هل ما قاله الزعيم الكردي مسعود البرزاني في مؤتمره الصحفي قبل أيام في واشنطن من أن "استقلال الأكراد بدولتهم موضوع ليس محل نقاش وهو مشروع قادم" مستدركاً بأنه سيتم "عبر التفاهمات" هل يكون انطلاقة المشروع التقسيمي الأكبر الذي ينتظر المنطقة والذي قد يكون العراق بدايته ولا نعلم نهايته اين ستقف. فالاتجاه لتقسيم سوريا إلى دويلات "للسنة وللعلويين وللأقليات الأخرى" مشروع وارد ومطروح بقوة عند بعض صانعي القرار في الإدارة الامريكية وهو مشروع يتبناه مع الديمقراطيين الجمهوريون ايضاً وربما كانوا اكثر حماساً له. مستقبل منطقتنا غامض هذا هو العنوان الذي يجمع عليه ابناء المنطقة الذين قد يختلفون في التفاصيل لكنهم جميعاً قلقون جداً من هذا الغموض المحدق بمستقبل ومصير منطقتهم الذي لعب فيه النظام الإيراني بواسطة جماعاته في الداخل لعبة خطيرة جعلت الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات غير المطمئنة خصوصاً مع التقارب الامريكي الايراني الاخير. ايران اجادت تصدير وترحيل أزماتها الداخلية إلى الخارج وإلى دول الجوار بشكل مثير وبأسلوب نزع فتيل انفجاراتها الداخلية أو على اقل تقدير اجلّ هذه الانفجارات وبالتالي فهذا النظام مستمر منذ حربه مع العراق عام 1981 إلى الآن في اختلاق وافتعال أزماتٍ خارجية وبالاخص مع دول الجوار التي مازال يتدخل في شؤونها الداخلية بشكل فظ ومن خلال تصريحات مستفزة لا تحترم بأي شكلٍ من الأشكال مبادئ حُسن الجوار. لانشك ان التقسيم يصب في صالح الولايات المتحدة فكلما انقسمت دولنا إلى دويلات سهلت السيطرة عليها وعلى استقلالها وقرارها وقواعدها الشعبية الصغيرة أو القليلة العدد بعد التقسيم ما يجعلها رهينة واشنطن. ولاشك ان التقسيم على نحوٍ طائفي عصبوي يصب في صالح المشروع الإيراني القديم الجديد في التوسع والهيمنة وتكفينا هنا العودة إلى تصريحات مسؤوليهم ومثقفيهم بعد سقوط صنعاء وباقي المدن والمحافظات اليمنية بيد الحوثي. حتى المعتدلين منهم أو من يوصفون بذلك أطلقوا العنان لما يضمرونه من اطماع توسعية وهيمنة يدركون انها لن تتحقق لهم الا بعد تقسيم دول المنطقة إلى دويلات ولنقرأ ما قاله "المعتدل" الكاتب محمد صادق الحسيني لقناة الميادين بعد سقوط صنعاء واليمن واحتلال الحوثي لها. قال "سيد اليمن الآن هو السيد عبدالملك الحوثي وبالتالي سيكون سيد الجزيرة العربية" ويضيف "نحن سلاطين البحر الأبيض المتوسط الجدد ونحن سلاطين الخليج ونحن سنصنع خريطة المنطقة". وتوقفوا عند العبارة الأخيرة "نحن سنصنع خريطة المنطقة" فككوا هذه العبارة وحللوها وافتحوا مغاليقها التي ستنبئكم بمشروع التقسيم عندما يحققون "حلمهم" بصناعة خريطة المنطقة من جديد.. وهي خريطة تقوم على اضعاف الدولة العربية وانهاك النظام العربي من خلال تقسيمه إلى "دويلات" طائفية ومذهبية واثنية "عرقية" ومناطقية تحمل نهايتها معها من خلال ما سينشب بينها من اقتتال واحتراب هو من طبيعة تكوين الدويلات ولنا في التاريخ عبرة ودرس بليغ فالأندلس لم تسقط الا عندما حكمت الدويلات بعد تقسيم الدولة العربية الإسلامية إلى مجموعة دويلات. العقدة الفارسية الكسروية هنا تحركت معطوفة على اطماع مشروع دولة الولي الفقيه واقامة حكومته العالمية التي بشر بها خميني واتباعه منذ 36 سنة. وعندما تتقاطع وتلتقي مصالح الولايات المتحدة والنظام الايراني حول مشروع واحد بهذا الحجم وبهذه الخطورة فمن الطبيعي ان يسود شعور عام في المنطقة بان مستقبلها غامض ما يضاعف من قلق العرب كلهم على مصير منطقتهم بشكل غير مسبوق وهو ما سيدفع بهم إلى البحث وإلى الوصول إلى مشاريع تبعث فيهم الطمأنينة على مستقبل منطقتهم وعلى مصيرها.
مشاركة :