اجتماع «بط الجربة»...هكذا يمكن أن يوصف لقاء لجنة حماية الأموال العامة أمس مع وزيري المالية والتجارة والصناعة بالوكالة أنس الصالح، والعدل والأوقاف والشؤون الاسلامية يعقوب الصانع، والقيادي السابق في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الدكتور فهد الراشد، الذي فجّر «مفاجآت» في قضية اختلاسات «التأمينات»، التي كان مديرها السابق تحت رحمة «سوط» هجوم رئيس اللجنة النائب الدكتور عبدالله الطريجي، محذراً من أنه سيكشف خلال الأيام المقبلة عن أسماء أخرى. وقال الطريجي إن الراشد قدم الكثير من المعلومات والمستندات، وسجل موقفا وطنيا حول بلاغ «فضيحة التأمينات». وأوضح الطريجي أن الراشد قدم بالدليل الى مجلس إدارة «التأمينات» صوراً من العمولات الموثقة والمحولة من البنوك «تبين طريقة المدير السابق في السرقة من خلال اتخاذ قرارات فردية دون الرجوع الى مجلس الادارة في عملية المساهمة والمشاركة في أسهم وشركات خاسرة، حيث يكون دفع العمولة له من خارج الكويت عن طريق شركات يتم تأسيسها لتحويل تلك المبالغ ومن ثم تحوّل الى حسابه في سويسرا ودول أخرى». وأشار الى أنه «تبين أن للمدير السابق شريكاً كويتياً آخر كان في منصب مسؤول في الحكومة، حيث كانت النسبة التي يتقاضيانها من الشركات 7.5 في المئة، 5 في المئة منها للمدير فيما يستولي شريكه على الباقي». وأوضح أن «الحكومة تقوم الآن بجرد السرقات والاختلاسات التي قام بها المدير السابق، الذي يمتلك حسابات في أكثر من 15 دولة، ولديه عقارات ولم تتمكن الحكومة من جرد المبالغ التي من المتوقع أن تصل قيمتها الى المليارات». وأفاد الطريجي أن «الراشد أفاد خلال اجتماع (أمس) بان هناك خللاً في مؤسسة التأمينات، إذ لا يمكن للمدير السابق أن يقوم بهذه الاختلاسات بمفرده»، وسنكشف خلال الأيام المقبلة أسماء أخرى، وستسترد الحكومة أموال المتقاعدين التي عبث بها المدير السابق». ولفت إلى أن وزير العدل ذكر أنه تبادل المعلومات مع السلطات البريطانية، التي أبدت تعاونها وتحفظت مبدئياً على الأموال والعقارات الموجودة لديها، وهناك متابعة حثيثة من قبل وزير العدل لإبرام اتفاقية سريعة في ملاحقة وتتبع الأموال الموزعة في أكثر من 15 دولة، كما أن إدارة الفتوى والتشريع تجرد الآن ممتلكات المدير السابق خارج الكويت، مشدداً على أن هناك شركاء مع هذا المدير في خارج الكويت. وأشار الطريجي الى أن الدكتور الراشد «فجر مفاجأة حيث أعلن أنه عرض الملف على سبعة نواب ولم يتحرك أحدهم، إلا مجرد معلومات ذكرت في استجواب وزير المالية السابق مصطفى الشمالي، وعلى العموم فإن ما قام به المدير السابق يؤكد أنه كان يستند الى نفوذ سواء نيابي أو دعمه من قبل بعض الفاسدين، فمن غير المعقول أن يمتلك شخص أكثر من 250 عقاراً في داخل الكويت وعقارات في أكثر من 15 دولة». في السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ«الراي» أن شريك المدير السابق لـ«التأمينات» الذي كان يتقاضى نسبة 2.5 في المئة من العمولات، كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة نفطية حكومية. من جهته، قال الوزير الصانع لـ «الراي» ان الاجتماع كان مثمراً «وقدمنا المعلومات التي تهم التحقيق في ملف التأمينات الاجتماعية، بالإضافة إلى المعلومات المتعلقة بقضايا المال العام في الداخل والخارج». وبسؤاله عن آلية استرداد الأموال وابلاغ الانتربول بخصوص المتهم الرئيس في «التأمينات»، رد الصانع «نحن قدمنا المعلومات التي تفيد القضية، ولكن هناك معلومات تحاط بالسرية، وفقاً للنائب العام، ونحن ملتزمون بذلك». إلى ذلك، وفيما ردّ وزير المالية وزير التجارة أنس الصالح على سؤال لـ «الراي» حول الإجراءات الحكومية لمعالجة العجز الاكتواري المتوقع للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، الذي كشف عنه ممثلو المؤسسة للجنة الميزانيات في وقت سابق ويتراوح بين 5 و7 مليارات دينار، بتأكيد أن المؤسسة تعمل على معالجته، أعرب عضو لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية النائب الدكتور يوسف الزلزلة عن ثقته بقدرة الحكومة على معالجة وسد هذا العجز رغم انخفاض أسعار النفط. وقال الزلزلة لـ «الراي» إن الحكومة قادرة وفي استطاعتها سد العجز الاكتواري المتوقع للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، موضحاً أن «العجوزات الاكتوارية عبارة عن معادلات رياضية تحسب بناء على مدخلات ومخرجات الأموال للمؤسسة العامة للتأمينات وعلى مدى سنوات مقبلة، وبالتالي فإن العجوزات الاكتوارية عبارة عن مبالغ، ان لم يتم تسديدها فسيترتب عليها عجز بالسداد للمواطنين بعد سنوات». وأوضح الزلزلة «الآن هناك عجز اكتواري في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وحتى تضمن الدولة استمرار العمل بنظام التأمين للسنوات المقبلة لابد وان تسدد هذا العجز»، لافتاً الى ان «طريقة سداد هذا العجز لا تتم بالدفع المباشر لاجمالي العجز وإنما يقسط على سنوات ووفق معادلات رياضية معينة وهي واجبة السداد». ولفت الزلزلة الى ان «جميع دول العالم تعاني من العجوزات الاكتوارية، نظراً لطبيعة المبالغ الكبيرة التي تقدمها مؤسسات مثل التأمينات الاجتماعية». وكشف الزلزلة عن أن قيمة العجز الاكتواري وطريقة احتسابه محل اختلاف «ونحن في لجنة الميزانيات طلبنا من ممثلي (التأمينات) تكليف طرف محايد آخر لتقدير قيمة هذا العجز»، مشيراً الى انه «تمت الاستعانة بطرف أجنبي عالمي وأعطى تقديراً للعجز المتوقع لكننا بحاجة لطرف آخر للتقدير». وشدد الزلزلة على أن «معالجة هذا العجز شأن حكومي، والحكومة ملزمة بسداده، حفاظاً على استمرار رواتب المتقاعدين كما هي الآن».
مشاركة :