حذر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، السبت، من أن السودان يمر بمرحلة حرجة جدا، داعيا إلى دعم الحكومة الانتقالية إلى تجاوز المرحلة الراهنة. وجاء ذلك خلال خطاب جماهيري بثه التلفزيون الرسمي من مدينة شندي بولاية نهر النيل (شمال)، خلال تسلم البرهان وثيقة صلح قبلي، بحضور وزراء من الحكومة الانتقالية. وحكومة عبدالله حمدوك الراهنة هي أول حكومة في السودان منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل الماضي، عمر البشير من الرئاسة (1989- 2019)؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية. وأضاف البرهان “لدينا مشكلات في الوقود والخبز وفي كل شيء، لا بد أن نعمل سويا بيد واحدة وبقلب واحد، وما عندنا همّ غير إخراج السودان من مشكلاته”. ويعاني السودانيون صعوبات اقتصادية عديدة، وثمة صفوف سيارات مكتظة أمام محطات الوقود بسبب نقصه، وكذلك صفوف للحصول على الخبز في البعض من الولايات بينما انفرجت الأزمة نسبيا في الخرطوم، ويسجل الجنيه هبوطا مستمرا أمام الدولار، حيث بلغ سعره في تداولات الأسواق الموازية 80 جنيها. وزير الشؤون الدينية يقترح على لجان الثورة تغيير اسمها وخدمة المواطنين عبر مبادرات لتنظيف الشوارع وإنارة الأحياء بالإضافة إلى تفعيل دورها الرقابي ودعا الشعب السوداني إلى مساندة الحكومة الانتقالية ومحاربة مهربي الوقود والدقيق حيث قال “لجان الأحياء (لجان الثورة) لها دور كبير في مراقبة حصص الخبز والوقود، أي زول (شخص) ما عنده خير لا بد أن تقفوا ضده، لنحمي الثورة”. وتابع “نريد أن ننقذ البلد؛ لأنها تمر بمرحلة حرجة جدا، ونفوت الفرصة على المتربصين، ونوفر العيش ونحارب الفساد والمحسوبية والاحتكار وكل عادة سيئة كانت تمارس في الماضي”. ومضى البرهان قائلا “نحن جادين لإخراج بلدنا من الظلم والفساد.. الثورة السودانية تحتاج جهدكم جميعا، لا بد أن تلتفوا حول حكومة الفترة الانتقالية”. وبدأت في 21 أغسطس الماضي فترة انتقالية من 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي. وكان من المقرّر تشكيل البرلمان الجديد المؤلّف من 300 عضو في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام اتّفاق تقاسم السلطة الذي تمّ توقيعه في 17 أغسطس بين قادة الحركة الاحتجاجية والمجلس العسكري الذي تولى السلطة، لكن الحكومة دخلت في محادثات السلام منذ ذلك الحين. ووافقت الحركة الاحتجاجية، الخميس الماضي، على إرجاء تشكيل البرلمان لما بعد توصّل الحكومة الانتقالية إلى اتفاق سلام مع الحركات المسلحة المتمردة في ثلاث مناطق حدودية. وقال البرهان إن الحكومة تسعى إلى تحقيق السلام، ووجه رسالة إلى قيادات الحركات المسلحة المتمردة قائلا “تعالوا.. مرحبا بكم لتشاركوا في بناء السودان”. وتستضيف جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، في 21 نوفمبر الجاري، مفاوضات تهدف إلى إحلال السلام بين الحكومة و”الجبهة الثورية” السودانية، وهي تضم ثلاث حركات مسلحة. وجعلت حكومة حمدوك من التوصّل إلى اتفاق سلاما ينهي الصراع في مناطق الحرب الثلاث في البلاد أولوية. وقُتل المئات من الآلاف وشرّد ملايين آخرون منذ حملت مجموعات من أقليات عرقية في مناطق النزاع الثلاث السلاح ضدّ حكومة الرئيس المخلوع البشير -والمسجون حاليا في الخرطوم بتهم فساد- الذي ردّ على التمرّد بالحديد والنار. والبشير نفسه مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية ومقرّها لاهاي بتهم الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. من جهته، قال وزير الشؤون الدينية، نصرالدين مفرح، في كلمة له، “نحن أسرة واحدة ونعمل مع بعضنا البعض؛ مدنيين وعسكريين، لإنجاز مهام الفترة الانتقالية ولصنع مستقبل الوطن ولنضع أساسا للحكومة المنتخبة القادمة”. ودعا مفرح لجان المقاومة في الأحياء (لجان الثورة) لتغيير اسمها إلى لجان التغيير والخدمات وتقديم خدماتها إلى المواطنين عبر مبادرات لتنظيف الشوارع وإنارة الأحياء، إضافة إلى تفعيل دورها الرقابي. وتناقلت وسائل إعلام دولية، الجمعة، تصريحا منسوبا إلى وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي، قال فيه إن السودان بحاجة لنحو 5 مليارات دولار دعما للميزانية؛ ما يجعله يجهز لإلغاء دعم الوقود والأغذية. وتشمل السلع المدعومة في السودان: المحروقات (البنزين، الجازولين، وغاز الطبخ)، إضافة إلى القمح والأدوية. وتبلغ قيمة الدعم الحكومي للمحروقات مليارين و250 مليون دولار سنويا، فيما يصل دعم القمح إلى 365 مليون دولار، حسب إحصاءات حكومية سابقة. ويأمل السودانيون في أن تنجح الحكومة في إنهاء معاناتهم الاقتصادية والعبور نحو مرحلة استقرار اقتصادي، عبر استثمار موارد طبيعية يزخر بها بلدهم. وقال وزير المالية السوداني إن ميزانية 2020 ستتضمن أهدافا تنموية مستدامة للتعليم والرعاية الصحية والإنفاق الاجتماعي، ما يشي بأن السودان ربما يتحرك بعيدا عن هيمنة الإنفاق العسكري الذي يخنق التنمية.
مشاركة :