يُجري فريق أممي عملية تقييم لوضع الحرمان من الحرّية في قطر التي أصبحت بشكل غير مسبوق تحت مجهر الهيئات والمنظمات الدولية المهتمّة بحقوق الإنسان، بسبب كثرة التقارير والشكاوى من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تمس بشكل استثنائي العمّال الأجانب. ولم تنقطع خلال السنوات الأخيرة التقارير الدولية المتضمّنة لمعلومات مقلقلة عن أوضاع مئات الآلاف من العمّال الوافدين إلى قطر، وخصوصا المشتغلين في ورشات إقامة منشآت كأس العالم 2022، والذين تتراوح الانتهاكات ضدّهم بين إجبارهم على العمل في ظروف مزرية تصل حدّ تعريض حياتهم للخطر وهلاك الكثيرين منهم في ظلّ غياب الرعاية الصحية، وبين حرمانهم من مستحقاتهم المالية وعدم تمكينهم من رواتبهم لفترات طويلة، وبين تقييد حرّياتهم من قبل مشغّليهم وذلك بمصادرة جوازات سفرهم من قبل هؤلاء المشغّلين. وأعلن قبل أيام عن توجه الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي إلى قطر لإجراء زيارة هي الأولى من نوعها، ستستمرّ حتى منتصف نوفمبر الجاري، وذلك لتقييم وضع الحرمان من الحرية في البلاد. وورد في موقع “أخبار الأمم المتحدة” على شبكة الإنترنت أنّ الوفد المكوّن من ثلاثة أعضاء هم لي تومي وإلينا ستاينرتي ورولاند أدجوفي، سيلتقي بمسؤولين حكوميين وقضاة ومدّعين عامين ومحامين وأكاديميين ومجموعات وهيئات أخرى ذات صلة بالملف الحقوقي. ومن المقرر أن يشارك الخبراء ملاحظاتهم الأولية في مؤتمر صحافي يُعقد منتصف الشهر، على أن يقدّم التقرير النهائي عن الزيارة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر من العام القادم. واعتادت قطر على إنكار وجود حالات انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان على أراضيها، وتعطيل عمليات التدقيق المطلوبة من هيئات دولية رسمية وأخرى مستقلّة، لكنّها بدأت خلال السنوات الأخيرة تضطرّ لتغيير تكتيكاتها، نحو الاعتراف الجزئي بتلك الانتهاكات وتقديم وعود بتحسين الوضع الحقوقي، وذلك بعد أن أصبحت أكثر من أي وقت مضى تحت مجهر الملاحظة الدولية. وتريد الدوحة بانتهاج منهج المرونة والتعاون مع المنظّمات الدولية العاملة في المجال الحقوقي تهدئة موجة الانتقادات الموجّهة إليها وتجنّب آثارها السلبية على صورتها في المنعطف الأخير نحو احتضان نهائيات كأس العالم القادم، حيث بات من المعروف أنّ مثل هذه المناسبات الرياضية الكبرى تمثّل أيضا فرصة لسليط الأضواء على الأوضاع الداخلية للبلدان التي تحتضنها.
مشاركة :