في زيارتي الأخيرة لإحدى الدول الخليجية جال في مخيلتي الاستفسار عن شروط فتح مكتب محاماة سعودي بنسبة 100% هناك، فما كان مني إلا الانتقال بين الإدارات ذوات العلاقة وجمع المعلومات اللازمة، وتلخصت النتيجة في صعوبة بالغة لأي مكتب سعودي يريد افتتاح مكتب محاماة في هذه الدولة، وذلك للمبالغة في اشتراطات كثيرة تمنع إتمام التسجيل. وإحقاقا للحق لم ينتبني أي نوع من الإحباط، حيث إن الفكرة لم تكن جادة لدي للقيام بهذه الخطوة، ولكنني في المقابل انتابني شعور بالحزن عندما تذكرت العدد الكبير من المكاتب الأجنبية التي تتجول دخولا وخروجا للسوق السعودي، مستفيدة من هذه الطفرة الاقتصادية في سوق المحاماة في المملكة، فما كان مني إلا أن شرعت بصياغة هذا المقال، مسلطا الضوء على تجربة المكاتب الأجنبية في المملكة، ومفصلا فيما لها وما عليها خلال عملها في سوق المحاماة المحلي. كما أنني حرصت على تسليط الضوء على تجربة مكاتب المحاماة العالمية في المملكة منذ ولادة تجربة الاستعانة بالمكتب الأجنبي في السوق السعودي، وتقييم هذه التجربة بما لها وما عليها، من حيث قياس مدى استفادة كل من السوق المحلي لمكاتب المحاماة السعودية من تطوير للمهنة والمهنيين المنتسبين لها، إضافة إلى الفائدة العائدة على الاقتصاد السعودي كمردود من سوق الاستشارات القانونية الذي يعتبر سببا رئيسا في كل دول العالم المتقدمة لدفع عجلة الاقتصاد ودعم بيئة الأعمال في المجتمعات التي تولي اهتماما حقيقيا بالاقتصاد ودوره في بناء الوطن. سأتناول الموضوع وفق عدد من المحاور، والإسهاب بما يوصل الصورة الكاملة عن هذه المكاتب في السوق السعودي، لتتجلى الفائدة من هذا المقال للقارئ الكريم. مكاتب المحاماة الأجنبية: هي تلك المكاتب المحترفة القادرة على تقديم الدعم القانوني الكامل، بما فيه الأعمال القانونية التجارية التي يطلق عليها (Corporate) للشركات المحلية والعالمية في المملكة العربية السعودية، وتتضمن العديد من التخصصات حسب أفرع القانون المختلفة، كقانون البنوك والقانون البحري وقانون الطاقة، إضافة إلى الشق التجاري المحترف لدى هذه المكاتب المحترفة، والتي يمتد بعضها لأكثر من 200 عام وكانت النواة الأولى لها في مدينتي لندن بالمملكة المتحدة ومدينة نيويورك، حيث إنه ووفقا لمحركات البحث المعتمدة فإن أكبر 100 مكتب محاماة في العالم تتضمن في غالبيتها مكاتب بريطانية وأمريكية، ويبلغ العدد الإجمالي للمحامين في بعض هذه المكاتب 4000 محام موظف ومحام، مما يبين القدرة الهائلة لدى هذه المكاتب وفروعها على مستوى العالم. طبيعة وجودها في المملكة: هي تلك المكاتب المحترفة القادرة على تقديم الدعم القانوني الكامل، بما فيه الأعمال القانونية التجارية التي يطلق عليها (Corporate) للشركات المحلية والعالمية في المملكة العربية السعودية، وتتضمن العديد من التخصصات حسب أفرع القانون المختلفة، كقانون البنوك والقانون البحري وقانون الطاقة، إضافة إلى الشق التجاري المحترف لدى هذه المكاتب المحترفة، والتي يمتد بعضها لأكثر من 200 عام وكانت النواة الأولى لها في مدينتي لندن بالمملكة المتحدة ومدينة نيويورك، حيث إنه ووفقا لمحركات البحث المعتمدة فإن أكبر 100 مكتب محاماة في العالم تتضمن في غالبيتها مكاتب بريطانية وأمريكية، ويبلغ العدد الإجمالي للمحامين في بعض هذه المكاتب 4000 محام موظف ومحام، مما يبين القدرة الهائلة لدى هذه المكاتب وفروعها