كانت الساعة حوالي الثامنة مساء عندما وصلت إيمان إلى منزلها، كانت تحس بالجوع لكن شعورها بالتعب كان أكثر ولا يوجد أكل في الثلاجة. في مثل هذا الوضع لا تتردد الشابة الثلاثينية التي تسكن في العاصمة التونسية منذ حوالي خمس سنوات فيما يقطن أهلها في مدينة أخرى، في طلب الأكل الجاهز مستعينة بتطبيقة ذكية ثبتتها منذ أشهر على هاتفها المحمول. تلقت إيمان ردا خلال 3 دقائق ليعلمها المطعم أنه سيرسل لها طلبها بعد 45 دقيقة على أقصى تقدير، ليصل الطعام خلال 30 دقيقة تحديدا. تقول إيمان لـ”العرب” “بعد يوم عمل شاق لا أملك الطاقة الكافية لأعد طعاما لنفسي في حين أن أي وجبة قد يستغرق مني إعدادها أكثر من 30 دقيقة”. وتتابع “هذه التطبيقة الذكية توفر عليّ الكثير من الجهد والوقت، منذ بدأت باستخدامها وأنا راضية تماما عن هذه الخدمة”. وتوضح أن الأمر كان معقدا في السابق عندما كانت تطلب الطعام عبر الهاتف إذ يزعجها أحيانا طول فترة الانتظار حتى يرفع أحدهم السماعة أو يكون الخط مشغولا. وتضاف إلى كل ذلك، ضرورة مدّ المطعم بعنوان المنزل بدقة، في حين أن التطبيقة الذكية تعتمد نظام تحديد المواقع وتوفر على المستخدم كل ذلك العناء. ويعد الاستعانة بالتكنولوجيا في طلب الطعام ممارسة جديدة في تونس إذ بدأت متأخرة مقارنة ببلدان عربية أخرى لاسيما مصر ودول الخليج العربي، باعتبار خصوصية العادات الاستهلاكية للمجتمع التونسي وتعتبر “مون رستو” (مطعمي) أول الشركات الناشئة في تونس التي وظفت التكنولوجيا في خدمة طلب الطعام. ويستفيد المطعم بدوره من خدمات الشركة، إذ لا يضطر للانشغال بالبحث عن عمال توصيل أو التعاقد معهم ودفع رواتبهم بل يقوم “مون رستو” بكل ذلك مكانه. ويوفر هذا التطبيق أيضا للزبائن الذين يطلبون الطعام عبره إمكانية متابعة الطلب ومسار عامل التوصيل حتى يصل إلى باب منزله. ويعرض التطبيق قائمات الأكل حسب الاختصاص من مطاعم الوجبات السريعة إلى الأكلات المحلية والتقليدية أو الأكل بحسب البلد أو المنطقة (المطبخ الإيطالي أو الأسيوي أو الأوروبي أو المتوسطي أو اللاتيني….). ويقول سامي التونسي، مؤسس “مون رستو” والمدير التنفيذي في الشركة، لـ”العرب”، “أطلقنا مؤخرا تطبيقة تحت تسمية ‘حليب الغولة’ (وهي عبارة باللهجة المحلية التونسية تعني أن كل شيء متوفر دون استثناء ومهما كان صعبا أو نادرا) لأننا نريد أن نكون أقرب للتونسيين، لأننا شركة محلية على خلاف الكثير من المنافسين الذين تتفرع شركاتهم أو تطبيقاتهم من منصات أوروبية مثلا”. وأوضح أن هذه التطبيقة تساعدهم على التعرف على ما يفضل الزبون وبالتالي الاستجابة له عوضا عن توجيهه عبر طرح قائمة محددة من الطعام أو غيرها من الأغراض، إذ بفضل هذه التطبيقة توفر الشركة توصيل أي غرض يطلبه الزبون غير الطعام. وتعتبر “مون رستو” نفسها خدمة توفر تنقل المطعم المفضل للزبون وهو جالس على أريكته دون أن يضيّع