بغداد - وكالات: تجددت المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين في العاصمة العراقية بغداد وفي جنوب البلاد أمس الأحد، في حين أعلنت الرئاسات الثلاث سعيها لتشريع قانون جديد للانتخابات ينهي الاحتكار الحزبي. فقد تجددت المواجهات عند ساحة الخلاني القريبة من ساحة التحرير (وسط بغداد)، حيث تتواصل الاحتجاجات. وحاول المتظاهرون مجددا الوصول لساحة الخلاني لتوسيع الرقعة التي يعتصمون بها وسط الاحتجاجات التي تتركز في ساحة التحرير، لكن قوات الأمن تبدو مصممة على ردعهم وعزل الساحتين عن بعضهما البعض، ودارت مواجهات دامية بين الطرفين أمس في هذا السياق. وفرضت القوات الأمنية أمس طوقا أمنيا حول ساحة الخلاني لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة التحرير. ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر طبية أن سبعة قتلوا أمس في بغداد، وتوفي آخر في محافظة البصرة (جنوب) متأثرا بإصابة تعرض لها قبل أيام أثناء اعتصام أمام ميناء أم قصر. واستعادت قوات الأمن أمس السيطرة على ثلاثة جسور رئيسية في بغداد، عدا جسر يربط المنطقة الشرقية من العاصمة التي تضم أحياء سكنية وتجارية بمقر الحكومة عبر نهر دجلة. وقالت مصادر في محافظة النجف بالجنوب إن المتظاهرين أغلقوا أمس جسر مستشفى الصدر الرابط بين قضاء الكوفة ومركز المدينة، مضيفة أن أغلب المدارس استقبلت طلابها بعد أسبوعين من الإضراب الذي أعلنت عنه نقابة المعلمين العراقيين. وفي وقت سابق، قالت منظمة العفو الدولية -في بيان- إن ستة متظاهرين قتلوا مساء السبت عندما سعت القوات الأمنية لإخلاء ساحة الخلاني من المحتجين، في حين أصيب العشرات بجروح. وأضافت المنظمة أن بغداد والبصرة شهدتا يوما داميا بسبب ما اعتبرته استخداما مفرطا للقوة ضد المتظاهرين، وطالبت السلطات العراقية بالتدخل الفوري ووقف استخدام ما سمتها الأسلحة الفتاكة. وأكدت المنظمة أن عدد القتلى الذين سقطوا في مظاهرات العراق منذ اندلاعها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول بلغ 264 قتيلا. وشهدت مدينتا ذي قار والناصرية (جنوبي البلاد) صباح أمس مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، أصيب فيها عدد من المتظاهرين، كما جرى اعتقال عدد منهم. في تلك الأثناء، أعلنت الرئاسات الثلاث (الجمهورية والبرلمان والحكومة) بالعراق -في بيان- أن السلطات تعمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات يضمن تحقيق العدالة في التنافس الانتخابي، ويضع حدا لما وصفته بالاحتكار الحزبي. وجاء البيان بعد اجتماع عقده الرئيس العراقي برهم صالح في قصر السلام ببغداد أمس مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان. وأشاد المجتمعون بالمظاهرات، وأكدوا رفضهم أي حل أمني في التعامل معها، كما شددوا على محاسبة المتسببين في «العنف المفرط». وقالوا إن المظاهرات تساعد في الضغط المشروع على القوى والأحزاب السياسية، وعلى الحكومة من أجل قبول تصحيح المسارات، وقبول التغييرات الإيجابية، خاصة في مجالات التعديل الوزاري على أساس الكفاءة، والحد من الآثار الضارة للمحاصصة بمختلف صورها، حسب تعبيرهم. وأعلنت الرئاسات الثلاث أيضا أن السلطتين التنفيذية والقضائية باشرتا العمل القانوني لملاحقة المتهمين في قضايا الفساد، كما أعلنت التمهيد لحوار وطني لمراجعة منظومة الحكم، والدستور وفق السياقات الدستورية والقانونية. إلى ذلك دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى «إصدار أمر فوري بإنهاء الاستخدام المتواصل وغير القانوني للقوة المميتة» ضد المتظاهرين. وأكد بيان عن المنظمة المستقلة التي تعنى بحقوق الإنسان «يجب أن يتوقف حمام الدم هذا، ويجب محاكمة المسؤولين عنه». ورافقت هذه المواجهات صرخات كثيرة تقول إن العراق يعيش اليوم في ظل «جمهورية خوف جديدة»، رغم رحيل نظام الديكتاتور صدام حسين منذ 16 عاما. وقال ناشطون وأطباء يشاركون في التظاهرات طالبين عدم الكشف عن أسمائهم، إنهم يشعرون بأن الخناق يضيق عليهم مع ملاحقتهم وتلقيهم تهديدات بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في قلب التظاهرات. من جهتها، أعلنت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جانين هينيس بلاسخرت الأحد أنها تتلقى «كل يوم معلومات عن متظاهرين قتلوا أو خطفوا أو تعرضوا لاعتقال تعسفي أو الضرب والترهيب». واستنكرت «مناخ الخوف» الذي تفرضه السلطات العراقية مؤكدة أن «الحقوق الأساسية تنتهك باستمرار» في هذا البلد. وقال متظاهر عشريني يضع علما للعراق على كتفيه، متحدثا من ساحة التحرير «نطالب مجلس الامن بعقد جلسة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته، بل من الواجب عليهم الوصول لحل بخصوص أوضاع العراق»، متسائلا «أين المجتمع الدولي؟ هل نحن في كوكب آخر؟». بدورها، اتهمت منظمات حقوقية السلطات ب«إساءة التعامل مع الأزمة»، منددة برفضها إصدار معلومات وخصوصا فيما يتعلق بعدد القتلى والجرحى. كما طالبت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية ومفوضية حقوق الإنسان الحكومية، السلطات بتوضيحات فيما يتواصل «سقوط جرحى بأسلحة وبنادق صيد» بالإضافة لتفجير عشرات «القنابل الصوتية» قرب ساحة التحرير.
مشاركة :