استخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسلوب الترغيب والترهيب مع طهران، فوعدها بأن يحتسب لها خطوة إيجابية إذا ما سلمت بلاده عميلا لمكتب التحقيقات الفيدرالي محذرا إياها من عواقب تخصيب اليورانيوم. وكتب ترامب في تغريدة على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، :"إذا تمكنت إيران من تسليم الولايات المتحدة عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق روبرت إيه. ليفنسون، المفقود في إيران منذ 12 عاما، ستكون هذه خطوة إيجابية للغاية ويأتي هذا بعدما أقرت إيران مطلع الأسبوع بأن لديها قضية مفتوحة بشأن العميل المفقود منذ مارس عام 2007، وذلك وفقا لوسائل إعلام أميركية. كما تنفي معرفتها بمكان الضابط السابق نافية تقريرا عن أن طهران رفعت دعوى جنائية ضده. واختفى لفينسون أثناء رحلة للجزيرة الواقعة في الخليج. ونفى المسؤولون الإيرانيون مرارا أي معرفة باختفائه أو بمكانه. وقال عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية في تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي الأحد "هناك دعوى قضائية بشأن ليفنسون في بلادنا باعتباره مفقودا... الأمر يستند لاعتبارات إنسانية". وكان موسوي يعلق على تقرير إعلامي غربي عن أن إيران أبلغت الأمم المتحدة بأن ليفنسون موضع دعوى جنائية منظورة. وفي عام 2016 في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قال مسؤولون أميركيون كبار إنهم يعتقدون أن ليفنسون توفي أثناء احتجازه. لكن في يناير قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن ذلك غير دقيق ودعا إيران إلى تحديد مكانه وإعادته إلى بلاده. وفي التغريدة أيضا، وجه الرئيس الأميركي تحذيرا لإيران بسبب أنشطتها لتخصيب اليورانيوم. وكتب ترامب :"في الوقت نفسه، وبناء على معلومات وقناعة، فإن إيران كانت ولا تزال تقوم بتخصيب اليورانيوم "وهذه خطوة سيئة للغاية". وبدأت إيران الأسبوع الماضي المرحلة الرابعة من خفض الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي الذي توصلت إليه طهران مع القوى العالمية الكبرى في عام 2015. وتتعلق هذه الخطوة بضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم في منشأة "فوردو". ويكتفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإطلاق بيانات التنديد وكتابة التغريدات المناهضة لأنشطة إيران النووية، وهو ما يشجع إيران على مواصلة تخصيب اليورانيوم في غياب سياسة رادعة من واشنطن. وكانت الولايات المتحدة انسحبت العام الماضي بصورة أحادية من الاتفاق النووي الذي كان يهدف إلى منع إيران من امتلاك ترسانة نووية مقابل تقديم مزايا اقتصادية لها. وتمارس الولايات المتحدة حاليا ضغوطا قصوى على إيران لإجبارها على التفاوض على اتفاق أوسع يتجاوز برنامجها النووي، إلا أن طهران تؤكد أنها لن تدخل في أية مفاوضات مع الولايات المتحدة ما لم تظهر واشنطن "حسن نية". وتكتفي واشنطن بقرع طبول الحرب دون أن تتجاوز مرحلة التهديد، مواصلة في سياستها القديمة بتصنيف طهران على قائمة الإرهاب، وسياسة الحصار التي لم تعد تجدي نفعا حيث فتحت إيران منافذ لها من عدة جهات تضمن لها إمكانية التنفس وإن بصعوبة. وتتهم الولايات المتحدة ودول خليجية، خاصة السعودية، إيران بتهديد أمن الملاحة في مضيق هرمز، واستهداف منشآت نفطية في الخليج، والتدخل في شؤون دول عربية، وهو ما تنفيه طهران، وتقول إنها تلتزم بعلاقات حسن الجوار. وفي تقرير سابق لـ "العرب"، أثبت المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في دراسة أن طهران وظفت ميزان القوى الفعالة في الشرق الأوسط لصالحها عبر مواجهة القوات العسكرية التقليدية المتفوقة عليها بأطراف مكنتها من التأثير عما يحدث داخل بلدان المنطقة. وقد لخصت نيكي هيلي المندوبة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة وضع إيران على مدى السنوات الماضية بقولها إن “إيران كانت تفعل كل ما تريد بينما نحن منشغلون بالاتفاق النووي”. ويخلص الخبراء إلى أن تغيير إيران لمسارها غير مرجح مع وجود ترامب في البيت الأبيض، وستواصل اغتنام الفرص لتوسيع استراتيجياتها القائمة على الأطراف ثالثة، مشيرين إلى أن إيران تتمتع بالمرونة الكافية لمقاومة موجة الاحتجاجات المناهضة لنفوذها في البلدان المجاورة لها.
مشاركة :