لأننا شعوب تستكثر أن ترسم ضحكة على وجهها، باتت الكآبة هي التي تسيطر، صحيح أن هناك ضغوطا اجتماعية وحياتية تدفعنا إلى الانقباض أو الضيق، لكن هذا لا يعني أبدا أن نتجهم أو “نكشّر” انطلاقا من المقولة الشعبية التي تتذكر دائما أن الضحك يقلل من الحياء، ولا تعرف أبدا أن “تبسمك في وجه أخيك صدقة”. لهذا، نبدو متشائمين ونحن نضحك على نكتة عابرة، أو نعتبر صاحب “خربشات” باسمة، أنه خال من الهموم أو المشاكل، حتى وأننا بعد حفلة ضحك وابتسام عابرة، ندعو الله بأن يجعله خيرا، وحتى الآن لا أعرف لماذا حتى في عاميتنا المصرية نردد عبارة “مت من الضحك”؟ أو لماذا نقرن الموت دائما بلحظة باسمة نخرج فيها عن مآسينا أو أحزاننا؟ وكأننا نستكثر على أنفسنا حالة متفائلة أو فيها بعض النسيان. مع أن كثيرا من الدراسات تؤكد أن الضحك يطيل العمر. ربما يكون ربط الضحك بالموت، دون غيره، نوعا من الإيمان الأخروي أو بأن لا جدوى من حياة قصيرة ستنتهي في لحظة ما، ولهذا كان تقديس أجدادنا الفراعنة لهذه الحقيقة والتذكير بها، يفوق كل إبداعات الحياة والخلود التي رسموها لأحفادهم وتركوها لتكون شاهدا على حزن دفين وعميق. قد يكون صحيحا ما ذكره لنا التاريخ عن أسماء بعض المشاهير، ممن فارقوا الحياة بسبب الضحك، منهم الرسّام الإغريقي زيوكس، الذي مات عقب إصابته بنوبة ضحك تملكته خلال رسم لوحة لامرأة عجوز، وحينما انتهى من الرسم قارن بين الأصل واللوحة، فأغرق في ضحك هستيري أودى بحياته.. بالتأكيد لأن جمال اللوحة فاق دمامة الشكل. مما يُحكى أيضا، أن الفيلسوف الإغريقي خريسيبوس (280 ـ 206 قبل الميلاد)، والذي يُعتبر ثالث كبار الفلسفة الرواقية، كانت نهايته على يد نوبة ضحك، سقط إثرها جثة هامدة. ويُقال إنه ثمل وهو في سن الـ73 أثناء حضوره حفلة لشرب النبيذ الخالص (حيث كان الإغريق يخلطون النبيذ بالماء في ذلك الوقت)، ثم رأى حماره يأكل بضعة حبات من التين، لم يستطع تمالك نفسه ودخل في نوبة من الضحك الهستيري وصرخ “أعطوا هذا الحمار كأسا من النبيذ الخالص ليغسل فمه من التين”، وظل يضحك على الحمار وهو يمشي مترنحا ويصطدم بما حوله، حتى سقط أرضا. مات الفيلسوف إذا.. وعاش الحمار!
مشاركة :