لم يؤد الارتفاع المتزايد للشواغر في قطاع العقار الاستثماري خلال العامين الماضيين، إلى خفض القيم الإيجارية لوحدات الكثير من البنايات، فالكثير من الملاك لا يزالون يكافحون فكرة تخفيض الإيجار، رغم تفوق العرض على الطلب بشكل كبير.ولعل أبرز الأسباب وراء ذلك، سياسة التكويت التي خفضت بدرجة كبيرة من حصة الوافدين السوقية لجهة الوظائف، كما ان زيادة الرسوم على الوافدين دفعت جزءاً منهم إلى التخلي عن عائلته والانتقال للعيش منفرداً في شقق صغيرة تقليصاً للمصاريف. وفي هذا الخصوص كان السؤال الأكثر إلحاحاً، لماذا لا يخفض الملاك إيجاراتهم، تزامنا مع تراجع الطلب بالسوق، وما الذي يجلعهم يراهنون على مبدأ «عض الأصابع»؟من ناحيته يجيب أمين سر اتحاد العقاريين، قيس الغانم بأن الكثير من العقارات الاستثمارية في الكويت مرهونة للبنوك، إذ بنيت في وقت الرواج والغلاء، لافتاً إلى أن ذلك أهم أسباب مقاومة ملاك الكثير من العقارات لتخفيض الإيجارات.وذكر أن الملاك الذين اشتروا عماراتهم عبر القروض لا يستطيعون خفض قيمهم الإيجارية، لأن البنك سبق أن قيّم عقاراتهم بناء على دخلها، في حين أن تغير دخل العمارة سيخفض تقييم العقار، ما يوجب على المالك دفع فرق التقييمين إلى البنك، وهذه نقطة سلبية تضر بمالكي العقارات إذا أقدموا على خفض إيجاراتها.وأوضح الغانم أن الكثير من الملاك اشترى عقاره بسعر مرتفع، وأجّر وحداته بقيم معينة، فإذا انخفضت هذه القيم الإيجارية ستنخفض قيمة العقار، ما سيكبد المالك خسائر لا محالة، مشيراً إلى أن «البنايات» التي شيدت وقت الغلاء السبب في عدم خفض الإيجارات رغم ارتفاع المعرض، ما أدى إلى جمود عمليات البيع والشراء.وأفاد بأن ملاك عقارات يلجؤون منذ وقت بعيد إلى تأجير الوحدات شاملة الماء والكهرباء، بغية زيادة أو المحافظة على القيمة الإيجارية في العقد، وبالتالي رفع تقييم العقار أمام البنوك، مؤكداً أن ملاك العقارات المرهونة للمصارف بين نارين، فهم بالتأكيد يريدون ملء شواغر بناياتهم، لكن تخفيضهم للإيجارات يعني تقييماً أقل للعقار، ما يلزمهم بدفع الفرق للبنك. وأشار الغانم إلى أن أصحاب العقارات المملوكة لهم بلا قروض عليها للبنوك هم القادرون على تخفيض الإيجارات، وهو فعله الكثير منهم، لذلك فإن الشواغر في بناياتهم معدومة، لأنهم قادرون على التحكم بالقيم الإيجارية بناءً على العرض والطلب.على صعيد متصل، يقول أحمد (مستأجر) «منذ صيف العام الماضي والوحدات الشاغرة في البناية التي أسكن فيها بازدياد، لا سيما بعد لجوء الكثير من الوافدين إلى تسفير عوائلهم، ليسكن بعضهم (عزابية) في شقق صغيرة أو استديوهات، فيما لجأ البعض الآخر إلى مشاركة السكن مع آخرين، وهو ما يعمّق من خسارة ملاك عقارات يرفضون خفض إيجارات الوحدات في بناياتهم». ويؤكد أن سكان العمارة القدامى لجؤوا إلى المالك طالبين تخفيض الإيجارات منذ أكثر من 6 أشهر، إلا أنهم لم يجدوا آذاناً صاغية.ولم يكن الحال أفضل عند مستأجر آخر. إذ يبين رضا أنه لا تكاد تخلو عمارة واحدة من عقارات المنطقة التي يسكن فيها من إعلان عن شقق للإيجار، ومع ذلك يرفض أصحابها تخفيض قيمة الإيجار لجذب مستأجرين جدد، معللين ذلك بأن الإيجارات تخضع للعرض والطلب، رغم أن واقع السوق يعكس خلاف ذلك. ويتساءل رضا، هل بقاء عدد كبير من شقق العمارة شاغراً يصب في مصلحة المالك؟ مؤكداً في الوقت نفسه أن بعض ملاك العقارات لجؤوا إلى تحسين الخدمات المقدمة لقاطني بناياتهم، ترغيباً لهم في البقاء وعدم المطالبة بتخفيض القيم الإيجارية.
مشاركة :