هناك دائماً خط رفيع في حياة الدول بين (النجاح او الفشل) وهو ذلك الخط الفاصل الذي يتيح التفرقة بين (الزائف والصحيح) ويسمح بالمفاضلة والاختبار بين (القشور البراقة) وبين (الجوهر الحقيقي).. ربما لا أكون مغالياً اذا وصفت مبايعة كل من الامير محمد بن نايف ولياً للعهد والامير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد باننا شعب واحد.. وحلم واحد لذلك انشغلت المملكة في جو من النظام والثقة بايعت الامة الاميرين ولم يكن غريباً او مستبعداً ان نرى مبايعة اجتماعية من ابناء الوطن للأميرين. لذلك اقول ترجع اهمية هذا الحدث الى اهمية المرحلة التاريخية الحالية على المستوى الاقليمي والعالمي. فمبايعة الاميرين تتواءم مع بداية عصر جديد تشير كل مؤشراته عن تغيرات شاملة في الوجهات السياسية والاقتصادية على أسس جديدة قوامها الكليات الكبرى والتفوق العلمي والتكنولوجي في اطار من الواقع الحالي. ان الدولة الحديثة في شبه الجزيرة العربية التي أسسها الملك عبدالعزيز واراد لها ان تظهر على ساحة الوجود السياسي وان تكون مكاناً لسعادة مواطنيها اجمعين يبنونه بـ (الوحدة) و(الفكر الوطني السليم) و(الامن القوي الثابت) . اذن رسالة التأسيس كانت شبه الجزيرة العربية جسد واحد هكذا كانت دائما وهكذا ستبقى الى الابد بإذن الله. لقد عرفنا منذ اللحظات الاولى لمبايعة المك سلمان المسلمات الآتية: اولاً: لقد أظهر الملك سلمان ان الرؤية والحكم يعتمدان على الاستمرارية والضمان في اطار تاريخ طويل من العمل المخلص والمتقن الذي وضع أسسه مؤسس هذه الدولة .. العمل من أجل البناء والتطور المستمر. ثامياً : لعله من الثابت تاريخياً اتباع سلمان بن عبدالعزيز نهج والده العظيم كقاعدة الانطلاق الى القيادة ليعرفه سائر افراد الامة، فهو شخصية تعكس وضوح الرؤية والقدرة على فهم الاشخاص والتعامل في اطار الممكن دون الاصطدام في الوقت غير المناسب. ثالثاً : لقد أظهر سلمان بن عبدالعزيز لدى ممارساته للسلطة كأمير منطقة الرياض ثم تولى العهد براعة حيث مضى على طريق مؤسس الدولة بأسلوبه الخاص. رابعاً : أتصور ان كل هذه المعلومات معروفة ومتاحة للجميع ولكن فانه كان من الضروري الاشارة اليها قبل ان نقول الجديد الذي نريد الاشارة اليه والذي اتصور انه اهم ما يمكن ان يفعله رئيس أية دولة الا وهو التغير الذي يحدثه في عقول الناس والشخصية القومية لشعبه. خامساً : فبالنسبة للجديد فان ما اضافه سلمان بن عبدالعزيز في اطار ادائه للسلطة من تحديث الادارة باتباع اسباب الجودة في الاداء الحكومي لتحقيق اهداف التنمية الشامل من اقامة مجلسين رئيسيين هما “المجلس الاقتصادي والتنمية” و”المجلس الامني والسياسي” حيث أحدث في نفوسنا ارتياحاً لتطوير الادارة الحكومية بأسلوب جودة الادارة مما فتح للجميع ابواب المشاركة المجتمعية من اجل تحقيق اهداف التنمية الشاملة والمستدامة. سادساً: وفي اطار نظام المجلسين وضع اللبنة الاولى لتعميق المسؤولية لدى الوزراء من اجل البناء الهادف. سابعاً : وفي ادارة الاقتصاد الوطني جاء المجلس الاقتصادي وكان هدفه الحرص على التوازن مما سيسهل دعم الاقتصاد الوطني الامر الذي سيدعم المملكة من الدخول سوق المنافسات الدولية وهو انجاز على صعيد علم الاقتصاد السياس “أي فن حكم الشعوب وادارة الموارد”. لذلك فإن الرؤية للحكم التي قدمها سلمان بن عبدالعزيز منذ مبايعته ستظل دائماً هي المعايير التي يتطلع اليها المبايعون له. هذه هي الرؤية وهذه القيم هي اهم ما قربه سلمان بن عبدالعزيز للحكم، وهو ما أوجد مناخاً آمنا ساعد كل واحد منا على ان يقول ويعبر عما يشعر به، وما يجيش بداخله وساعد الشخصية الوطنية للمجتمع في المبايعة. ربما لا أكون مغاليا – مرة اخرى – انه غرس طيب وحصاد مسثمر عكستها المراسيم الملكية التي صدرت مؤخراً لتواصل البناء والتطوير والتحديث على طريق النهضة السعودية. ربما لا أكون مغالياً – مرة اخرى – ان الملك سلمان غرس طيب وحصاد مسثمر انه اثبت طوال سنوات عمله في الدولة انه رجل يتحلى بالحكمة ومسلح بالوعي، وانه شديد الاخلاص لوطنه وامته، ولا يتوانى عن فكر او عمل من اجل مصالحها بل ان آفاق رؤيته الى التأكيد على مبدأ الادارة الناجحة هي لغة التنمية الشاملة. وفي ضوء ما سبق فان العزم على احداث ثورة ادارية تقود الى قيام دولة رشيقة ورسم سياسة هادفة للتعامل مع الدولة الضخمة المترهلة في حجمها البيروقراطي وادائها الوظيفي من اجل وضعنا على طريق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي .. أي ان الغرس طيب هو نهضة شاملة تنطلق داخل حدودنا وستحدد بمواصفاته بحساب الظروف وتطورات العصر وقواعد عمله. ولان هذه النظرة للملك سلمان مثلت روشته مهمة لانشاء مجلس للاقتصاد والتنمية و(الامن والسياسة) يقود الى برنامج للتنمية الشاملة وتحقيق اهدافها في مجالات الاسكان، الصحة، التعليم، الاستثمار، العمل والامن مما يحقق حصاداً مثمراً ومستمراً لإداء الدولة الرشيقة ليكون أهداف المجلسين تحويل الدولة من نموذج عظيم الحجم مترهل الكيان وبطيء الحركة. لكل ذلك سعى الملك سلمان الى بلورة المفاهيم والقواعد والسياسات من خلال المجلسين المذكورين واللذان يمكن ان يقودا مركبة التنمية الى تحقيق اهدافها المنشودة. فالتنمية لا تنجح في نظر الملك سلمان الا على العمل المؤسسي الناجح الذي يتيح للفرصة للكوادر السعودية المتنوعة للتعميق في سير الادارة الناجحة. باختصار فإن الميزة الكبرى في اطار مفهوم (سلمان بن عبدالعزيز غرس طيب وحصاد مثمر) لكي يكون اداؤه متميزاً على جميع المحاور يرى الملك سلمان ان هذا الاسلوب يقوم على رؤية استراتيجية واضحة ومحددة الملامح للنهضة الوطنية التي تحقق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي بحيث تستوعب قوى الدولة ومواردها البشرية والمادية ووضع لوقت زمني للتنفيذ، ومحاسبة ومساءلة مستمرة لكل من يعهد اليه ادارة الاجهزة الحكومية للاشراف على التنمية الوطنية في اطار ىالنظام وقوانينه.
مشاركة :