كيف نعرف إذا كان النظام المالي سليما؟ هل بإمكان البنوك أن تتخطى نوبة من الركود، إذا فقد نصف عملائها الحاصلين على قروض عقارية وظائفهم وتوقفوا عن سداد هذه الديون؟ هل تملك شركات التأمين أموالا كافية لسداد المطالبات إذا ضرب طوكيو زلزال بقوة 8 ريختر؟ إجابات هذا النوع من الأسئلة تكمن في اختبارات تحمل الضغوط. وقد زاد الاهتمام باختبارات تحمل الضغوط أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008، حين خسرت البنوك وغيرها من المؤسسات المالية مبالغ مالية ضخمة. فأفلست مؤسسات كبرى مستقرة - مثل ليمان براذرز - بينما احتاج غيرها إلى عمليات إنقاذ تقدر بمليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب. وأصبح الناس لا يعلمون إذا كان البنك الذي يتعاملون معه سيظل موجودا حتى اليوم التالي. وبدأت السلطات الوطنية في الاقتصادات التي ضربتها الأزمة تستخدم اختبارات تحمل الضغوط للحد من عدم اليقين بشأن سلامة أوضاع البنوك، واتخاذ قرار بشأن ما يمكن عمله حيال البنوك الضعيفة. وعادة ما تغطي اختبارات تحمل الضغوط جانبي الملاءة - أي ما إذا كان لدى البنوك رأس مال كاف لاستيعاب الخسائر - والسيولة - أي ما إذا كان لديها النقد الكافي لسداد الفائدة على الودائع وغيرها من الديون. فلنفترض أن بنكا خسر مليار دولار حين هبطت أسعار المساكن 50 في المائة. في هذه الحالة، يستطيع البنك مواصلة العمل - والحفاظ على ملاءته - إذا كان رأس ماله عشرة مليارات دولار، لكن ليس إذا كان رأس ماله مليار دولار فقط. فماذا لو حدثت حالة من الذعر بين المودعين، وقاموا بسحب 50 مليون دولار فجأة؟ إذا لم يكن البنك قادرا على اقتراض أموال تحل محل تلك الودائع، فيمكنه الاستمرار إذا كان يمتلك أصولا خاصة به، كالسندات الحكومية، يمكن بيعها بسرعة. من أهم المقومات في اختبارات تحمل الضغوط، وضع سيناريو سلبي يجمع بين الحدة والمنطقية. ويفترض السيناريو الحاد وقوع حدث منخفض الاحتمالية، لكنه يمكن أن يسفر عن عواقب كارثية. ومن أمثلة ذلك حدوث زلزال يقع مرة كل قرن، أو تكرار الأزمة المالية التي وقعت عام 2008، أو العجز عن سداد الدين الحكومي. وتستبعد السيناريوهات المنطقية الأحداث الافتراضية المستحيلة، كحدوث غزو من سكان المريخ. السيناريوهات التاريخية مفيدة، لكنها قد لا ترصد المخاطر المستجدة. فعلى سبيل المثال، لم تحدث بعد اضطرابات كبيرة بسبب التكنولوجيا المالية الجديدة أو تغير المناخ، لكنها لا تجافي المنطق. ويبدأ تصميم السيناريوهات بقائمة المخاطر المحتملة الخاصة ببلد ما. ومن أمثلة ذلك حدوث تراجع كبير في الصناعة التحويلية في اقتصاد يعتمد اعتمادا كبيرا على إنتاج المصانع، أو وقوع هجوم إرهابي في بلد يعتمد على السياحة. ويضع القائمون على اختبارات تحمل الضغوط مخططا للسيناريو، ويقومون بتقدير رد فعل متغيرات مثل إجمالي الناتج المحلي وأسعار الفائدة عند حدوثه. ولفهم كيفية تأثير السيناريو السلبي في سلامة أوضاع البنوك، يبدأ القائمون على الاختبارات بقياس سلوك عملاء البنك في ظل هذه الظروف. وللقيام بذلك، قد يحتاجون إلى حساب عدد الأسر والشركات التي يمكنها الاستمرار في سداد ديونها إذا ما حدث هبوط كبير في النشاط الاقتصادي، وكيف يمكن أن يسحبوا من ودائعهم المصرفية. ثم يقيس القائمون على الاختبارات كيف يمكن أن يؤثر هذا السلوك في سيولة البنوك ورؤوس أموالها. وبسبب الروابط بين البنوك، فإن فشل بعضها يمكن أن تنتقل تداعياته إلى مختلف أجزاء النظام المالي، فيلحق ضررا بالاقتصاد الأوسع. فما الذي يمكن أن يحدث، مثلا، إذا توقفت البنوك عن الإقراض؟ قد تحتاج الشركات إلى تقليص عملياتها وتسريح موظفيها. ودون قروض عقارية، قد يتعذر على الأسر شراء المنازل. إن المخاطر المستجدة غالبا ما تركز اختبارات تحمل الضغوط على البنوك، نظرا إلى حجمها وأهميتها للاقتصاد. لكن هناك تزايدا سريعا ومستمرا في جهات أخرى لتقديم الخدمات المالية ومصادر أخرى للتمويل، مثل مبيعات السندات. ومن ثم فإن النطاق الذي تغطيه اختبارات تحمل الضغوط يواصل التوسع ليشمل صناديق الاستثمار المشترك، وشركات التأمين، ومقدمي الخدمات غير المصرفية الأخرى، إضافة إلى مصادر الخطر المستجدة.
مشاركة :