بداية ومن باب الإنصاف فإننا نود الإشارة إلى أنه على الرغم مما عند الجامية من انحراف في المنهج والتفكير والاستدلال، وسوء التعامل مع المخالف، إلا أن هذا ليس هو خلق الجميع منهم، فمن خلال التواصل والتعامل مع مجموعة ليست بالقليلة منهم، نجد فيهم الخلق الكريم وعفة اللسان وحسن المعشر وصدق النصيحة، والبعد عن الغيبة وإن اختلفت معهم في الفكر أو المنهج. وعودة إلى موضوع الشيخ العلامة محمد حسن الدّدو الشنقيطي وما تعرض له من هجمة مجحفة من بعض الجامية، فقد وصلنا رداً وتوضيحاً من الشيخ الددو على حادثة وقعت له أيام تواجده في المملكة وتم بعدها تزكية الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى للشيخ الددو، اذكرها لكم مختصرة. كان الشيخ الددو يشرح صحيح البخاري بمسجد جامعة الإمام محمد بن سعود وكان يحضره أساتذة وطلاب الجامعة بالإضافة إلى بعض طلبة العلم من مناطق أخرى، وكان المسجد يمتلئ من الحاضرين. وأثناء أحد الدروس جاءه سؤال عن تكفير سيد قطب رحمه الله، فرد الشيخ الددو على السؤال ردا مفصلا، وكان مما قال: ان سيد قطب لو قال بخلق القرآن صراحة لما كان لنا تكفيره، لأن الإمام أحمد رحمه الله لم يكفّر المأمون ومن حوله من علماء الجهمية القائلين بخلق القرآن، بل كان الإمام أحمد يدعو للخليفة ويحلله. فأخذ بعض الشباب يجادلون الشيخ الددو فيما قال، وأشاروا إلى أن الشيخ ابن باز كفّر بشر المريسي، فرد عليهم الشيخ الددو بأن الإمام الذهبي أعلم من سماحة الشيخ ابن باز وأنه ختم ترجمة المريسي بقوله: «و لكن أبى الله أن يكون من شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله وصلى الخمس إلى القبلة وزكى وصام وحج البيت الحرام كمن لم يفعل شيئا من ذلك، و نعوذ بالله من البدعة و أهلها». فقام بعض أولئك الشباب بنقل كلام الشيخ الددو إلى الشيخ ابن باز على غير حقيقته، وكذبوا على الشيخ بالادعاء بأنه يقول بخلق القرآن. فكتب الشيخ ابن باز إلى مدير الجامعة الشيخ عبدالله التركي يطلب منه إيقاف دروس الشيخ الددو وتسفيره إلى بلده. فطلب الشيخ التركي من الشيخ الددو مراجعة الشيخ ابن باز. فتم ترتيب اللقاء وحضر الشيخ الددو إلى مكتب الشيخ بدار الإفتاء وكان مع الشيخ ابن باز كتّابه ومنهم الموسى والحكمي والشويعر، وعرّفوا الشيخ ابن باز بالشيخ الددو، ثم بين الشيخ ابن باز استياءه مما نقل عن الشيخ الددو من أقوال. فبيّن الشيخ الددو رأيه، وكان مخالفا لرأي الشيخ ابن باز، فشكّل الشيخ ابن باز لجنة فيها الشيخ بكر ابو زيد والشيخ ابن غديان وآخرين لمناقشة الشيخ الددو. فذكر لهم الشيخ الددو رأي الإمام ابن تيمية في المسألة من الفتاوى بالجزء والصفحة، وذكر كتبا أخرى تناولت نفس الموضوع وتم إحضارها والاطلاع على أقوال أهل العلم فيها ككتاب كشف القناع وكتاب الأم للشافعي وكلام ابن تيمية في الرسائل الماردينية وكلام الذهبي في السير. ثم طلبوا في النهاية من الشيخ الددو أن يكتب ملخصا في الموضوع لعرضه على الشيخ ابن باز، وهو ما تم بالفعل. بعد ذلك اتصل مكتب الشيخ ابن باز بالشيخ الددو وأخبروه بأن الشيخ ابن باز سيحضر لدرسه في مسجد الجامعة، فحضر الشيخ ابن باز وتولى ختم الدرس، وقدم النصيحة لطلاب العلم والأساتذة. وكان للشيخ الددو بعد ذلك خصوصية عند الشيخ ابن باز رحمه الله. وعلى الرغم من هذه الحادثة التي تدل دلالة واضحة على تزكية الشيخ ابن باز لعلم ومكانة الشيخ الددو إلا أنه خرج بعض غلاة الجامية ليطعنوا في التزكية وأنها لا تمثلهم، وساقوا أدلة تاريخية واهية مردود عليهم فيها. وهذا يدل على مدى الحسد الذي يحمله بعض الجامية في قلوبهم لكل من تلقى الناس دعوته بالقبول وصدق من قال: كل العداوات قد تُرجى مودتها.. إلا عداوة من عاداك عن حسد فإن في القلب منها عقدة عقِدت.. وليس يفتحها راق إلى الأبد Twitter: @abdulaziz2002
مشاركة :