أعلنت مصادر طبية عن مقتل وجرح العشرات من المدنيين جراء انفجار سيارة مفخخة في مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي في سوريا السبت، وتزامن ذلك مع تهديد أنقرة بإعادة سجناء تنظيم الدولة الإسلامية إلى بلدانهم في محاولة للضغط على أوروبا وابتزاز العالم بعد أن كانت قد استعملت سابقا ملف اللاجئين. وأفاد مصدر طبي في مدينة تل أبيض بسقوط 15 قتيلا أغلبهم من الأطفال، وأكثر من 30 جريحا جراء انفجار سيارة مفخخة في مدينة تل أبيض السبت. وحدث الانفجار في سوق بمدينة تل أبيض الخاضعة لسيطرة القوات التركية. وقال المصدر، الذي صرح لوكالة الأنباء الألمانية طالبا عدم ذكر اسمه، “قتل 15 شخصا أغلبهم من الأطفال وأصيب أكثر من 30 في انفجار سيارة مفخخة أمام محطة محروقات الغانم وسط مدينة تل أبيض بعد ظهر اليوم (السبت)”. وأضاف المصدر “أغلب الجرحى في حالة حرجة وقد تم نقلهم إلى المستشفيات التركية نظرا إلى عدم قدرة مستشفى تل أبيض على تقديم العلاج لهم”. وأكد المصدر أن “السيارة المفخخة محملة بكمية كبيرة من المتفجرات أدت إلى دمار كبير واحتراق عدد كبير من المحال التجارية والسيارات”. واتهم قائد في الجيش الوطني السوري المعارض والمدعوم من تركيا “قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي بالوقوف وراء عملية التفجير”. وقال القائد، الذي طلب عدم ذكر اسمه، “نبحث حاليا في مدينة تل أبيض وباقي المنطقة (ريف الرقة بسوريا) عن السيارات المفخخة التي فخخها عناصر وحدات الحماية الكردية قبل انسحابهم من تل أبيض”. وطالب قائد الجيش التركي بـ”تزويد الجيش الوطني بأجهزة كشف المتفجرات، وقد تمكنا من رصد سيارة مفخخة يوم أمس (الجمعة)، وتم استهدافها وتفجيرها قرب قرية شريعان 10 كم جنوب مدينة تل أبيض”. وشهدت مدينة تل أبيض، الاثنين الماضي، انفجار سيارة مفخخة قرب أحد المخابز. كما انفجرت العديد من السيارات في ريف الرقة الشمالي الذي أصبح تحت سيطرة الجيش الوطني السوري المعارض والجيش التركي، ويعتبر الانفجار الذي حدث السبت هو التفجير الخامس خلال أسبوع، حيث انفجرت ثلاث سيارات مفخخة ودراجة نارية في بلدة سُلوك وتل أبيض وحمام التركمان وعين العروس، خلفت أربعة قتلى وأكثر من 25 جريحا. وسيطر الجيش التركي والجيش الوطني السوري المعارض على مناطق ريف الرقة الشمالي بعد إطلاق عملية “نبع السلام” العسكرية في التاسع من الشهر الجاري إثر معارك مع عناصر قوات سوريا الديمقراطية . كما نسبت وزارة الدفاع التركية “الاعتداء” إلى وحدات حماية الشعب الكردية، قائلة إن 13 مدنيا على الأقل قتلوا فيه فيما أصيب 20 آخرون. هجوم السبت هو الاعتداء الخامس خلال أسبوع حيث انفجرت ثلاث سيارات مفخخة ودراجة نارية في بلدة سُلوك وتل أبيض وحمام التركمان وعين العروس خلفت أربعة قتلى من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 14 مدنيا وعنصرا من مقاتلي فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، في الانفجار. وجاءت العملية العسكرية التركية كرد من أنقرة على عدم إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا. وأوضح الرئيس رجب طيب أردوغان أن هدفه هو نقل مليوني لاجئ سوري يقيمون في تركيا إلى “المنطقة الآمنة” المزمع إقامتها. وبعد محاولات الضغط على الدول الغربية بتوظيف تركيا لملف اللاجئين من أجل تحقيق هدفها بجمع الأموال من الدول الغنية عن طريق تنظيم مؤتمر للدول المانحة تذهب عائداته لتمويل استقبال الفارين من النزاع في سوريا، وتسعى حاليا أنقرة للضغط على أوروبا باستعمال ورقة عناصر داعش المسجونين لديها، من خلال التهديد بإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية رغم عدم رغبة هذه الدول وخصوصا الأوروبية في استعادتهم. وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، السبت، إن تركيا ستعيد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية المعتقلين إلى بلادهم في الوقت الذي اشتكى فيه من التقاعس الأوروبي بشأن هذه المسألة. وقال صويلو عن الموقف الأوروبي الذي جعل تركيا تتعامل بمفردها مع مسألة السجناء “هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا وغير مسؤول أيضا… سنرسل أعضاء داعش المعتقلين إلى بلادهم”. واعتقلت تركيا البعض من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية الفارين في شمال شرق سوريا خلال الشهر الماضي بعد أن بدأت هجوما عسكريا هناك. وقال وزير الداخلية التركي “لن نبقيهم لدينا إلى الأبد. لسنا فندقا لداعش”. وأفاد صويلو أن تركيا ستبقي مقاتلي التنظيم الذين تم اعتقالهم “لبعض الوقت. بعد ذلك، سنعيدهم إلى بلدانهم”. وأوضح أن بعض دول الاتحاد الأوروبي، ومن بينها هولندا وبريطانيا، جرّدت بعض المقاتلين من جنسياتهم لمنع أنقرة من إعادتهم. وقال “وجدوا حلا سهلا. يقولون جردناهم من الجنسية.. باتت المشكلة مشكلتكم الآن. هذا أمر غير مقبول في نظرنا وغير مسؤول على الإطلاق. ماذا تريدونني أن أفعل بإرهابييكم؟”. ونفذت تركيا الشهر الماضي عملية في شمال شرق سوريا ضد الفصائل الكردية التي تعتبرها أنقرة “إرهابية” رغم أنها قادت الحرب على تنظيم داعش بدعم من حكومات غربية. وفي إطار العملية، اعتقلت تركيا عناصر من التنظيم كانوا أسرى لدى الأكراد. ويعتقد أن آخرين فرّوا من السجون في إطار الفوضى التي رافقت العملية. وكثيرا ما تحض الحكومة التركية الدول الأوروبية على استعادة مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، لكن العديد من الحكومات تماطل في هذه المسألة لدواع أمنية وخشية من ردود الفعل الشعبية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد استعمل ورقة اللاجئين في السابق في إطار جهوده لإجبار الدول الغربية على القبول بتدخلها في سوريا، إذ هدد بفتح الحدود التركية أمام مئات الآلاف من اللاجئين السوريين للمرور إلى أوروبا.
مشاركة :