على مستوى العالم. من واقع التجربة والمتابعة لعمل المكاتب الأجنبية في المملكة، يتضح أن وجود المكاتب الأجنبية عن طريق الشراكة مع مكتب محلي في المملكة ينحصر في طريقتين: التحالف (Alliance): وهو أن يقرر المكتب الأجنبي افتتاح فرح مستقل في إحدى المدن السعودية، ويضع الميزانية اللازمة لذلك الفرع، ويبحث عن الشريك الملائم الذي يقبل بالشروط الاحتكارية التي يمليها المكتب الأجنبي. وتكون الآلية غالبا بعرض الشراكة على محام سعودي مرخص بأن يتم منحه راتبا شهريا، إضافة إلى تغطية كل مصاريف مكتب الشريك السعودي، على أن يؤمن الشريك السعودي مجمل الكفاءات الوطنية اللازمة التي ستؤدي دور العمل الميداني، إضافة إلى الأعمال التي تحتاج لغة عربية محترفة، بجانب أعمال البحث القانوني في المحتويات العربية، وفي المقابل يحتفظ المكتب الأجنبي بكامل الحق ووضع الاستراتيجيات والخطط والأسس التي يقوم عليها المكتب، وتكون غالبا انعكاسات لسياسات المكتب الخارجية في المكتب الرئيس. وفي هذه الحالة يذكر المكتب الأجنبي في موقعه الالكتروني فرع المملكة العربية السعودية مع وضع عنوان المكتب وصورة واسم الشريك السعودي بمسمى شريك إداري في فرع المكتب الأجنبي في المملكة. كما يجري وضع مسمى أحد الشركاء الأجانب بجانب الشريك السعودي بمسمى شريك في المكتب السعودي، دون الإشارة إلى أسماء أعضاء المكتب السعودي المعينين في الأساس تحت اسم المكتب السعودي، ولا علاقة تعاقدية لهم مع المكتب الأجنبي، وهو الأمر الذي يعد مخالفة صريحة لنظام المحاماة ونظام العمل كما سنبين لاحقا خلال هذه الدراسة. التعاون (Affiliation): وهي الآلية السابقة نفسها في التحالف مع اختلاف طفيف، هو أن المكتب الأجنبي لا يكون له تواجد حقيقي داخل المملكة كموظفين وفريق عمل، بل يكتفي بوضع لوحة المكتب والعمل على مطبوعات المكتب الأجنبي بالإشارة للشريك السعودي كمكتب متعاون. المشكلة الرئيسة في هذا النوع من التعاون أنه يوحي للعملاء بأن المنظومة القانونية محترفة ودولية، باعتبار أن بعض العملاء تجذبهم المسميات الأجنبية الرنانة التي توحي بوجود شريك أجنبي، وهو الأمر الذي يفتقر إلى الصحة في غالب التحالفات القائمة حاليا. فوائدها: تتجسد الفائدة الأساسية من وجود المكاتب الأجنبية في المملكة في جزئية واحدة فقط، وهي أداء الأعمال التي تحتاجها المنظومات التجارية بأعلى درجات الاحترافية المطلوبة. فكم الأعمال المحال للمكاتب الأجنبية لا يمكن أن تحتمله وتتولاه المكاتب المحلية على الوجه المأمول، وذلك يعود لقلة فريق العمل والخبرات المطلوبة لأداء هكذا أعمال. وجود اتزان مالي عال بسبب كم التدفق للأعمال المحالة إليها، مما يمنح هذه المكاتب الأجنبية ميزة عن المكاتب المحلية فيما يتعلق بالأمان الوظيفي لفريق العمل، باعتبار أن الدخل الكبير لهذه المكاتب لا يثنيها في عملية التوظيف واستقطاب أي كفاءة مطلوبة، وأداء التزاماتها تجاه القوى العاملة لديها. نقل جزء بسيط من خبراتها العالمية والسياسات المتبعة لديها لجزء من موظفيها المحليين، مما قد ينعكس بشكل أو بآخر على أداء المهنيين السعوديين العاملين في هذه المكاتب، مما قد ينتج عنه تطور ملحوظ في المهنة حال افتتح هؤلاء المهنيون السعوديون مكاتبهم الخاصة على غرار المكاتب الأجنبية التي عملوا فيها. جلب جزء لا بأس به من الاستثمارات الخارجية إلى داخل المملكة، سواء من المكاتب الرئيسة في بريطانيا أو أمريكا أو عن