مينا العريبي على الرغم من مشكلاته الداخلية، يتمتع العراق وخصوصا وزير خارجيته هوشيار زيباري بعلاقات جيدة مع أطراف «متنازعة» ولكنها متحالفة معه، مثل الولايات المتحدة وإيران، مما يجعله قادرا على مد الجسور بين الطرفين وتوصيل رسائل غير مباشرة بينهما. وراقب وزير الخارجية العراقي بتمعن التطورات بين الولايات المتحدة وإيران خلال الأسابيع الماضية والتي وصلت ذروتها خلال وجود الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني، مؤكدا أن العراق يمكن أن يلعب دورا لجمع الطرفين. وأوضح زيباري الذي التقته «الشرق الأوسط» في نيويورك حيث يشارك في أعمال الدورة الـ68 للجمعية العامة أن إيران ستلعب دورا في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، قائلا إن الولايات المتحدة قدمت ضمانات لطهران في ذلك. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار: على الرغم من مشكلاته الداخلية، يتمتع العراق وخصوصا وزير خارجيته هوشيار زيباري بعلاقات جيدة مع أطراف «متنازعة» ولكنها متحالفة معه، مثل الولايات المتحدة وإيران، مما يجعله قادرا على مد الجسور بين الطرفين وتوصيل رسائل غير مباشرة بينهما. وراقب وزير الخارجية العراقي بتمعن التطورات بين الولايات المتحدة وإيران خلال الأسابيع الماضية والتي وصلت ذروتها خلال وجود الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني، مؤكدا أن العراق يمكن أن يلعب دورا لجمع الطرفين. وأوضح زيباري الذي التقته «الشرق الأوسط» في نيويورك حيث يشارك في أعمال الدورة الـ68 للجمعية العامة أن إيران ستلعب دورا في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، قائلا إن الولايات المتحدة قدمت ضمانات لطهران في ذلك. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار: * ما أولويات العراق بالنسبة للاجتماعات الجمعية العامة هذا الأسبوع؟ - لأول مرة يحضر العراق الجمعية العامة وهو متحرر من كافة قيود وأحكام الفصل السابع، منذ عام 1991 إلى الآن. نشعر براحة في المشاركة بأعمال هذه الدورة السنوية لأننا تخلصنا من كل العقوبات والأحكام التي كانت تؤزم واقعنا كلية. أولوياتنا هنا حقيقة نفس أولويات كل الدول الأخرى، هناك أزمات المنطقة وهو الموضوع الطاغي على هذه الدورة. وظاهر أيضا في الكلمات التي سمعناها، ومنها الأزمة السورية وإيران والقضية الفلسطينية. والعراق بالتأكيد جزء من هذه المنطقة ويتأثر بها. ونجري النقاشات والحوارات مع الأطراف الدولية، فلدينا لقاء مع نائب الرئيس الأميركي (جو) بايدن ومع الوفد الروسي والتقينا مع الوفد الكويتي والتركي والقطري، ولدينا لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومع البريطانيين وكثيرين آخرين. وعلى رأس أولوياتنا الأمن والاستقرار لأن وضع العراق أيضا متأثر بما يحصل حوله وخصوصا تداعيات الأزمة السورية والصراع الأميركي - الإيراني. كلها أزمات تؤثر علينا مباشرة، فلذلك نحاول أن يكون لدينا دور في تهدئة هذه القضايا. * هناك كثير من اللقاءات حول سوريا خلال هذا الأسبوع وخصوصا اللقاءات الثنائية والمشاورات، فما المنتظر من مجلس الأمن؟ - حاليا الأزمة السورية انتقلت كليا إلى مجلس الأمن وخرجت من سيطرة وإرادة دول المنطقة. حتى الدول العربية لم تعد مؤثرة في لعب دور حاسم بسبب الإخفاقات. وبعض الدول العربية هي التي أخفقت في هذا الدور مع بداية الأزمة ولذلك الأمور الآن مطروحة في مجلس الأمن. وبعد استخدام السلاح الكيماوي في 21 أغسطس (آب) الماضي، والتحقيقات التي تلتها وانتظار تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، صدر قرار من مجلس الأمن يلزم الحكومة السورية بتنفيذ التزاماتها في وضع مخزونها والسيطرة عليها وتدميرها بقرار دولي ملزم تحت الفصل السابع، أو إشارة إلى الفصل السابع، للامتثال بهذا الاتفاق. حاليا هناك محادثات مكثفة في مجلس الأمن للاتفاق على صيغة القرار ولكن حتى اليوم لم يكن هناك أي توافق. الموضوع الآخر هو وجود جهود لعقد مؤتمر «جنيف 2»، ولكن السؤال هل القرار الكيماوي من المفروض أن يصدر أولا ومن ثم يجري الحديث عن «جنيف - 2»، أم أن المسارين متلازمان، يعني لا يتقاطعان. التوجه العام أن القرار الكيماوي يسير ولكن الجهود لعقد مؤتمر جنيف أيضا تسير قدما. واجتماع يوم الجمعة هناك اجتماع مهم بين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الروسي لافروف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري والمبعوث الأممي - العربي الأخضر الإبراهيمي لبحث ترتيبات عقد مؤتمر جنيف في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) أو بداية نوفمبر (تشرين الثاني) في حال حدث اتفاق. * هل ترون إمكانية نجاح المسار السياسي في سوريا مع كل ما يدور من قتال على واقع الأرض؟ - نحن ندعم الجهود الرامية لعقد «جنيف 2» ونحن كنا من المساهمين والمشاركين في «جنيف 1». وهذه الجهود، على الأقل مع بدء العملية، لن تؤدي إلى نتائج نهائية، ولكن الهدف جمع الطرفين الحكومة السورية والمعارضة. وحتى الآن لا نعلم من هي الأطراف التي ستدعى إلى الاجتماع وسابقا كانت الآلية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ودول جوار سوريا أو رئاسة القمة العربية. لم تحسم المشاركة بعد ولكن على الأكثر ستشمل دول جوار سوريا التي تتأثر مباشرة بهذا الموضوع وهناك طرح لدعوة السعودية وإيران، ولكن الترتيب الجديد غير معروف بعد. المعارضة السورية وافقت على المشاركة والحكومة السورية سابقا أعلنت عن مشاركتها. وسيكون هناك اجتماع أولي بحضور هذه الأطراف ولكن المؤتمر الأساسي هو بين الأمم المتحدة وطرفي النزاع، هم الذين من المفروض أن يتباحثوا لآلية إجراء انتخابات وكتابة الدستور وإطلاق عملية سياسية. ولكن هناك صعوبات جدية، مثلا من يمثل النظام، سؤال حول بقاء الرئيس (السوري بشار الأسد) خلال العملية، من يضمن الالتزام بالاتفاق، هل هناك حاجة لقوات سلام دولية لتأمين عملية وقف إطلاق النار إذا تم الاتفاق عليها، وهل النظام سيكون لديه السيطرة على القوات الأمنية والمسلحة أم لا. هذه أسئلة ناقشناها مع الجانب السوري والأطراف السورية. وخلال هذه الدورة في الجمعية العامة سيتم التوصل إلى بعض التفاهمات، لأن احتمالات الضربة العسكرية تراجعت بعد الاتفاق الروسي - الأميركي وحاليا الأنظار متجهة إلى نزع السلاح الكيماوي من النظام وهذه ستستغرق وقتا حسب تجربتنا في العراق وممارسات النظام مع المفتشين وفرق التفتيش وتوفير المعلومات واحتمال إخفائها. * حسب تجربة العراق أيضا، يمكن أن يبقى النظام حتى وإن كان ضعيفا بعد نزع السلاح؟ - ممكن ذلك. * أشرتم إلى مشاركة إيران في «جنيف 2».. هل تتوقعون ذلك؟ - حقيقة هناك نماذج عدة، هل الأمم المتحدة مثلا تتحدث معهم مباشرة ضمن آلية مشتركة، أو يكونون طرفا من هذه المجموعة؟ وقد زار مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيف فيلتمان طهران مؤخرا، وسألتقيه هنا في نيويورك. وباعتبار إيران طرفا مؤثرا في العملية، لا يمكن القفز على دورهم. الأمم المتحدة أعطتهم ضمانة بأن يكون لهم صوت ودور أيضا. * العراق عرض سابقا وساطة بين الولايات المتحدة وإيران، كيف رأيتم التبادلات بين الطرفين خلال اجتماعات الجمعية العامة وهل يمكن أن تلعبوا دورا في التقريب بينهما؟ - بسبب علاقاتنا الجيدة مع الولايات المتحدة وإيران، العراق له دور بوصفه جسرا للتواصل والتفاهم لأن من مصلحتنا الوطنية أنه يجري تسوية للملف النووي الإيراني. فإذا كانت دولة في العالم يجب أن تكون متحسسة من هذا الموضوع أكثر من أي دولة أخرى فهي دولة العراق، بسبب التاريخ والإرث والجغرافيا والتهديد الوجودي لنا. وكان لنا دور في نقل رسائل بين الطرفين، واستضفنا اجتماعات مهمة جدا على مستوى السفراء والمدراء السياسيين من خلال آلية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا وإيران لبحث الملف النووي. ولدينا معرفة جيدة بمواقف الطرفين والمقترحات المطلوبة. والرسائل التي سمعناها خلال الفترة الماضية منذ انتخاب الرئيس روحاني وتغيير الوفد التفاوضي الإيراني، لقد اتخذوا سلسلة من الإجراءات (في طهران) كلها كانت رسائل مطمئنة بأن القيادة الإيرانية الجديدة جادة في مسألة التفاوض حول هذا الموضوع، من الشفافية والتخصيب والسماح لفرق التفتيش والالتزام بمعاهدة عدم الانتشار، كلها قضايا فنية وتفصيلية وقد جرت مفاوضات أولية. والتقينا بكاثرين أشتون (ممثلة الاتحاد الأوروبي للقضايا الخارجية) والتي التقت بوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، وسألنا الطرفين اللذين قالا إن اللقاء كان إيجابيا ووديا ولكن في تقديري من المبكر جدا توقع اختراق في هذا الموضوع. مسألة الثقة مهمة، كما أن الفريق التفاوضي الإيراني فريق جديد ولا نتوقع أن يتخذوا خطوات كبيرة جدا. وكي ألخص القضية، السؤال هو من سيتحرك أولا، أو من سيتخذ الخطوة الأولى. والمباحثات بين هذه المجموعة وإيران وصلت إلى مرحلة شبه نهائية ولكن يحتاجون من يتحرك أولا. الإيرانيون يقولون لن نصنع السلاح النووي ولدينا فتوى من المرشد يحرم ذلك وسنستخدم الطاقة النووية فقط لأغراض سلمية وهذا حق لا يمكن التصرف به.. ويريدون رفع العقوبات من أجل التقدم، الجانب الآخر يرى أنه من الضروري إثبات ذلك وأن تكون هناك عمليات تفتيش وغيرها من ضمانات. هناك طرح لإعطاء بعض المساعدات مثل إعطاء قطع غيار للطائرات المدنية وتخفيف بعض العقوبات المعينة ولكن هذه القرارات في مجلس الأمن مما يعني أن هناك حاجة موافقة من مجلس الأمن. والأمر ليس سهلا ولن يحسم من خلال التصريحات الإيجابية وسيحتاج إلى الوقت.
مشاركة :