وقته في طلب الطعام والانتظار في طابور المطاعم المكتظة في أوقات الذروة. التحقَت بـ”مون رستو” شركات وتطبيقات أخرى لتنافس في سوق تكنولوجيا طلب وتوصيل الطعام المنتعشة في تونس مع تغيّر أساليب حياة التونسيين المواكبة للتطور الرقمي. لكن سامي التونسي أكد أن جودة الخدمات التي تقدمها “مون رستو” جعلتها دائما في صدارة تكنولوجيا توصيل الطعام في تونس. ويقول “الكثير من زبائننا حاولوا استعمال تطبيقات أخرى أو الاستفادة من خدمات المنافسين لكن عادوا إلينا بعد ذلك لإدراكهم مدى جودة خدماتنا”. وتابع “بعد سنوات من العمل وجدنا أنفسنا متمكنين من التكنولوجيا التي اخترنا الاستثمار فيها وعن طريق جهودنا المتواصلة لتطويرها نجحنا في توسيع مجال عملنا”. وينظر سامي التونسي إلى المنافسين لـ”مون رستو” على أنهم فرصة ثمينة لشركتهم، إذ تدفعهم هذه المنافسة لتطوير خدماتهم وأساليب الاتصال بالزبائن. لكن تبقى الأفضلية لـ”مون رستو” باعتبار أقدميّتها في السوق التونسية والخبرة التي اكتسبتها في مجال توصيل الطعام، وهو ما يجعلها تتغلب على التهديدات التي قد يشكلها المنافسون. ومن التطبيقات التي اقتحمت مؤخرا مجال توصيل الطعام في تونس “جوميا فوود” (جوميا طعام) التابعة لمنصة “جوميا” التي تعد واحدة من أكبر المواقع المتخصصة في التسوق الإلكتروني في تونس. ويتوفّر هذا التطبيق في تونس والجزائر والمغرب وعدد من البلدان الأفريقية. واشتدت المنافسة بين شركات جديدة في هذا المجال، فالبعض منها يسعى ليكون متفردا في أسلوبه مثل تطبيق “توتو” (الآن وحالا باللهجة التونسية) الذي يقترح أطباقا تونسية محلية بطريقة إعداد بيتية. ويتوفّر هذا التطبيق في تونس والجزائر والمغرب وعدد من البلدان الأفريقية، فقط يكفي تحديد البلد على التطبيق ومن ثم اختيار الوجبة وسعرها ضمن الخيارات المتاحة والدفع يمكن أن يكون على التطبيق عند تأكيد الطلب أو عند استلامه على باب المنزل. وتؤكد “جوميا فوود” في نسختها التونسية أنها الوسيلة الأسرع والأكثر نجاعة لطلب الطعام، من خلال تعاملها مع ما يقارب 200 مطعم في تونس. وتكشف متابعة نشاط تطبيقات طلب وتوصيل الطعام أن المنافسة اشتدت بين الشركات الناشئة التي اقتحمت هذا المجال، فالبعض منها يسعى ليكون متفردا في أسلوبه مقارنة بالمنافسين الذين سبقوه في هذا النشاط. ويسعى التطبيق “توتو” (الآن وحالا باللهجة التونسية) ليكون متميزا ويكسب أشواطا في المنافسة التي تبدو على أشدها في مجال توصيل الطعام، إذ يقترح أطباقا تونسية محلية بطريقة إعداد بيتية تم تحضيرها بالأساس من مكونات طازجة بحسب المواسم. واعتمدت البعض من المنصات الإلكترونية لتوصيل الطعام مصطلحات تونسية مثل “لبلابي دوت كوم” نسبة إلى أكلة اللبلابي الشعبية في تونس. وبرزت أشهر تطبيقات طلب الطعام في العاصمة، لكن ظهرت منصات جديدة في مناطق أخرى أساسا في مدينتي سوسة وصفاقس.
مشاركة :