المساحات الزراعية الواسعة التي بقيت لسنوات طويلة دون استثمار بمحافظة الأحساء تحولت بمرور الوقت للأسف الشديد إلى مكب هائل للنفايات بمختلف مكوناتها، وقد أدى ذلك بالنتيجة إلى تحويل تلك المساحات إلى مراتع خصبة للحشرات بعيدا عن أعين الرقباء ناهيك عن تسببها في التشويه البصري وتدمير التربة، فالأراضي غير المستغلة للتزريع في أنحاء متفرقة من المحافظة تحولت إلى مكبات هائلة للنفايات والمخلفات، وهو واقع مؤسف يرى بالأعين المجردة في سائر الأراضي المهملة التي تحولت إلى مكبات وأضحت أشبه ما تكون بغابات متحركة من النفايات التي مازالت تزحف بضراوة على تلك المساحات المهملة، وهو اعتداء مستمر لا بد من وقفه بوضع الإستراتيجية المناسبة للمحافظة على تلك المواقع. تحويل تلك المساحات المهملة إلى مكبات للنفايات يدل على ضعف الرقابة ويدل على التهاون في فرض العقوبات المالية التي بإمكانها الحد من رمي المخلفات داخل تلك المساحات، ويدل في الوقت ذاته على جهل المخالفين للمواقع المخصصة لرمي النفايات، كما أن غياب اللافتات واللوحات التحذيرية أدى إلى تفاقم الأزمة وإطالة أمدها، وإزاء ذلك فإن من الضرورة بمكان الاهتمام بوضع الإستراتيجية الملائمة بآمادها المتوسطة والطويلة لحصر مساحات الأراضي الزراعية المهملة غير المملوكة ودراسة إمكانية الاستفادة منها كإنشاء المخططات السكنية في أرجائها لاسيما أنها قريبة جدا من المساكن. ويمكن كطريقة فاعلة ومأمونة استغلال تلك المساحات بتأجيرها كأراض زراعية واستغلال الأجزاء غير الصالحة للزراعة لأغراض استثمارية متعددة، ضمن ضوابط تحول دون تحويلها إلى مكبات للنفايات، فتلك المساحات التي أضحت مرتعا لرمي كافة المخلفات فيها تلحق أفدح الأضرار بالبيئة الزراعية وسلامتها، فلابد من التفكير جديا بوضع الحلول المناسبة لحماية البيئة من الأخطار المحدقة بها بفعل تحويل تلك المساحات إلى مكبات كبرى للنفايات كما هو الحال في الوقت الراهن، وقد زاد الطين بلة عدم الاستفادة من مخلفات العمليات الزراعية الموسمية ورميها في تلك المساحات المهملة أيضا. تلك المخلفات كان من الجدير الاستفادة منها بمعالجتها بالطرق العلمية المعهودة فأوراق الأشجار وسعف النخيل وبقايا التكريب والتقليم ومخلفات مواسم الحصاد ومخلفات الحشائش وبقايا التمور غير الصالحة للأكل وغيرها ساهمت هي الأخرى في تفاقم المشكلة القائمة، كما أن اعتياد المزارعين على إبقاء المخلفات قرب مزارعهم أو حرقها يمثل أحد الأساليب الخاطئة التي لا يمكن الركون إلى صحتها نظير تشكيلها مناخات مناسبة تؤدي إلى تكاثر الحشرات كالسوسة الحمراء والقوارض، بما يشكل خطورة على المساحات المزروعة من جانب ويؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلا من التوصل إلى حلها. وإزاء ذلك فإن على الجهات الرسمية المعنية دراسة الوضع والوصول إلى معالجة تؤدي إلى توعية المزارعين بأضرار تلك النفايات ودفعهم للتخلص منها بالطرق المأمونة وتوفير كميات من الحاويات المجانية الخاصة بالمخلفات الزراعية، ومن ثم تشديد الرقابة على المخالفين للحيلولة دون حرق تلك المخلفات لما ينتج عنها من أضرار فادحة بالبيئة والإنسان، في الوقت الذي يمكن فيه تحويل تلك النفايات الزراعية إلى أسمدة ومصنوعات تحويلية أخرى، فالمحافظة على المساحات الزراعية بالواحة بكل مكوناتها هو عمل وطني لابد من الالتزام بمقتضياته ومستلزماته حفاظا على البيئة وسلامتها ونظافتها. * نقلا عن "اليوم"
مشاركة :