يحيي العالم سنويا يوم 17 نوفمبر "اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث المرور على الطرق"، ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار "الحياه ليست جزء من السيارة"، حيث يركز هذا الموضوع على الهدف 3 من الخطة العالمية لعقد العمل من أجل السلامة على الطرق والمركبات الأكثر أمانا. وعلى الرغم من الجهود العالمية المبذولة على عكس ذلك، ما زال نوع التنقل على الطرق في جميع أنحاء العالم يعزز عددا لا يحتمل من الوفيات والإصابات الخطيرة والأمراض كل عام، كنتيجة مباشرة لحوادث المرور ومن تلوث الهواء.ويزيد خطر الموت في حادث سير على الطرق في البلدان ذات الدخل المنخفض أكثر من ثلاثة أضعاف في البلدان ذات الدخل المرتفع. وأكثر من نصف الوفيات الناجمة عن حوادث المرور بين مستخدمي الطريق الضعفاء: المشاة، راكبو الدراجات، وسائقو الدراجات النارية. ويعرف المشاة وراكبو الدراجات وركاب الدراجات الآلية ذات العجلات الثلاث والركاب والمسافرون مجتمعون باسم "مستخدمو الطريق الضعفاء" ويمثلون نصف وفيات حوادث الطرق في جميع أنحاء العالم. وتموت نسبة عالية من مستخدمي الطرق المعرضين للخطر في البلدان المنخفضة الدخل مقارنةً بالبلدان المرتفعة الدخل.ولا تزال الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق تشكل مشكلة كبيرة تواجه الصحة العامة، وسببا رئيسيا من أسباب الوفيات والإصابات وحالات العجز في جميع أنحاء العالم. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور هي ثامن أكبر مسبب للوفاة؛ حيث تقع 1.35 مليون حالة وفاة نتيجة حوادث المرور على الطرق سنويا، أي كل 24 ثانية يموت شخص ما على الطريق؛ ويصاب ما بين 20 و50 مليونا آخرين بجروح نتيجة حوادث الاصطدام على الطرق. ويحدث أكثر من 90 % من هذه الوفيات في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل التي يقل عدد السيارات فيها عن نصف عدد المركبات في العالم. وتأتي الإصابات الناجمة عن حركة المرور على الطرق ضمن أهم ثلاثة أسباب لوفاة الأشخاص الذين يتراوح عمرهم ما بين 5 سنوات و44 سنة.وكان قد بدأ الاحتفال باليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث المرور على الطرق عام 1993 من قبل جمعية السلام على الطرق، وقد أعربت الجمعية العامة عن قلقها إزاء استمرار الزيادة في عدد حوادث الطرق خصوصا في البلدان النامية، والارتفاع الملحوظ في عدد ضحايا حوادث المرور والإصابات الناتجة عنها حول أنحاء العالم. ودعت الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى إقرار يوم الأحد الثالث من شهر نوفمبر من كل عام يوما عالميا لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق بناء على قرارها 5/60 في أكتوبر 2005. وأصبح اليوم أداة مهمة في الجهود العالمية للحد من الإصابات على الطرق. إنه يوفر فرصة لجذب الانتباه لحجم الدمار العاطفي والاقتصادي الناجم عن حوادث الطرق وللتعرف على معاناة ضحايا حوادث الطرق وعمل خدمات الدعم والإنقاذ.وفي عام 2015، أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرها عن حالة السلامة على الطرق، والذي شمل معلومات من 180 دولة، حيث يشير إلى أعداد الوفيات وحوادث المرور والإصابات على الطرق والتي هي في أعلى معدلاتها في البلدان ذات الدخل المنخفض.. وخلال السنوات الثلاث الماضية، أضافت 17 دولة قانونا واحدا على الأقل في سجل قوانينها لتعزيز الحماية على الطرق فيما يتعلق بأحزمة الأمان والقيادة تحت تأثير الكحول والسرعة القصوى وفرض لبس الخوذ على راكبي الدراجات النارية وإقرار استخدام مقاعد الأطفال.ويعتبر هذا التقرير أساسا لعقد الأمم المتحدة للعمل من أجل السلامة على الطرق 2011 – 2020، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولتسليط الضوء على أثر الحوادث المرورية على الأطفال بشكل خاص ولضمان تطبيق الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم.