يعيش الأردن اليوم مرحلة مخاض عسير؛ مرحلة فرضتها الحالة السياسية التي مرّ بها خلال السنوات الماضية إلى الآن؛ والتي عانى منها الشعب الكثير وما زال يعاني، وجميعنا على إطّلاع تام بأنّ النهج السياسي للحكومات المتعاقبة قد فشل في الحفاظ على دولة المؤسسات، مما أدّى إلى إصابة بعضها للأسف في فساد لا يُحمد عُقباه، فطغى على المصلحة العامة والمصلحة الوطنية بشكل خاص. في كلّ مرة كنّا نسمع فيها عن تعديل وزاري جديد قادم؛ نترقّب بأمل شديد بأن يأتي حاملاً معه التصويب والتصحيح والعودة للنهج السليم؛ المبنيّ على مصلحة الأردن أولاً وشعبه ثانياً، تعديل نأمل فيه الكفاءة، والتجربة، والخبرة، والمستوى العلمي والثقافي، فلا بدّ لمن يتم اختياره ضمن الفريق الوزاري الجديد أن يكون ملمّاً بأحوال الوطن الإجتماعية، والاقتصادية، وأن يكون قريباً من المواطن، وصاحب موقف وعطاءات مجدية، وأن يخلّص الوطن من ملفات كثيرة أرهقت الشعب وجعلته يصل إلى مرحلة عدم الثقة في أي تعديل وزاري جديد.ولكن الملفت للنظر أنه في كل مرة يتم فيها تعديل وزاري جديد يضعنا داخل دائرة مفرغة تماما، ندور فيها ثمّ نعود حيث أتينا من نقطة البداية؛ فالوزراء أغلبهم يحملون الحقيبة الوزارية لفترة معينة، ثم لا ينفكون للعودة لها من جديد وكأنها حكر عليهم وحدهم، في المقابل أنّ باقي الحقائب الوزارية تحمل ثقافة الاسترضاء والتنفيع والشللية، وهي بعيدة كل البعد عن الكفاءة، وتطبيق المعايير الأساسية لاستلام هذه الحقائب، ولا بد هنا من التساؤول؛ ما هي المعايير التي من خلالها يتم تعيين الوزراء؟ وهل تطبق فعلاً!؟في الأصل يجب أن يكون الوزير الذي يتسلّم أيّ حقيبة وزارية، لديه مسار مهني واضح يؤهله لاستلام ذاك المنصب، ويجب أن يكون معروفا على الصعيد العام من حيث مساره، دراساته، ووظائفه، وما كان يشغله قبل أن يعتلي ذاك المنصب، بالإضافة إلى مراعاة الكفاءات والتوزيعات الجغرافية للوجوه الجديدة؛ لتشمل جميع القطاعات والمحافظات، فكل محافظة من محافظات الأردن تزخر بالكفاءات، ورجالات الوطن المخلصين أصحاب السمعة الطيبة المحملين بالإنجازات الكثيرة لهذا البلد الطيب.لا نستطيع التعميم؛ فالتشكيلة الجديدة للوزراء لا بدّ وأنها تحمل أشخاصاً أكفّاء يحملون همّ الوطن وهمّ الشعب، أو على الأقل نحن نأمل فيهم ذلك، فقد مللنا تلك التعديلات المتكررة والفشل الوزاري المستمر، فقد أدخلت الشعب في متاهات أوصلته إلى عدم الثقة بأيّ حكومة قادمة، لأنّ إنجازاتهم ما هي إلاّ قرارات آنية لتخدير الشعب، تفتقر للتطبيق الفعلي، سيما وأنّ الوعود المتكررة لإغلاق ملفات الفساد المتراكمة ما هي إلاّ حبر على ورق أدت إلى تفشّي الفساد وزيادة نفوذ اصحابه على حساب المصلحة العامة.في النهاية يجب أن نعلم جميعنا بأنّ الوطن بحاجة ماسة إلى وزراء أصحاب موقف حازم؛ قادرين على اتخاذ القرارات وخدمة الوطن، وتقديم الأفضل له، لا يقبلون المساومة عليه، يقدّمون بإخلاص بعيداً عن كل الحسابات والمصالح والكراسي والمناصب، والتي لا تدوم لأحد.أ.د. صلحي الشحاتيت
مشاركة :