طريق المكاتب الإقليمية في دول الخليج في دبي والبحرين. عيوبها: الاحتفاظ بالمعلومة والمعرفة، المتعارف عليه بمصطلح (Know How): دأبت هذه المكاتب في تعاملاتها وإنجازها للأعمال على السرية المطلقة، وذلك بأن يلتزم المحامي الأجنبي بالقيام بالأعمال المحالة إليه بكل كفاءة ودقة، والاكتفاء بإعطاء جزء من المعلومة للمحامي المتدرب لأغراض جلب المعلومات المطلوبة من الجهات الحكومية ذات العلاقة. وعليه فإن المتدرب لن يطور مهاراته على الوجه المطلوب، باعتبار أن العمل المحال إليه هو العمل الميداني الروتيني فقط، مما سيقتل حس التطور والطموح لدى الممارس القانوني المبتدئ. احتكار نسبة كبيرة من سوق الأعمال في المملكة: على ضوء الممارسة والاحتكاك بهذه المكاتب العالمية يتضح جليا اعتمادها بشكل كبير على علاقاتها العالمية في جلب الأعمال للمكتب السعودي من الخارج أو من علاقاتها بالقيادات التنفيذية في الشركات الأجنبية في المملكة، باعتبار أن الآلية المتبعة لدى المستثمرين الأجانب الباحثين عن مكاتب لإدارة مصالحهم في المملكة هي التوجه لفرع المكتب الأجنبي في دولة المستثمر، وتسليمه المعاملة ويتم تحويل العمل المطلوب للمكتب السعودي لإتمام العمل. وهو الحال أيضا في حال رغبت الشركات الأجنبية في المملكة بالتعاقد مع مكتب محاماة، فالشركة الأجنبية الأم تتعاقد مع المكتب الأجنبي الرئيس، ويجري إنهاء التعاقد وسداد الأتعاب خارج المملكة، وإحالة الملف للمكتب السعودي للقيام بالأعمال فقط، مما يعد تسربا هائلا لهذه الأموال التي كان من الممكن أن تضخ في الاقتصاد السعودي إن أودعت داخليا من البداية. عليه فإنه من الصعوبة بمكان للمكاتب المحلية اختراق هذا الحاجز جراء استخدام مكاتب المحاماة والشركات الاستثمارية العالمية في المملكة علاقاتها الخاصة في الأعمال وإحالتها والتعاقد عليها. تسرب أرباح طائلة (الأتعاب المهنية) خارج المملكة: لو قمنا باعتماد العدد المعتمد من خلال البحث في محركات البحث القانونية عن المكاتب الأجنبية في المملكة، والمبين لعدد فروع المكاتب الأجنبية في المملكة، نجد أن العدد المبدئي والقابل للزيادة هو (45) فرعا لمكتب أجنبي (دون الوضع في المعادلة المكاتب التي تتعامل مع مكاتب سعودية بمواضيع متقطعة وهي كثيرة)، ومتوسط عدد المحامين في هذه المكاتب 25 محاميا ومحامية. ولو علمنا أن هذه المكاتب تعتمد في عملها بنظام الساعات المفوترة للعميل، مما يعني أن كل موظف مطالب بفوترة 6 ساعات مفوترة يوميا على عملاء المكتب نخلص للنتيجة التالية: وهو الناتج الكلي لأتعاب الاستشارات السنوية لهذه المكاتب. علما أن هذا الرقم بسيط لو أضفنا إليه القيمة الكلية لكل الخدمات الأخرى كالتقاضي والمشاريع القانونية التي تشرف عليها هذه المكاتب سنويا، والتي تسرب في إجماليها لحسابات المكاتب الأجنبية في الخارج. المخالفات: كنتيجة حتمية لوجود المكاتب الأجنبية في المملكة بهذه الصورة الضبابية، فقد أدى ذلك إلى عديد من المخالفات للأنظمة المرعية في المملكة، تتعلق بإهمال المكاتب الأجنبية اتباع الإجراءات الحكومية لتصحيح وجودها كشركات أو مكاتب مهنية تعمل تحت مظلة جهة معتمدة، وتتلخص هذه المخالفات فيما يلي: مخالفة نظام المحاماة: تتعمد بعض مكاتب المحاماة في مواقعها الالكترونية الإشارة إلى أعضاء مكتب السعودية، وتضع اسم أحد الشركاء الأجانب بصفته شريكا في المكتب السعودي، وهو الأمر الذي يعد مخالفة صريحة