وأعلنت الجمعية العامة، بموجب قرارها 255/64 في 10 مايو 2010، الفترة 2011 - 2020 عقدا للعمل من أجل السلامة على الطرق، هدفه تثبيت عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق ثم خفض المستوى المتوقع منها على الصعيد العالمي عن طريق زيادة الأنشطة المضطلع بها وطنيا وإقليميا وعالميا. وسينار عدد من المعالم الوطنية بأيقونة السلامة على الطرق، وهي الشعار الجديد للعقد. وسيكون من ضمن هذه المعالم: تايم سكوير في مدينة نيويورك؛ وتمثال المسيح المخلص وكاستيلو دي فيوكروز في مدينة ريو دي جانيرو؛ وترافالغار سكوير في لندن؛ ونافورة جيت دو في مدينة جنيف؛ وقصر الثقافة والعلم في وارسو؛ ومركز التجارة العالمي في كولومبيا، بالإَضافة إلى أماكن أخرى.ويشير تقرير الحالة العالمي بشأن السلامة على الطرق لعام 2018، الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية في ديسمبر 2018، أن عدد الوفيات السنوية الناجمة عن حوادث الطرق قد بلغ 1.35 مليون. وتعد إصابات حوادث الطرق الآن القاتل الرئيسي للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 5 - 29 عاما. ويتحمل المشاة وراكبو الدراجات وراكبو الدراجات النارية العبء بشكل غير متناسب، لا سيما أولئك الذين يعيشون في البلدان النامية.وأوضح التقرير أن السعر المدفوع للتنقل مرتفع جدا، لا سيما بسبب وجود تدابير مثبتة. وهناك حاجة لاتخاذ إجراءات صارمة لوضع هذه التدابير موضع التنفيذ للوفاء بأي هدف عالمي في المستقبل قد يتم إنشاؤه وإنقاذ الأرواح.ومن جانبه، أشار الدكتور " تيدروس أدهانوم غيبريسوس" المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن هذه الوفيات ثمن غير مقبول ندفعه مقابل حركتنا على الطرق.ويوثق التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2018 زيادة العدد الإجمالي للوفيات رغم الاستقرار الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة في معدلات الوفيات منسوبة إلى عدد سكان العالم. وهذا يشير إلى أن جهود السلامة على الطرق الجارية في بعض البلدان المتوسطة الدخل وتلك المرتفعة الدخل قد خففت من حِدة تلك الحالة.ويقول "مايكل روبنز بلومبرغ" مؤسس مؤسسة بلومبرغ الخيرية ورئيسها التنفيذي وسفير المنظمة العالمي المعني بالأمراض غير السارية والإصابات، إن السلامة على الطرق قضية لا تحظى على الإطلاق بما تستحقه من اهتمام في أي مكان، رغم أنها تشكل، في الواقع، فرصة كبيرة لإنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم.وأضاف بلومبرغ، نحن نعرف التدخلات التي تحقق النجاح المطلوب. فالسياسات القوية والإنفاذ الصارم، والتصميم الذكي للطرق، وحملات توعية الجمهور القوية من شأنها أن تنقذ ملايين من الأرواح على مدى العقود المقبلة.وفي البيئات التي أحرز فيها تقدم، يعزى ذلك التقدم، إلى حد بعيد، لتحسين التشريعات التي تتناول المخاطر الرئيسية مثل تجاوز السرعة المقررة والقيادة تحت تأثير الكحول وعدم استخدام أحزمة الأمان وخوذات الدراجات النارية ومقيدات حركة الأطفال؛ وتحسين البنية التحتية، مثل أرصفة المشاة والممرات المخصصة لراكبي الدراجات الهوائية والنارية؛ وتحسين معايير المركبات مثل تلك التي تفرض التحكم الإلكتروني في الثبات ونظم الكبح المتقدمة؛ وتحسين مستويات الرعاية التالية للتصادمات.ويوثق التقرير إسهام تلك التدابير في خفض الوفيات الناجمة عن المرور على الطرق في 48 بلدا من البلدان المتوسطة الدخل والأخرى المرتفعة الدخل. ومع ذلك، لم يحقق أي بلد من البلدان المنخفضة الدخل انخفاضا في عدد الوفيات بوجه عام، وهو ما يرجع إلى أسباب على رأسها غياب تلك التدابير.