فاز الروائي المصري محمد عبدالنبي بجائزة الأدب العربي لعام 2019، التي يقدمها سنويا معهد العالم العربي في باريس بالاشتراك مع مؤسسة لاغاردير، وذلك عن روايته “في غرفة العنكبوت” التي ترجمها إلى الفرنسية جيل غوتييه وصدرت عن دار أكت سود. وصدرت الرواية في طبعتها الأولى بالعربية سنة 2016 عن دار العين للنشر بالقاهرة، ووصلت في 2017 إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية. وتنافست الرواية الفائزة مع 6 أعمال للكتاب؛ ياسيمين خلاط، وديما نوس، وجوروجيا مخلوف، وكوثر عظمي، وليلى بوحسين، وكميل عمون. وجاء إعلان فوز عبدالنبي (42 عاما) بالجائزة خلال احتفال أقيم مؤخرا بمقر معهد العالم العربي بحضور عدد من المثقفين والكتاب. وقالت لجنة التحكيم في مسوغات منح الجائزة إن الفائز “كاتب جريء صاحب أسلوب قوي ومؤثر يجعل القارئ يغوص في قلب محرمات المجتمع المصري والعربي”. اللجنة رأت في الرواية الجرأة والأسلوب القوي والمؤثر ما يجعل القارئ يغوص في قلب محرمات المجتمع المصري والعربي وتقتحم الرواية عوالم المثليين بطريقة مغايرة تماما عما كان في كتب أخرى. ويتخذ الكاتب من حادثة “الكوين توب” الشهيرة التي وقعت في بداية الألفية الثالثة، عندما داهمت سلطات الأمن المصرية مركب “الكوين توين” على النيل، وألقت القبض على اثنين وخمسين مثليّا، وتمّ توجيه اتهامات لهم بازدراء الأديان وممارسة الفجور، موضوعا لروايته وإن كان لا يعيد الحادثة أو يتخذ من روايته وسيلة دفاع أو واجهة تبرير لما حدث. وترصد الرواية في أحد جوانبها المهمّة تفاصيل عالم المثلية وما يحدث فيه من علاقات، وكذلك طبيعة الشخصيات السّلبية والإيجابية ومواقع اصطياد الزبائن وطقوسهم الاحتفائية، وما يتعرضون له في بعض الأحيان من معاملة سيئة من الطرف الثاني تبدأ بالابتذال وأحيانا تصل إلى العنف. لكن اللافت أن المؤلف صوّر النظرة العدائية لهؤلاء المثليين من قبل أفراد المجتمع، وحالة الإفراط في التحقير لهم والتعامل معهم على هذه الصفة بغض النظر عن وظائفهم أو أوضاعهم الاجتماعية. ومحمد عبدالنبي، من أبرز الروائيين المصريين اليوم، كما أن له اشتغالا هاما في حقل الترجمة، وحاز ككاتب على عدد هام من الجوائز، من بينها جائزة الدولة التشجيعية وجائزة ساويرس الثقافية للرواية في دورتها التاسعة، وهو مؤسس ورشة “الحكاية وما فيها” المهتمَّة بتطوير مهارات الكتابة الأدبية. كما ترجمت روايته “في غرفة العنكبوت” والتي تعتبر أشهر أعماله إلى عدة لغات، ما يبين النجاح الذي حققته الرواية منذ بلوغها القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية. وُلِدَ محمد عبدالنبي في محافظة الدقهلية سنة 1977، وتلقى تعليما أزهريا، حتى تخرَّج في جامعة الأزهر، كلية اللغات والترجمة، قسم اللغة الإنكليزية. وبعد تخرُّجه اتَّجَهَ إلى العمل بالترجمة بدوام كامل، ثم بشكل حرّ في ما بعد؛ في محاولة لتكريس المزيد من الوقت للكتابة. بدأ ممارسة الكتابة الأدبية في منتصف التسعينات، ووجَّه طاقته نحو كتابة القصة القصيرة تحديدا؛ لتثمر الثمرةَ الأولى “في الوصل والاحتراق”؛ المجموعة التي فازت بالجائزة الأولى في المسابقة الكبرى للأدباء الشبان التي عقدها صندوق التنمية الثقافية بمصر عام 1999. في العام التالي، صدرت له رواية صغيرة بعنوان “أطياف حبيسة”، تَلَتْهَا في 2003 المجموعة القصصية “وردة للخونة” التي يَعُدُّها النقاد بدايته الحقيقية، أتبعها بالمتتالية القصصية “بعد أن يخرج الأمير للصيد” في 2008، و”شبح أنطون تشيخوف” في 2009، و”كما يفعل السيل بقرية نائمة” في 2014. وفي العام نفسه، وصلت روايته “رجوع الشيخ” إلى القائمة الطويلة للبوكر العربية، وحصلت على جائزة ساويرس الثقافية كأفضل رواية لكاتب شاب، وقد رأت لجنة الجائزة أنها “عمل روائي متميز يكشف عن خبرة صاحبه العميقة بعوالم السرد، وتمكنه الجلي من تقنياته”. أمَّا أعماله المترجمة، فمن أبرزها رواية “ظلال شجرة الرمان” لطارقي علي البريطاني من أصل باكستاني، ورواية “اختفاء” لهشام مطر البريطاني من أصل ليبي، والرواية المصوَّرة “فلسطين” للكاتب والرسام جو ساكو. وله إصدارات أخرى مُعَدَّة عن نصوص سابقة، منها: “30 حكاية لا تنسى: من قصص الأطفال العالمية”، فضلا عن متابعته النشر الورقي والإلكتروني، في العديد من الصحف والدوريات، وله حاليا مقال أسبوعي يُنشر كل أربعاء في “مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة” يقدِّم فيه سلسلة متميِّزة من الأفكار والتمارين حول فنون الكتابة والسرد، تحت عنوان “الحكاية وما فيها”. ونذكر أن جائزة الأدب العربي تأسست عام 2013 في إطار شراكة بين مؤسسة جان-لوك لاغاردير ومعهد العالم العربي في باريس “لتكريم كاتب من إحدى دول الجامعة العربية أصدر عملا (رواية أو مجموعة قصصية أو شعرية) باللغة الفرنسية أو مترجما عن العربية إلى الفرنسية، حول موضوع يتناول قضايا الشباب العربي”. وتبلغ قيمة الجائزة 10 آلاف يورو. ومن بين الفائزين بها سابقا السعودي محمد حسن علوان واللبناني جبور الدويهي والمصري محمد الفخراني.
مشاركة :