اختار الشاعر الجزائري خالد بن صالح لمجموعته الشعرية الجديدة عنوانا “يوميات رجل أفريقيّ يرتدي قميصا مزهّرا ويدخّن L&M في زمن الثورة”، وهو عنوان يحمل في غرابته وطوله بعدا فلسفيا، قال عنه الكتاب إنّه “صيحة متأخّرة لرجل ينتمي جغرافيّا إلى القارة الأفريقية، مخزن الأسرار والثروات المستغلّة، وجغرافيا الثورات والحرّية المسلوبة، رجل يرتدي قميصا من زمن السبعينات ويدخن سيجارة شباب اليوم من حراكة ومشجعي فرق كرة القدم، ومن المشاة ومدخّني سجائر أل.أم في شارع جزائري ينبض بإيقاع مختلف اليوم”. وقد صدرت المجموعة حديثا عن منشورات المتوسط-إيطاليا، وجاء في كلمة الناشر “تشبه نصوص خالد بن صالح بركانا حيّا، والبركان الحيّ هو مصطلح يدلّ على البركان الذي سيثور في المستقبل. جميعنا رأينا بحيرة الحمم البركانية التي تغلي، لا تشبه بالطّبع أيّ سائل آخر، مساحة ذات لون واحد، تتخلّله شقوق سائلة متحرّكة لونها أسود”. هذه هي التقاطعات، أو وجوه الشّبه بين يوميات خالد بن صالح وبركة الحمم البركانية الحيّة، لكن هناك خلاف كبير بينهما وحاسم، فالحمم الحيّة ستثور مستقبلا، وستخرج وتحرق كلّ ما حولها، ثمّ تخمد وتنتهي. أما مجموعة خالد فإنّها وإنْ كانت حيّة إلا أنها لن تثور أبدا ولن تنتهي. وهذه مهارة الشاعر الذي استطاع أن يضعها في تلك المنطقة؛ خامدة ولكنها حيّة ولن تموت. بتعبير آخر حيّة وميّتة ممّا يجعل قارئ هذه النصوص يعيش نوعا من التوتر الغريب. نصوص تتحدّث وتنذر بالموت ولكنها تشعرنا بالحياة، أليس هذا هو الشعر؟ ونذكر أن خالد بن صالح شاعر وصحافي من الجزائر، مواليد عام 1979، “يوميات رجل أفريقيّ يرتدي قميصا مزهرا ويدخّن L&M في زمن الثورة” هو إصداره الشعري الرابع، بعد “سعال ملائكة متعبين» 2010، “مئة وعشرون مترا عن البيت” 2012، ثمّ “الرقص بأطراف مستعارة”، عن منشورات المتوسط 2016.
مشاركة :