وفي الواقع، لا يزال خطر الوفاة جراء حوادث المرور على الطرق أعلى بمقدار ثلاث مرات في البلدان المنخفضة الدخل عنه في الأخرى المرتفعة الدخل. وتستحوذ أفريقيا على أعلى المعدلات (26.6 لكل 100 ألف نسمة)، بينما تستحوذ أوروبا على أدناها (9.3 لكل 100 ألف نسمة). ومن ناحية أخرى، منذ صدور العدد السابق من التقرير، أبلغت ثلاثة أقاليم في العالم عن حدوث انخفاض في معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق، وهي أقاليم الأمريكتين وأوروبا وغرب المحيط الهادي.ويعكس نوع مستخدمي الطريق كذلك التفاوتات في الوفيات الناجمة عن حوادث المرور. فعلى الصعيد العالمي، تشكل نسبة المشاة وراكبي الدراجات 26% من مجموع من تزهَق أرواحهم جراء حوادث الطرق، بينما يصل ذلك العدد إلى 44% في أفريقيا، و36% في شرق المتوسط. وتشكل نسبة قائدي الدراجات النارية وركابها 28% من مجموع من تزهَق أرواحهم جراء حوادث الطرق، لكن بعض الأقاليم تشهد نسبة أعلى إذ تبلغ 43% في جنوب شرق آسيا، بينما تبلغ 36% في غرب المحيط الهادي. وتوجد في البلدان المنخفضة الدخل 1 % من عدد المركبات في العالم، بينما تستحوذ على 13 % من الوفيات عالميا؛ في حين في البلدان المرتفعة الدخل توجد بها 40 % في عدد المركبات في العالم، بينما تستحوذ على 7 % من الوفيات عالميا.وتهدد الإصابات الناجمة عن حركة المرور على الطرق بعرقلة الإنجازات التي تحققت في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية. إذ تقدر الخسائر العالمية جراء الإصابات الناجمة عن حركة المرور على الطرق بما مجموعه 518 بليون دولار، وتكلِف الحكومات ما بين 1 % و3 % من ناتجها القومي الإجمالي. وتشكل هذه الخسارة في بعض البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، أكثر من إجمالي المساعدة الإنمائية التي تتلقاها. وتلقي الإصابات الناجمة عن حوادث المرور عبئا ثقيلا على اقتصاد البلد بسبب ما تحدثه من آثار مباشرة في خدمات الرعاية الصحية والتأهيل، وكذلك من خلال التكاليف غير المباشرة. ويمكن أيضا أن تضع قدرا كبيرا من الضغوط المالية على الأسر المتضررة - التي لا بد لها، في كثير من الأحيان، من أن تستوعب التكاليف الطبية وتكاليف التأهيل، وتكاليف الجنازة، وغيرها من التكاليف، من قبيل فقدان دخل الضحية - بالإضافة إلى التوتر النفسي الشديد.ومقارنة بالتقرير السابق في السلسلة الذي صدر في عام 2015، فيما يلي بعض النتائج الأخرى التي انتهى إليها التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2018:- عدل 22 بلدا آخر قوانينه المتعلقة بواحد أو أكثر من عوامل الخطر بغية مواءمتها مع أفضل الممارسات، بحيث أصبحت تشمل مليار شخص آخر.- لدى 46 بلدا تضم 3 مليارات نسمة قوانين تعين الحدود القصوى للسرعة وتتواءم مع أفضل الممارسات؛ لدى 45 بلدا تضم 2.3 مليار نسمة حاليا قوانين تتعلق بالقيادة تحت تأثير الكحول وتتواءم مع أفضل الممارسات؛ لدى 49 بلدا تضم 2.7 مليار نسمة حاليا قوانين تتعلق باستخدام خوذات الدراجات النارية وتتواءم مع أفضل الممارسات؛ لدى 105 بلدان تضم 5.3 مليارات نسمة حاليا قوانين تتعلق باستخدام أحزمة الأمان وتتواءم مع أفضل الممارسات؛ لدى 33 بلدا تضم 652 مليون نسمة حاليا قوانين تتعلق باستخدام نظم تقييد حركة الأطفال وتتواءم مع أفضل الممارسات.- تجري 114 بلدا حاليا تقييما منهجيا ما للطرق القائمة أو تصنفها بالنجوم؛ لم ينفذ سوى 40 بلدا تضم مليار نسمة ما لا يقل عن 7 من معايير مأمونية المركبات ذات الأولوية التي حددتها الأمم المتحدة أو الـ 8 معايير جميعها؛ لدى أكثر من نصف البلدان (62%) رقم هاتفي يغطي البلد بأكمله لتفعيل نظام الرعاية الطارئة؛ لدى 55% من البلدان عملية رسمية لتدريب مقدمي رعاية ما قبل المستشفى واعتمادهم.
مشاركة :