتم مناقشة الأمر “بهدوء تام في البرلمان، فإنه ستتم مناقشته في الشوارع، مع ما يعنيه ذلك من احتمال حدوث أعمال عنف“. وقد تمت إثارة الأمر خلال الأسابيع الماضية بعدما اعترض سياسي يميني متشدد أُمّا ترتدي غطاء للرأس، كانت ترافق رحلة مدرسية لحضور اجتماع لمجلس محلي. وأحرجت الحادثة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي طالبه المنتقدون بإصدار أوامر تحظر ارتداء الحجاب، ولكن ماكرون أجاب بأنه ”ليس من شأنه ذلك”. وفي رده على هذا القرار، قال ماكرون، في إشارة إلى تصريح لنائب من اليمين المتطرف، “يجب أن يكون للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية صوت عال بشأن مكان الحجاب والنساء والمدرسة. يجب أن يكون هناك خطاب واضح للقطع مع الغموض الذي يغذي المتشددين“. وكان ماكرون قد قال في تصريحات له غداة هذه المطالبات ”سأعكف بنفسي على دراسة ملف الإسلام في فرنسا”. وتعهد ماكرون، الثلاثاء، بحماية مسلمي بلاده، غداة الهجوم الذي استهدف مسجدا في مدينة بايون جنوب غرب فرنسا، واصفا إياه بأنه “شنيع“. وقال ماكرون في تغريدة على تويتر، “أدين بشدة الهجوم الشنيع الذي وقع أمام مسجد في بايون، وأعرب عن تضامني مع الضحايا“. وأضاف “الجمهورية الفرنسية لن تتسامح مع الكراهية، وستتخذ جميع الإجراءات لمعاقبة الجناة وحماية مواطنينا المسلمين. وأنا ملتزم بذلك“. وحث ماكرون، المتهم بعدم التحرك في قضايا العلمانية، الاثنين، ممثلي المسلمين في فرنسا إلى تعزيز “محاربة” الأسلمة والطائفية، التي قال إنها مسؤولة عن شكل من النزعة “الانفصالية” في فرنسا. ودعا، خلال استقباله في القصر الرئاسي، مسؤولي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، إلى التصدي لـ”الغموض” الذي يساهم في تغذية الخلط بين الإسلام والإرهاب، بحسب ما أفاد وزير الداخلية كريستوف كاستانير الذي حضر اللقاء. وبشكل أعم قال ماكرون “إنه يتوقع من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية تغييرا في النسق حتى يحارب مع الدولة، الطائفية والأسلمة“. وكان ماكرون قد قال في مقابلة إذاعية، بثت الاثنين، وسجلت الجمعة، إنه لا يريد “الانسياق للتسرع” حول قضية متفجرة حتى لا يساهم في “الخلط الجماعي” بين الإرهاب والإسلام. ومن المقرر أن يوسع مشروع القانون هذا الحظر ليشمل الآباء المرافقين لأبنائهم. ويأتي هذا المشروع بينما تعقد الهيئة الرسمية الممثلة للإسلام في فرنسا اجتماعات لبحث عدد من القضايا، من بينها التطرف والحجاب. وبالرغم من أنه لم يعلن عن مساندته لهذا المشروع، عبر الرئيس الفرنسي عن قلقه من تنامي الطائفية الإسلامية التي تتغذى من قراءة “مضللة للإسلام“. وأضاف “في بعض مناطق جمهوريتنا هناك نزعة انفصالية تستقر، أي رغبة في عدم العيش معا، في عدم الانتماء إلى الجمهورية، وباسم دين”، داعيا “إلى تعزيز عمل الدولة ووعد بإجراءات في الأسابيع القادمة“. ولم ينجح ماكرون في محاولته أثناء زيارة لجزيرة لارينيون إنهاء الجدل الدائر بتأكيده أن ارتداء الحجاب في الفضاء العام ليس “قضية الدولة”، لكنه لم ينجح في إسكات الانتقادات الآتية من اليمين واليمين المتطرف. وتحت الضغط تعهد المجلس الأعلى للديانة الإسلامية بالتحرك بلا تأخير ووعد بـ”إعلانات قوية جدا”. وكانت فرنسا قد حظرت عام 2004 ارتداء الطلاب لأي ملابس أو رموز دينية مميزة، وذلك بعد جدل بسبب ارتداء طالبات مسلمات للحجاب.
مشاركة :