يبحث خبراء في كلية إنسياد وتنفيذيون بعمق في الحاجات الإنسانية الأساسية التي تقود التغيير في قطاع التجزئة، ويبدو أن قطاع التجزئة بالنسبة للأشخاص العاديين يمر بتغييرات عدة خلال الأعوام الأخيرة. بدءا من المتاجر التجريبية، وغرف القياس الافتراضية، وتكنولوجيا التعرف على الصوت، إلى انتقال المتاجر الإلكترونية إلى عالم التجزئة، ويواجه الخبراء صعوبة في مواكبة الابتكار في هذا القطاع. يعتمد الابتكار الناجح بغض النظر عن شكله على احتياجات حقيقية أو نظرة عميقة لعلم النفس البشري، فمثلا هناك الهواتف الذكية والتطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي. فالشركات التي تنجح في استغلال تلك الرغبات ومجاراة المتطلبات التشغيلية بما في ذلك التكلفة حتى إن عنى ذلك إعادة ابتكار أنفسهم خلال العملية، ستكون الشركات التي ستتمكن من التغلب على التغييرات الناجمة عن التحول للرقمية. تلك هي النقطة الأساسية التي خرج بها مؤتمر الأسواق الناشئة السنوي في نسخته الرابعة الذي عقد في حرم كلية إنسياد في آسيا في يونيو. سلط تنفيذيون في القطاع من "ديليفروو"، و"دولي باكجد فوودز"، و"إلكترولوكس"، و"جونسون آند جونسون" إلى جانب سمير هاسيجا أستاذ في كلية إنسياد مختص في التكنولوجيا وإدارة العمليات، الضوء على أحدث الابتكارات في قطاع التجزئة. واتفقوا على أن الثقة وتجربة العميل هما حجر الزاوية لهذا القطاع في العصر الرقمي. وتعد الثقة تحديدا الركيزة الأساسية لنمو تجارة التجزئة ابتداء من الشركات العائلية الصغيرة حتى موقع علي بابا. قال هاسيجا: "تتمثل الخطوة الرئيسة لقطاع التجزئة في الاستثمار في الثقة بشكل أكبر من التكنولوجيا". وأضاف "ما أراه في الأسواق الناشئة على أنه ابتكار، هو قيام الشركات بإيجاد فرصة للتوسع، وايجاد شبكات وإيجاد ثقة. بذلك فقط يستطيعون الانتقال إلى قطاعات أخرى لمحاولة كسب الثقة". زعزعة الثقة أطلق عملاق التجارة الإلكترونية "علي بابا" في أكتوبر 2018، خطة التأمين الصحي التعاوني ضمن المشهد التنافسي في الصين، والخطة تابعة لمجموعة "آنت فاينانشيال سيرفس". انضم 50 مليون شخص للخطة خلال ستة أشهر. كان الطلب عاليا ما دفع مجموعة آنت للإعلان في أبريل الماضي أنها تأمل خلال عامين في انضمام 300 مليون عميل، أو خمس عدد سكان الصين. لم يكن أي من ذلك واردا في حال لم تقم "علي بابا" في وقت مبكر بتأسيس نظام مصادقة للتجار على منصتها الإلكترونية، ما أوجد ثقة بمنتجاتها. بمعنى آخر، وبحسب هاسيجا، أحدث منتجات "علي بابا" مبنية على الثقة وحجم الشبكة. حاول الجمع بينهما وستكون أنت الرابح. الاقتصاد التشاركي مثال آخر على المزايا الكامنة في الثقة، أو ما يطلق عليه هاسيجا العائد على رأسمال الثقة. بقيمة تتخطى 400 مليار دولار في الصين وحدها، أثبت الاقتصاد التشاركي نجاحه في الأسواق الناشئة، سواء كان في مجال توصيل الطعام، أو مشاركة السكن، أو البضائع الفاخرة أو الملابس أو منتجات الجمال، أو منتجات العناية بالطفل أو الحيوانات الأليفة. بعيدا عن التكلفة المقبولة، تبقى الثقة بالنظام أساسا للنمو بحسب هاسيجا. فعلى سبيل المثال في سوق البضائع المستعملة، تعرض شركات مثل لوكس تاج، أنظمة تقوم على سلاسل إمداد تمكن المستهلك من التأكد من مصدر حقيبة لعلامة تجارية أو التأكد من أن الساعات الباهظة غير مزيفة. تنمو سوق الملابس المستعملة في الولايات المتحدة وحدها بشكل أسرع بـ21 مرة من مبيعات التجزئة للملابس الجديدة خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، لنحو 24 مليار دولار. واحد من أربعة مستهلكين ممن يشترون ملابس فاخرة جديدة يشترون أيضا ملابس لم تعد رائجة. بحسب آشفين سابرامانيام، نائب رئيس قسم التسويق والابتكار في شركة دولي باكيجد فود آسيا، وأحد أعضاء فريق المناقشة في مؤتمر إنسياد: في قطاع السلع الاستهلاكية السريعة الحركة "قطاع الأغذية"، فإن زعزعة الثقة تؤدي إلى زعزعة السوق وترغم اللاعبين الأساسيين على التغيير. تؤثر زعزعة الثقة في قطاع الأغذية على كل شيء، فهي تمس طريقة تتبع المنتج. تم تعزيز الثقة بشركة جونسون آند جونسون من خلال باركود ملون بحسب جيوس جين، مدير التحليلات المتقدمة في آسيا والمحيط الهادئ: "عادة ما تحمل المنتجات رموز باركود. الآن سيصبح هذا الرمز ملونا بألوان قوس قزح، ما يعني للمستهلك أن المنتج أصلي، وهو ما خولنا للفوز بجائزة القطاع. هذه هي الطريقة التي نقوم بها بتغيير منتجنا وهي استجابة للكيفية التي ينظر بها البشر للثقة"... يتبع.
مشاركة :