أوروبا عالقة في وسط الحرب التجارية بين واشنطن وبكين

  • 11/2/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يتابع المسؤولون الأوروبيون بحذر تطورات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة. ويشتبهون في إمكانية تواطؤ واشنطن وبكين للتوصل إلى صفقة لاقتسام الاقتصاد العالمي، تأتي على حساب حصة الاتحاد الأوروبي من التجارة العالمية. ويزداد القلق الأوروبي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث سترتبط تطورات هذه الحرب بالمسار الذي سيرى ترامب فيه طريقا واعدا لإعادة انتخابه. ويتوقع أن يلجأ الرئيس الأميركي إلى تشكيل اتفاق مع منافسه في السباق غير المتكافئ، الرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي يمكن أن يروج له كـ”أكبر صفقة على الإطلاق”. وتجلّت ملامح هذا المسار من خلال إعلان ترامب أن واشنطن وبكين اتفقتا على المرحلة الأولى من اتفاق للتجارة، وتشمل المشتريات الزراعية والعملة، وبعض جوانب حماية الملكية الفكرية. والاتفاق الجزئي الأولي، هو أكبر خطوة نحو تسوية حرب تجارية بدأت قبل 15 شهرا بين البلدين، وألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي. وتؤكد الصين على ضرورة إلغاء الولايات المتحدة التعريفات حتى يتسنّى للبلدين التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي. ويقول الخبراء إن أي قرار بين واشنطن وبكين لا يمكن أن يكون مجرد صفقة عادية، إنه معضلة، خاصة بالنسبة لأوروبا التي أصبحت عالقة في وسط الصراع. ويتجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الصين الاثنين للسعي لمنع أن تكون أوروبا الخاسر الأكبر من الهدنة التجارية الوشيكة التي وضعها ترامب مع بكين. مسؤول في قصر الإليزيه يعكس القلق الأوروبي بقوله "نحن لا نريد أن تكون أوروبا ضحيّة التجارة بين الولايات المتحدة والصين" وينقل عن مسؤول في قصر الإليزيه في باريس أجواء هذا القلق “نحن لا نريد أن تكون أوروبا ضحية التجارة بين الولايات المتحدة والصين”، مضيفا أنه بات “ضروريا المضي قدما الآن في البحث في العلاقات الثنائية بين الصين والاتحاد الأوروبي”. وكان من المتوقع أن يوقع القادة الأميركيون والصينيون “المرحلة الأولى” من الصفقة التجارية المتوخاة في قمة في تشيلي في نوفمبر، لكن الإطار الزمني لأي اتفاق غير واضح الآن بعد إلغاء هذا الحدث بسب الاحتجاجات في هذا البلد. واستخدم ترامب مجموعة من التعريفات الجمركية لإجبار الصين على إبرام صفقة تنهي النزاع بين البلدين. وأحد أكبر مخاوف الاتحاد الأوروبي، هو أن هذا الاتفاق سيستهدف قطاعات مثل السيارات الأوروبية لانتزاع تنازلات مماثلة من بروكسل. ويرى الأوروبيون أن تكتيكات ترامب الأكثر عدوانية في الحرب التجارية ما هي إلا مناورة لتوسيع التعاون مع الصين. وعلى سبيل المثال، عوّلت أوروبا كثيرا على بكين كحليف محتمل لكبح جماح هجوم ترامب الشامل على نظام محكمة منظمة التجارة العالمية، كما ترغب بروكسل أيضًا في المضي قدمًا في اتفاقها مع الصين بشأن شروط الاستثمار. وأعرب ماكرون عن مخاوف بشأن صفقة بين واشنطن وبكين، ولمح إلى مخاطر مثل هذا التقارب خلال قمة مجموعة السبع التي استضافها في أغسطس الماضي. وفي الوقت الذي رحب فيه ماكرون على نطاق واسع بالاتفاقية الأميركية الصينية، فقد أصر أيضًا في مؤتمر صحافي مشترك مع ترامب في مجموعة السبع، على ضرورة مراعاة مصالح أوروبا. وقال “سنبحث للتأكد من أنها مفيدة للعالم وأن معاييرنا تؤخذ بعين الاعتبار، والتي كانت جزءا من محادثاتنا (في مجموعة الدول السبع الكبرى)”.وستكون هذه المسائل محط تركيز رئيسي خلال 48 ساعة من عمل ماكرون في الصين. وسيبدأ زيارته الرسمية لمعرض “تشاينا” الدولي للاستيراد، وهو معرض تجاري في شنغهاي، قبل عقد يوم من المحادثات الثنائية في بكين. ومن المتوقع أيضا أن يفتتح مركز بومبيدو في شنغهاي، وهو متحف ومعرض باريسي، بالإضافة إلى مناقشة القضايا المتعلقة بتغير المناخ والتنوع البيولوجي مع نظيره الصيني شي جين بينغ. ومع ذلك، أثارت زيارة ماكرون انتقادات من البعض في أوروبا. واشتكى دبلوماسيان من الاتحاد الأوروبي من أن معرض شنغهاي كان دعاية تهدف إلى الحصول على دعم الاتحاد الأوروبي في الحرب التجارية ضد الولايات المتحدة. وتساءل أحد الدبلوماسيين عن سبب اختيار ماكرون للقيام بهذه الرحلة عندما امتنع زعماء الاتحاد الأوروبي الآخرون من أن يكونوا طرفاً في الحرب التجارية. لكن المسؤولين الفرنسيين يقولون إن التواصل مع الصين هو الطريق إلى الأمام. كما يقولون إنهم يقدمون جبهة أوروبية موحدة من خلال ضم المفوض التجاري الأوروبي الجديد فيل هوجان، ووزيرة التعليم والبحوث الألمانية أنيا كارليتشيك كممثلة للمستشارة أنجيلا ميركل، بالإضافة إلى ممثلين عن الشركات الألمانية، في زيارتهم إلى معرض شنغهاي. ويقول مصدر في الإليزيه إن “هدفنا هو بما أن هذا المعرض يهدف إلى إظهار انفتاح الصين على الأسواق الدولية، فلنظهر ذلك من خلال الوصول إلى الأسواق في مجال تجارة المواد الغذائية الزراعية، من خلال التقدم في الاتفاقيتين ذات الأولوية بين الاتحاد الأوروبي والصين، دعونا نظهره من خلال الالتزامات من حيث الشفافية والحوار داخل منظمة التجارة العالمية“. وتتفاوض الصين والمفوضية الأوروبية حاليا على اتفاقين. فبالإضافة إلى اتفاقية الاستثمار، تسعى الصين أيضا إلى التفاوض بشأن الأسماء المحمية لبعض الأطعمة الذواقة. وفي ما يتعلق بحقوق الإنسان، قد يضطر ماكرون إلى السير على حبل مشدود أثناء وجوده في الصين. فستتم زيارته في الوقت الذي تقوم فيه السلطات في هونغ كونغ باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتظاهرين، إضافة إلى استمرار السلطات الصينية في احتجاز أكثر من مليون مسلم من الإيغور الصينيين وأقليات أخرى في معسكرات في منطقة شينجيانغ. ويقول المسؤولون الفرنسيون إن لديهم محادثات “صريحة” حول قضايا حقوق الإنسان مع نظرائهم الصينيين، على الرغم من أن فرنسا فضلت الانضمام إلى البيانات التي أدلت بها المفوضية الأوروبية بدلا من الإدلاء ببياناتها الخاصة.

مشاركة :