أكد المشاركون في جلسات النقاش للدورة الـ22 في مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة أمس، أن على العلماء والفقهاء العمل بمقتضى الشريعة الإسلامية في مسائل الاجتهاد، ومراعاة ظروف الزمان والمكان عند إصدار الفتاوى، لتحقيق الاستقرار والوئام في المعاملات ودرء المفاسد، مشددين على القضاة بضرورة مراعاة الأحكام المناسبة، ومراعاة الأعراف والعادات وتطورات الأحداث، وذلك عند الحكم في التعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر الناتج من الجناية أو الشكوى الكيدية. وعُقدت الجلسة برئاسة المفتي العام للمملكة رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وتمت خلالها مناقشة الموضوع الأول من مواضيع الدورة وذلك بعنوان «التعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر الناتج عن الجناية أو الشكوى الكيدية»، وعُرضت خلالها خمسة بحوث في الموضوع تمت مناقشتها. وبيّن المشاركون في الجلسة أن الشريعة الإسلامية ممثلة بالفقه الرصين ذات الشمول والتطور في مجالات الاجتهاد المبني على قداسة النصوص الشرعية الخاصة والعامة الكلية، تراعي ظروف الزمان والمكان، لانتزاع الأحقاد وتصفية رواسب الخصومات القائمة على الحق المادي والمعنوي في الأصل، والناشئة عن أهواء النفوس وشهواتها بمحاولة دفع الضرر، وتسوية الخلافات المادية والأدبية. وأضافوا: «يتبين من التحقيق أن الأضرار الأدبية في اجتهاد مستحدث أخذت به بعض القوانين العربية، والقضاء العادل النزيه هو الكفيل برأب الصدع، وإنصاف المظلوم ورد الاعتداء وتأديب المعتدين، بروح متعالية متساوية وإخلاص في العمل، ويكون أمام القاضي العدل مهام دقيقة وكبيرة بإصدار الأحكام المناسبة التي تنبع من مقاصد الشريعة ومراعاة الأعراف والعادات وتطورات الأحداث في كل عصر وزمان ومكان». وأوضحوا أن عناصر الموضوع خمسة تبدأ بالتعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر، بسبب الاعتداء على النفس أو الكرامة الإنسانية، التي لا تعويض فيها بالمال مهما كان حجمه، والتعويض المادي عن الضرر الأدبي أو المادي غير المباشر بسبب الاعتداء على الممتلكات، والتعويض عن نقص قيمة العين بعد إصلاح الضرر، إضافة إلى التعويض عن منع الانتفاع بها «الكيدية»، والتعويض المادي عن أثر الشكوى والتعويض عن أثر المماطلة في الخصومات غير الديون. وأكدوا أن الفقه الإسلامي فرق بين التعويض عن الضر المالي، والتعويض عن ضرر البدن، فأوجب المماثلة في الأول من دون الثاني في ما عدا القصاص. وتطرق الباحثون إلى حكم التعويض عن الضرر المادي غير المباشر الناتج من كيدية، وشمل حكم التعويض عن المدة التي تعطل فيها كسب جناية أو شكوى المجني عليه إذا كانت الجناية تسببت في تعطله عن العمل وفوتت عليه فرصة منعها إلى الإضرار بالإنسان والكسب المشروع، وكذا التعويض عن منع منفعة، سواء في جسمه أم ممتلكاته. إلي ذلك، اعتبر عضو مجمع الفقه الإسلامي مفتي الديار المصرية سابقاً الشيخ الدكتور نصر فريد محمد واصل أن دعاوى الجهاد الظاهرة أخيراً، في مواطن القتال بسورية والعراق وغيرهما بالدول العربية محاربة في سبيل الشيطان، إذ ليس ذلك بجهاد تحت لواء داعش وأخواتها على وصفه. وأكد خلال حديثه لـ«الحياة» على هامش الدورة 22 لمجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة، أن تنظيم داعش وما وافقه في سورية والعراق وغيرهما من الدول العربية لا يعرفون عن الإسلام شيئاً، ويجهلون شريعة الجهاد أيضاً، مضيفاً: «الجهاد هو ما يحقق الأمن والسلام، ومن يدعو إلى الجهاد في سورية تحت لواء داعش وأخواتها، هم لا يعرفون عن الإسلام شيئاً ولا عن الجهاد شيئاً ويحاربون في سبيل الشيطان». وقال واصل إن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بقصر الفتوى على العلماء والمتخصصين تأتي لسد الباب على الجهلة والمغرضين الفاسدين للدين الإسلامي، مشيراً إلى أن بعض الجماعات الإرهابية استغلت الفتوى لأغراض مفسدة على المجتمع، وأشعلت الحروب في بلاد المسلمين. وأضاف: «النار عندما تشتعل بسبب شرارة من جاهل أو قاصر، فإنها ستقضي على الجميع بمن فيهم المخلصون، ومن هنا دعوة الملك سلمان في كلمته إلى قصر الفتوى على العلماء والمتخصصين هو سد الباب على هؤلاء الجهلة والمغرضين المفسدين الذين أفسدوا في الأرض، وأشعلوا الحروب في الدول العربية بفتاواهم، وأدخلوا المغرضين من أعداء الأمة في إفساد بلاد المسلمين، وتمويل الجماعات الإرهابية من المخابرات الأجنبية التي تعادي المسلمين». وثمن عضو مجمع الفقه الإسلامي مفتي الديار المصرية سابقاً كلمة الملك سلمان في افتتاحية الدورة 22 لمجمع الفقه الإسلامي، والتي اعتبرها دعوة كريمة لقصر الفتوى على المتخصصين، إذ تفضي بدورها إلى السلام في كل دول العالم.
مشاركة :