للنظام، باعتبار أن نظام المحاماة في مادته الثالثة اشترط على من يمارس مهنة المحاماة أن يكون سعودي الجنسية، وبناء عليه فإن كل من يرغب في الدخول كشريك في شركة محاماة مهنية يجب أن يكون مرخصا كمحام من وزارة العدل، ووفقا للاشتراطات الصادرة من الوزارة بهذا الخصوص. وعليه فإن المكاتب الأجنبية أطلقت هذه المسميات المخالفة للنظام دون أي تقدير لأنظمة الجهة التي تعمل تحت مظلتها. مخالفة نظام التأمينات الاجتماعية: باعتبار أن المكتب الظاهر في مواجهة كل الإدارات الحكومية هو المكتب السعودي، وعليه فإن عمل المكتب بمطبوعات واسم المكتب الأجنبي وما يقابله من تسجيل للموظفين الوطنيين باسم الشريك السعودي يعد خللا في تعامل المكتب مع مؤسسة التأمينات الاجتماعية في الدولة. مخالفة نظام الهيئة العامة للاستثمار في المملكة: يعد وجود المكاتب الأجنبية وعملها بكامل فريق عمل وبمطبوعات رسمية للقيام بالتعاقدات التجارية دون الحصول على إذن رسمي من جهة الاستثمار في المملكة وإصدار الترخيص اللازم تعتبر مخالفة صريحة للنظام، حيث نصت المادة الثانية من نظام الاستثمار الأجنبي على أنه «يصدر لاستثمار رأس المال الأجنبي في أي نشاط استثماري بصفة دائمة أو مؤقتة ترخيص من الهيئة»، وهو الأمر الذي ينقص هذه المكاتب الالتزام به منذ وجودها في سوق العمل السعودي، مما يعد تهاونا في تطبيق الأنظمة الخاصة بالاستثمار في المملكة. مخالفة نظام الزكاة والدخل: بالنظر للوضع الحالي لعمل المكاتب الأجنبية في المملكة، يتضح أن قيم الزكاة والدخل التي تورد لخزينة الدولة يتم احتسابها بناء على أرباح ودخل المكتب السعودي، وفقا للمستخلصات الصادرة منه كمكتب مسجل في سجلات الزكاة والدخل، علما أن الأرقام المسجلة تعكس دخل المكتب السعودي وليس الدخل الكامل للشراكة غير المعلنة، باعتبار أن نسبة كبيرة من الأتعاب تودع إما لدى المكتب الأجنبي الرئيسي خارج المملكة أو أحد فروعه الإقليمية خارج المملكة، مما يجعل الأرباح المحتسبة لا تعكس الواقع الصحيح للقيمة الفعلة للمكتب الشريك مع الكتب الوطني. مخالفة نظام الزكاة والدخل: عدم وضوح آلية الإيداع النقدي وتوزيع الأرباح والتحويلات البنكية بين الشريكين المحلي والأجنبي: وفقا للآلية غير المعلنة بين المكتب السعودي والمكتب الأجنبي، هناك علامة استفهام وغياب للشفافية في كيفية استقطاع وتوزيع الأرباح بين الشريكين المهنيين. فالمكتب السعودي يقوم بالأعمال المحالة إليه من الشريك الأجنبي، والمكتب الأجنبي غير مصرح له بالعمل، وبالتالي لا يحق له فتح حساب بنكي لاستلام أي أموال. وعليه، فإن تقسيم الأرباح سيكون إما عن طريق إيداعها مباشرة من العميل الخارجي للمكتب الأجنبي الخارجي، أو عن طريق إيداعها في حساب المكتب المحلي وهو بالتالي يقوم بتحويلها خارجيا، مما ينبغي حصر هذه الممارسات وتقنينها ومراقبتها من جهات الاختصاص، للتأكد من أن رحلة نقل واستلام الأموال بطريقة شرعية وصحيحة وبحسب النظام المتبع في المملكة. أثر المكاتب الأجنبية على المكاتب المحلية وإمكانية المنافسة المتكافئة على الوضع الراهن: أدى وجود مكاتب المحاماة الأجنبية في المملكة إلى تأثير سلبي على مكاتب المحاماة الوطنية، من حيث إمكانية المكاتب المحلية منافسة هذه المنظومات العالمية بأي حال من الأحوال. فالمكاتب الأجنبية لديها من المقدرة المالية والإدارية على جلب أي كفاءة وطنية أو عالمية بأي قيمة كانت، وهو الأمر الذي لا يمكن