قال خبراء إن تقديم مصر لملفها الحقوقي أمام آلية الاستعراض الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف فرصة مهمة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر ووجود إرادة سياسية لتحقيق مزيد من التقدم لحالة حقوق الإنسان بمحاورها المتعددة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.جاء ذلك خلال الندوة التي عقدتها "جمعية المرأة والتنمية" بالاشتراك مع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بمقر المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف على هامش مناقشة ملف مصر أمام آليه الاستعراض الدوري الشامل، وأدار الجلسة عاطف سعداوي الصحفي بالأهرام. وقالت الدكتورة نهى أبو بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن مصر قطعت شوطا كبيرا في تمكين المرأة والشباب، لافتة إلى أن مصر لديها 8 وزيرات بنسبة 25 في المئة من إجمالي أعضاء مجلس الوزراء، 10 سيدات في قوات حفظ السلام، 600 ضابط شرطة، وسيدة مستشار لرئيس الجمهورية لشئون الأمن القومي، بالإضافة لتجريم الختان والتحرش الجنسي.وبالنسبة للشباب، ذكرت بكر أن الدولة لديها 59 شابا أعضاء في البرلمان، 41 مساعد وزير شاب و6 مساعدين للمحافظ من الشباب، بالإضافة لإطلاق منتدى شباب العالم الذي يهتم بدعم المشاركة السياسية للشباب.وعن التسامح وقبول الآخر، أشارت بكر إلى إقرار قانون بناء وترميم الكنائس، وهو ما يؤكد وجود إرادة سياسية لضمان الحق في العقيدة والتمثيل عالي المستوى في الاحتفالات الدينية المسيحية ومواجهة الخطاب الديني المتطرف ومراجعة المناهج المدرسية لحذف كل المواد المحرضة على العنف. وعلى مستوى الحقوق الصحية والاجتماعية والاقتصادية، أشارت بكر إلى إطلاق الحكومة لحملة الكشف عن فيروس سي، الكشف المبكر على السرطان، وتم إصدار قانون التأمين الصحي الشامل، وتم نقل المناطق العشوائية.ولفتت بكر إلى وجود 5 مليون لاجئ تم دمجهم في المجتمع المصري، حيث بلغ عدد اللاجئين المسجلين وطالبي اللجوء في مصر ربع مليون من 55 دولة. وأكدت نجاح جهود مصر في القضاء على الهجرة غير الشرعية، حيث لم يغادر أي مركب هجرة منذ عام 2016، كما ساهمت سياسة التوظيف في تقليل معدلات الهجرة غير الشرعية، كما تم تدريب أفراد الشرطة على التعامل الأمثل مع الظاهرة.وطالبت عايدة نور الدين، رئيس جمعية المرأة والتنمية بسرعة تأسيس لجنة مناهضة التميز، وإصدار قانون حماية الأسرة، قانون مناهضة العنف ضد المرأة، وقانون مكافحة التحرش، بالإضافة لرفع الوعي المجتمعي بحقوق المرأة، إزالة التمييز ضد المرأة في قوانين العمل وشمول القوانين لعاملات الزراعة والعاملات المنزليات، كما أوصت بتدريب وتأهيل الموظفين المعنيين على استخدام لغة الإشارة، استخدام "لغة برايل" على كل الخدمات المتاحة، وتكوين قاعدة بيانات دقيقة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومن جانبه، أشار الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى على أن الأمن وحقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة، وقال إن الأنفاق الموجودة على الشريط الحدودي بين غزة ومصر تطورت وأصبحت تستغل التكنولوجيا الحديثة في التجهيزات مما سهل تهريب البضائع والسلاح والبشر والمخدرات، كما أنها تتسع لمرور السيارات حاليا وقد وصلت أطوال بعضها 4 كم، حتى أنه كان يتم تهريب مضادات طائرات ومضادات صواريخ عن طريقها.وأشار سلام إلى أن فترة السيولة الأمنية التي أعقبت ثورة يناير جعلت سيناء أرض خصبة لاستقطاب الخارجين عن القانون والعائدين من أفغانستان.