يوما تلو آخر، يأخذنا الإِزْوِرَار نحو دروب ضيقة، يوما تلو يوم، تنفصل أحلام الفتى عربي في "رؤية وشم دولة قوية على ساعده" عن الواقع البغيض. وبينما يواظب "عربيُّ" تيسير، على شتم النهار وطرفي الجسر، يتفاقم حجم حشية القش حيث لم تعد تكفي للكمات الجنرال الأعور والجنرالات من بعده. يوما بعد يوم، وعاما تلو عام، تتخافت أصوات العروبة والحرية والنهضة، تتضاءل اللعنات على قوى الشر التي تستلذ بالقهوة على مشارف الهزائم والإقتتال.«طاف رجلٌ معظم بلاد العالم، ورأى كثيرًا من الكوارث إلّا أنه لم ير شعبًا بأكمله يغرق في الحزن مثل شعبي» قال عربي، ثم نفث طويلاً من سيجارته التي تحترق على مهل وهو يروي لنا كيف استمع "لخطباء الحزب وهم يحددون أعداء الأمة". حتى الآن، لم يدرك أحدٌ مغزى كلامه المتهكّم، " إنه يكره جداً أن يذهب ليرى الشعراء الذين يضربون الأرض بأرجلهم، فالإستعمار في الحقيقة ليس تحت أرجلهم".الخطيئة اليوم يا عربي، أكبر وأعظم من يومك ذاك. لم يعد أحد يلتفت للكمات. لقد احترف الناس حشو المخدات واعتنوا بذلك جيدا. لم يفعلوا سوى أن هيأوا أهدافا للكمات جديدة.ما زلنا يا عربي تيسير، نغرق في الحزن وفي الفرقة. ما زلنا نثابر على تهيئة الأهداف للرماة ونواظب على ذلك كيلا يسمنا الناس بالمتقاعسين والكسالى. لسنا بذلك، نحن الذين لم تقل عنهم شيئا في "أنت منذ اليوم" ولا في "هندي احمر". في الحقيقة لم يكن في حواف روائعك موضع كلمة لنا. ماذا لو عدت اليوم لتكون أنت، ماذا ستقول عن دأبنا على الفرقة واستمراء الهزائم ونفض الثياب من مبادىء الهوى العروبي.الألمُ، يا عربيّ، جدُّ موجع. قوى الشر تنتهك أحلامنا وتصادر أسباب يقظتنا ونحن أكثر تيهاً وأشد شرودا. إعلم يا عربيَّ تيسير، إعلم يا أيها الجميل البعيد، أن المريدين للفُرقة في بلاد العرب يتكاثرون، ويأبون على الفتية الحلم، والنهوض، ويكرّسون مشاريع التراجع، واعلم كذلك، أننا دون الإلتفات لأرواح الشهداء وطلائع البناة وبواعث النهضة ومفتتح الديمقراطية نحو الإتزان في السياسة والإقتصاد والثقافة، لن يستفيقَ لنا نوّام.سلام عليك يا عربي، يا أيها الجميل البعيد...
مشاركة :