للمكاتب المحلية مجاراته بأي حال. أصبحت مكاتب المحاماة العالمية المحترفة هي السبيل الأمثل للشركات المستثمرة والوطنية الكبرى، إضافة إلى بعض الجهات الحكومية في المملكة حال رغبت في التعاقد مع مزود خدمة قانونية، بل وباتت تشترط هذه الشركات والجهات الحكومية أن يكون لدى مزود الخدمة المحلي شراكة مع جهة عالمية، لضمان جودة الخدمة وكدليل على احترافية المكتب المحلي، مما يصدر حالة من الإحباط لدى المهنيين السعوديين العاملين بشكل منفرد، مما ستكون نتيجته حصر سوق الاستشارات القانونية بيد هذه المكاتب العالمية، وبمباركة من قاعدة الأعمال في المملكة. غياب الضغوطات عن المكتب الأجنبي يجعله يعمل بأريحية وكفاءة أعلى من المكاتب المحلية. فالشريك الأجنبي يعمل في السعودية دون أي اشتراطات والتزامات تعوق التطوير والنجاح في الأعمال الموكلة إليه، كالتزامات السعودة، والتأمينات، والزكاة والدخل، إضافة إلى اشتراطات الهيئة العامة للاستثمار الواجبة على الجهات المستثمرة في المملكة، مما يعطي ميزة للمكتب الأجنبي في العمل والاستفادة من مزايا المكاتب المحلية، مما يجعله بمنأى عن الاحتكاك المباشر مع أجهزة الدولة ذات العلاقة، وتكون النتيجة الحتمية لهذا الوضع أن المكاتب الأجنبية تكون هي الأقدر على الاستحواذ على المناقصات الحكومية والخاصة بالمشاريع القانونية الكبرى في سوق الاستشارات والعمل القانوني بالمملكة. ما الحل؟ وعليه، وحتى لا يصبح المقال سردا للمشكلة وإغفال الحلول، أقترح ما يلي كخطوة أولى في سبيل التصحيح الذي نرجوه، لدعم المكاتب المحلية في مواجهة عمالقة المحاماة من زملائنا من المكاتب الأجنبية الموجودين في السوق السعودي، والذين نسعد بوجودهم وبإثرائهم لبيئة العمل القانونية في المملكة بعد تصحيح بعض الملاحظات آنفة الذكر: 1 سرعة إقرار وتفعيل نظام الشركات المهنية في المملكة، وتطعيمه بآلية مناسبة لدخول الشريك الأجنبي والعمل بالمملكة بحصة لا تتجاوز 25% للشريك الأجنبي ابتداء، إلى أن يتم تقييم التجربة بشكل صحيح وعلمي وبعدها تدرس إمكانية رفع هذه النسبة تباعا. 2 وضع آلية مناسبة لدخول شركات المحاماة الأجنبية عن طريق الهيئة العامة للاستثمار، وبالتوافق مع رؤيتها في تمكين الجهات الرائدة والمفيدة للاقتصاد الوطني، بغرض بناء تنمية مستدامة تضيف للمنظومة الاقتصادية في المملكة. 3 سعودة وظيفة مدير المكتب الأجنبي في المملكة حال تم دخول المكتب الأجنبي عن طريق الهيئة العامة للاستثمار، وبالاشتراطات المرعية لدى الجهات ذات العلاقة. 4 دعم المكاتب الوطنية التي قامت بالتطوير والانتقال لمرتبة المكاتب المحترفة، وذلك بتطبيق الاشتراطات العالمية في المهنة، المزمع صدورها من إدارة تطوير مهنة المحاماة التي أشرنا إليها آنفا. 5 إلزام المكاتب العالمية في المملكة في وضعها الراهن بتقديم إقرارات الذمة المالية عن دخلها الحالي بالمملكة، ومراقبة التحويلات المالية وآلية تقسيم الأرباح مع المكتب السعودي الحليف بالمملكة. ختاما، آمل أن أكون وفقت في مقالي المتواضع في تسليط الضوء على خلل لمسته من خلال احتكاكي المباشر مع هذه المنظومات القانونية العالمية، من خلال ما استقيته من معلومات من زملاء لي بالمهنة يملكون هاجس التطوير نفسه للمهنة، لتصل للمكانة الحقيقية لمهنة المحاماة، ولتكون عونا وذراعا وعضدا للاقتصاد المحلي، وفقا للتحولات المباركة الحاصلة حاليا في المملكة. @Firastrabulsi1
مشاركة :