كيف تحوَّل حبُّ الطعام إلى وسيلة لإيصال صوت السوريين؟

  • 11/5/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تحدثت باميلا كسرواني مع ماجدة خوري عن مشروعها «دوار الشمس السوري» لتفصِّل لنا رحلة اللجوء إلى لندن وكيف أنها جمعت بين حبها للطبخ وعملها كناشطة إنسانية لخدمة بلادها. قصة ماجدة خوري قد تُشبه الكثير من قصص السوريين التي تتردد على مسامعنا: اعتقال فاضطرار إلى مغادرة البلاد «إلى لبنان» ثم طلب لجوء إلى بريطانيا وعمل دؤوب للاندماج في المجتمع الجديد على الرغم من كل الصعوبات. ما يميِّز ماجدة هو أنها رفضت الرضوخ لمصيرها وأرادت، بطريقة أو بأخرى، مواصلة عملها كناشطة في حقوق الإنسان والمرأة حتى في بلاد اللجوء. إصرار هذه السيدة البالغة من العمر 47 سنة وأم لولدين بدا واضحا في نبرة صوتها واندفاعها خلال حديثنا على سكايب هي التي تخبرنا «أنا أجبرت على الوجود هنا. حتى عند اعتقالي في سوريا قبل 2016، لم أفكر في الخروج من البلد. أجبرت على مغادرة سوريا والعيش في لبنان إذ شعرت أنني مازلت قريبة وعملت في المخيمات. ولكن عندما صرت هنا «المملكة المتحدة»، لم أكن أعلم ما يجدر بي القيام به وأردت إيجاد طريقة للدفاع عن السوريين ودعم قضيتهم». طالما كان الطعام شغفا لديها هي التي كانت تعدّه بحب وتفانٍ لعائلتها ولأصدقائها حتى ولو لم تكن مجبرة. وشاءت الصدف أنها تعرفت على مجموعة «مايغراتفول» وهي عبارة عن مشروع لمساعدة طالبي اللجوء على تطوير لغتهم ومهاراتهم ولا سيما في الطبخ. وهكذا عملت ماجدة معهم طوال أشهر كمتطوعة. وخلال هذه التجربة، نجحت في تنظيم أول حدث في هذا المجال وذلك لمناصرة الغوطة التي كانت محاصرة. وتخبرنا «كنّا بحاجة إلى إخلاء الأطفال الذين يعانون من حالات صحية. نظّمت «شوربة الحصار» «شوربة عدس» ودعيت جميع طلابي وعرضت عليهم الوضع حتى أنني جعلت أفرادا من الغوطة يتحدثون معهم عبر سكايب». وطلبت ماجدة من الحاضرين كتابة رسائل لنوابهم للضغط على الحكومة من أجل الدفاع عن أولئك الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة». وتتابع «بعد شهرين، دُعيت إلى لقاء بالبرلمان كناشطة حقوقية، وأخبرني أحد النواب أنه تلقى 40 إيميلا بهذا الخصوص». هذا الحدث الذي أثار ضجة إعلامية إضافة إلى حب الكثيرين للطعام السوري جعلهم يأتون إلى دروس ماجدة لسماع قصص عن سوريا والاستمتاع بالمأكولات الشهية. وبعدها توالت نشاطات ماجدة التي أطلقت رسميا «دوار الشمس السوري» قبل بضعة أشهر رغم أنها باشرت العمل بهذا المشروع منذ سنة ونصف تقريبا. هكذا تحوَّل عمل ماجدة إلى مؤسسة اجتماعية تدور حول مبدأ الطبخ وتقدّم نشاطات مختلفة. فماجدة مازالت توفّر صفوف الطبخ السوري، إضافة إلى خدمة إعداد وتقديم الطعام للفعاليات الكبيرة التي غالبا ما تنظّمها جمعيات تعمل مع اللاجئين أو المعتقلين في بريطانيا، لعدد لا يقل عن 100 شخص. هذا العمل الذي يتطلب الكثير من الوقت دفع بماجدة إلى توظيف عدد من السيدات السوريات اللواتي يُجدن فنّ الطبخ ويحتَجن إلى فرصة عمل. إضافة إلى ذلك، تقدم ماجدة عددا من التدريبات التي تركّزها الآن على كيفية تقديم الأكل وكيفية التسويق له، إذ تقوم بتدريب النساء أيضا على الصحة الغذائية. نشاطات عدة قد تدور حول فن الطبخ إلا أن طموح ماجدة أبعد من ذلك هي التي تريد أن تؤسس مستقبلا أفضل ومختلفا وهي التي ما زالت تجد نفسها أولا وأخيرا كناشطة في حقوق الإنسان لا طبّاخة. وهنا تشرح لنا «الهدف الفعلي لـ«دوار الشمس السوري» هو أن يتحوّل المشروع إلى منصة لسيدات لا يستطعن إيجاد طريقهنّ، سواء في مجال الطبخ أو مجال آخر يحببنه.. أن تتحول إلى منصة لهنّ جميعا». ولهذا السبب لم تطلق ماجدة «دوار الشمس السوري» كمشروع عمل لا بل كمؤسسة اجتماعية. وتدرك أهمية الطبخ في التواصل مع الآخرين إذ تقول «أحد الأمور الذي يجمع الناس هو الأكل». وتضرب مثلا بالعرب شارحةً «يشكّل الأكل جزءا مهما جدا من ثقافتنا ونحن نجتمع في أي مناسبة لذلك، سواء مناسبة فرح أو حزن». وتواصل حديثها «أعتقد أن الأثر الذي يتركه الأكل هو أثر فيه إحساس بالسلام، ويجعلك تشعرين، إن كنت مستمتعة بالطعام، أن الشخص الذي أعده لك، أعدّه بطريقة جميلة وفيها شيء من الحب». وانطلاقا من هذا المبدأ، شعرت ماجدة أن إعدادها للطعام السوري في بلد اللجوء وإطلاع الناس على قصص من سوريا حتى لو كانت مؤلمة، تجعلهم يصغون. وتقول «كناشطة في حقوق الإنسان، أردت أن أجد صيغة فيها شيئا من الحب لأنني لا أستطيع أن أخبر الناس بهذه الأمور المؤلمة ببساطة لأنهم قد يملّون أو لا يحبون سماع القصص الحزينة. هذا واقعنا وهو مؤلم. لكنني أريد إيجاد طريقة لتحسينه قليلا ونقله إلى الآخرين، فكان الحل هو الحديث عن سوريا من خلال الطعام». وترى ماجدة أن رسالتها وصلت في إيصال الثقافة السورية إذ أثارت فضول كل من يشارك في دروسها. فعندما تعدّ طبقا من حمص، تجد نفسها تتحدث عن هذه المدينة قبل وبعد الحرب. صيغة ناجحة لإيصال الثقافة السورية إلى أبعد الحدود وعزيمة ماجدة لم تتغير لا بل على عكس. فهي تطمح إلى التركيز على التدريب بشكل أكبر لِتدعم من خلاله النساء، وتحديدا اللاجئات منهنّ مهما كانت جنسيتهنّ. فعلى حد قولها، «لندن مدينة عالمية وتشعرك بضرورة عدم التفكير في المجتمع الخاص بك فقط بل بمساعدة الجميع».

مشاركة :