لا تأكل ولا تشرب ولا تموت !

  • 10/23/2013
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

توجد في مدن ومحافظات المملكة الكبرى والمتوسطة والصغرى أراضٍ بيضاء شاسعة المساحة، لو تم تقدير قيمتها السوقية في أصغر المدن والمحافظات، لكان إجمالي قيمة بيع تلك الأراضي في أمثال تلك المدينة أو المحافظة عشرات المليارات، أما إن تم حصر وتقدير أقيام الأراضي البيضاء في مدينة كبرى مثل الرياض أو محافظة كبرى مثل جدة، فإن إجمالي قيمة تلك الأراضي في كل واحدة منها تقدر بعدة ترليونات! وهي أراض آلت إلى ملاكها بطرق شتى، من بينها المنح والإحياء والشراء المباشر من الملاك السابقين، ومعظم هؤلاء الملاك غير محتاجين لاستغلال أراضيهم في مجال الاستثمار العقاري عن طريق بنائها عمارات أو شققا سكنية أو مكاتب أو محلات تجارية، ولذلك فهم يتركونها لعشرات السنين خالية من أي مظاهر التنمية والتطوير؛ لأنها على ــ حد قولهم ــ «لا تأكل ولا تشرب ولا تموت»، ومع ذلك تزيد قيمتها عاما بعد عام، وربما يرحل الجيل الذي تملكها، فتؤول ملكيتها إلى الأبناء والأحفاد والأسباط الذين قد يتقاسمونها ثم يبقونها بيضاء أو يستثمرونها في البناء أو يبيعونها على مستثمر حسب سعر السوق، وهذه الأراضي البيضاء قدرت في مدينة كبرى مثل الرياض ــ على سبيل المثال ــ بأنها تساوي سبعين في المائة من مجموع مساحة الأراضي في العاصمة، أي أن المبني من المساحة هو ثلاثون في المائة والباقي أراضٍ بيضاء، بعضها ذات مواقع استراتيجية تساوي الواحدة منها مئات الملايين من الريالات، وقد أدى هذا الاحتكار للأراضي البيضاء من قبل ملاكها إلى ضغط على الأراضي المعمورة، بما فيها من وحدات سكنية ومحلات تجارية، وأصبح الطلب أكثر من العرض، فأخذت الإيجارات ترتفع وأسعار الأراضي المعروضة للبيع ترتفع، ونتج عن ذلك مشاكل اجتماعية صعبة بل وخطيرة، ولذلك اتجه التفكير نحو إيجاد إجراءات تشجع أو تجبر ملاك الأراضي البيضاء، ولا سيما ذات المساحات الشاسعة منها الزائدة عن حاجة أصحابها، ومن تلك الإجراءات إلزام أولئك الملاك بدفع زكاة سنوية عن أراضيهم البيضاء حتى لو كانت قيمتها مليار ريال حسب سعر السوق؛ لأنها تعتبر نوعا من عروض التجارة، أو أخذ رسوم سنوية لا تقل عن واحد في المائة من قيمة كل أرض بيضاء غير مستثمرة، ويتوقع العقاريون والاقتصاديون أن يكون الناتج الإجمالي للزكوات أو الرسوم مئات المليارات سنويا، وأنه يمكن عن طريقها تشجيع استثمار الأراضي البيضاء، فلا تبقى مددا طويلة دون استثمار، إضافة إلى إغناء ملايين الفقراء والمستحقين للزكوات والصدقات من ريع تلك الأراضي البيضاء في حالة تمسك أصحابها بها لسنوات طويلة؛ لأنهم يعلمون أنهم حتى لو دفعوا زكاة أو رسوما لمدة عشر سنوات، فإن سعر الأرض سوف يتضاعف مرتين ــ على الأقل ــ خلال المدة نفسها، ويكونون بذلك قد طهروا أنفسهم وأراضيهم بدفع زكاة أو رسوم عنها، أو استثمروها بالبيع أو البناء فاستفادوا وأفادوا.. فمن يعلق الجرس؟!.

مشاركة :