شبّت النار يوماً في زريبة تخص بيت الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل) فهرع الخدم يخبرون أن الحمار يأبى الخروج فماذا نفعل لقد قارب الحمار أن يحترق. السيئ في الحريق أن الزريبة كانت تضم حماراً عنيداً مع بقية الحيوانات المسالمين الذين هربوا من الحريق غير مبطئين ومترددين فقد اتبعوا آليات الغريزة ولكن الحمار أبى! يقول الفيلسوف كان أفظع ما يمكن تصوره صعوبة سحب الحمار من نيران قاربت أن تلتهمه. كان الحمار يرفض أن يخرج، فلم يكن أمام الخدم إلا اقتياده بالقوة والحبال الغليظة من حجرة النيران إلى فضاء النجاة والحرية. هنا العناد عند الحمار مفهوم لأنه لا يعقل، ولكن ما يصعب فهمه على البشر هو عنادهم أمام نائبات الأمور فلا تتغير مواقفهم، كما في بشار الكيماوي الذي يذكر بقصة أشعب؛ فقد حاصره الأطفال يوماً فأزعجوه فتفتق ذهنه عن فكرة رائعة لصرفهم فقال: يا أطفال لقد سمعت أن بالحارة الفلانية مأدبة ووليمة، وهي ترحب بالأطفال فتعطيهم السكاكر والحلوى؟ هز الأطفال رؤوسهم بالاستحسان ثم مضوا قد أطلقوا سيقانهم للريح. بعد قليل جاء فوج جديد من الأطفال المشاغبين. فعل أشعب بهم ما فعل بالأولين فصرفهم. ثم التفت إلى نفسه فقال يا أشعب وما يدريك فلعلها فعلاً وليمة هناك، ثم ما لبث أن تبعهم وقد صدّق ما كذب به على الأطفال. وبشار الكيماوي فعل نفس الشيء فقد اخترع كذبة الإرهابيين وفعلاً فقد جاء الإرهابيون، فهو مبلس حيران ماذا يفعل؟ قصة الحمار وقصة أشعب ترويان آليات نفسية لمعالجة الأمور المستعصية التي تواجه الإنسان كي يهتدي إلى الحل؟ هناك طريقان للحل الأول هو المواجهة السليمة، وفهم ما يحدث فعلاً، والاعتراف به فهو سيد الفضائل، أو العناد وركب الرأس على طريقة حمار الزريبة، ثم التصرف بعيداً عن العناد والكذب والوهم. وبشار الكيماوي أقنع نفسه وأقنعه من حوله أنه منزه عن الخطأ والخطيئة، ويصلح أن يحكم الإنسانية. هكذا قاله له كذاب أشر في ناديهم عفواً مجلس القرود المسمّى مجلس الشعب. نفس ماكرره فرعون من قبل فقال ما علمت لكم من إله غيري. يقولون عن (بن علي) التونسي إنه كان أفضل من تصرف فهرب بأطنان الذهب مع عروسته الطرابلسية ووفر دماء التوانسة. وهناك من يقول لقد أنذره الجيش أن يغادر. النتيجة واحدة هي أن التوانسة قاموا بتجربتهم ونجحوا حتى حين. أذكر جيداً من مجلة در شبيجل الألمانية حين استعرضت ما يحدث في العالم العربي؛ فقالت إن القذافي الليبي المهرّج الدموي، والكيماوي السوري من فصيلة السنوريات، اشتقاقهما من فصيلة واحدة، وأتباعهما من قطيع متشابه متجانس، وستكون النتيجة دموية جداً. وهذا ما كان. أذكر جيداً (تركي الدخيل) وهو يسألني في برنامجه إضاءات: أنت من ينادي بالسلام والتغيير السلمي كيف ترى مجريات الأمور؟ كان جوابي إنه مخاض عسير، ولكنني أرى أن التغيير السلمي هو الحل، لأن طريقة الحمار في مواجهة الحريق في الزريبة، ستنتهي بحريق الزريبة والحمار معاً، كما جاء في قصة حمار الفيلسوف برتراند راسل. وهذا ما سينتهي إليه مصير بشار الكيماوي. (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين).
مشاركة :