ثم تحدث سلام عن الأعمال الإرهابية التي نفذها المتطرفون خلال السنوات الخمسة الماضية، بما في ذلك استهداف الأقباط في ليبيا، استهداف المتعاونين مع القوات المسلحة في سيناء، تفجير الطائرة الروسية، استهداف أبراج الكهرباء على مستوى مصر، استهداف خطوط الغاز، استهداف سيارات الإسعاف، اغتيال القضاة أثناء الإشراف على الانتخابات، استهداف الأقباط والكنائس في مصر، واستهداف المساجد.وشدد سلام في كلمته على أهمية متابعة تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على تمويله، مشيرا إلى أن العمليات الإرهابية تسببت في نزوح السكان من المناطق التي شهدت نشاطا مكثفا للإرهابيين، تأثر الظروف المعيشية للمواطنين بالعمليات الإرهابية وزيادة نسبة البطالة والفقر، واتخاذ بعض التدابير الأمنية من جانب قوات إنفاذ القانون والتي أثرت على حرية الحركة للمواطنين في سيناء.وأكد محمود بسيوني، الباحث فى مجال حقوق الإنسان، أهمية آلية المراجعة الدورية الشاملة والدور المهم الذي تلعبه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان حول العالم من خلال التوصيات التي تقدمها للدول محل الاستعراض.وشدد بسيوني على أن الواقع الذي عايشته مصر خلال السنوات القليلة الماضية والحرب المريرة التي خاضتها ضد الإرهاب الأسود لم تؤثر على قدرة الدولة المصرية على توفير الأمن والاستقرار حتى يستطيع المواطنون ممارسه حقوقهم الإنسانية، فالحق في المشاركة السياسية مارسه المواطنون المصريون في الانتخابات التي أصبحت تتم بنزاهة وحيادية من جانب أجهزة الدولة، لتعبر بالفعل عن إرادة المصريين عكس الماضي. وأكد أن كثيرا من ملاحظات الدول خلال الاستعراض لم تكن مبنيه على قراءة واقعية للأوضاع في مصر، وأن كثيرا منهم تأثر بما تصدره المنظمات المسيسة، مشددا على أن ردود الوفد المصري فندت كثيرا من الادعاءات وصححت الصورة لدى ممثلي الدول في المجلس الدولي لحقوق الإنسان. وانتقد بسيوني الصمت الدولي الذي يرقى لحد التواطؤ على الدول الداعمة للإرهاب أو التي توفر ملاذات آمنة لعناصره الإرهابية أو التي تبث من أراضيها قنوات فضائية تحرض على العنف وتدافع عن التطرف وتروج للشائعات دون أن يتصدى لها أحد.وفيما يتعلق بقضية الاختفاء القسري التي تشغل بال جميع المهتمين بالشأن المصري حول العالم، طالب بسيوني الجهات الفاعلة الدولية بتحري الدقة والتفريق بين من غادروا طوعيا للانضمام لجماعات إرهابية أو شاركوا في عمليات هجرة غير شرعية حتى لايتم تفريغ المصطلح الحقوقي من معناه.وذكر بسيوني أن تأسيس اللجنة المستقلة للانتخابات وإقرار قانون الجمعيات الأهلية الجديد وقرارات العفو الرئاسي عن غير المدانين في قضايا عنف تم بناء على حوار جاد وانفتاح من جانب الدولة المصرية مع المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية وهو ما يؤكد وجود رغبة جادة في التعاون مع المنظمات الحقوقية وكذلك تنفيذ توصيات المراجعات الدورية الشاملة من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر. وتحدث أحمد عليبة، المراسل عسكري بصحيفة "الأهرام ويكلى"، عن المؤشرات المتعلقة بنجاح جهود القضاء على الإرهاب والتي تمثل أهمها في عدم نجاح التنظيمات الإرهابية في الاستيلاء على أراض يمكنها الاستيطان فيها وإدارة عملياتها من داخلها، كما أنها لم تجد حاضنة اجتماعية تقبل الأفكار الجهادية المتطرفة وتستجيب لها بسبب صلابة النسيج الاجتماعي المصري، بالإضافة لنجاح السلطات في حصار تدفق الأموال غير المشروعة لتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية، كما أن الروافد الإقليمية وحالة ضعف مناعة الدول المجاورة وانهيار جيوشها ساهم في حرص المجتمع المصري على عدم الوقوع في نفس الفخ. وأكد عليبة أن الدولة المصرية تستكمل تجفيف منابع الإرهاب، كما أن المؤسسات الأمنية والقوات المسلحة تولي اهتماما خاصا بالتنمية بالتوازي مع مكافحة الإرهاب بهدف تحسين ظروف الحياة والبنية التحتية.
مشاركة :