عبدالله سالم مليطان، أديب وإعلامي ليبي، يحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة. مهتم بتوثيق الحياة الأدبية في ليبيا لإيمانه بضعف أداء المؤسسات الليبية في التعريف بالمنجز الإبداعي الليبي. ويؤكد مليطان على مدى تضرر الحياة الثقافية في ليبيا من الانقسام السياسي القائم حاليا بين شرق وغرب. وبحسب قوله هو أول من تضرر من ذلك لأنه لم يعد قادرا على الاتصال بالمنجز الإبداعي الذي كان إلى حد قريب يزعم أنه من القلة القليلة التي لا يغيب عنها معرفة تفاصيله. ينطلق الباحث الليبي عبدالله مليطان في جهده ورصد الحياة الأدبية في ليبيا. من عدم وجود مؤسسات تعنى بالتوثيق في هذا الجانب، ويلفت مليطان إلى أن ذلك وربما يعود إلى الإمكانيات التي لم تتوفر لبعض المؤسسات أو الهيئات التي يفترض أن تقوم بذلك كدار الكتب الوطنية مثلا التي أهملت وهي إحدى المؤسسات التي يفترض أن تقوم بذلك. ولا يمكن التنكر للجهود التي قامت بها على قدر قلة المتاح أمامها. دقة المعاجم ونسأله عن مدى مساهمة سلسلة معاجمه في القصة والشعر والمسرح والأدب الشعبي. في تسليط الضوء على الكاتب الليبي للدارسين للأدب الليبي، فيقول “لا أعرف ما إذا كانت هذه المعاجم قد أدت دورها الذي يفترض أن تؤديه أم لا. أنا شخصيا اجتهدت في رصد ملامح هذا الواقع من خلال المنجز الذي صدر في ليبيا في الشعر والقصة والمسرح والأدب الشعبي وأدب المرأة. وهو رصد لا يعنى بغير الرصد. صنفته وفق ما كنت أرى أنه سيفيد. غير أن الأهم هو قراءة هذا المنجز بعين الناقد وهو أمر لا ينبغي لي لأنني أولا لست ناقدا وثانيا لأنه لا يمكن لناقد أن يقيم مدونات كبيرة كهذه مجتمعة أقصد منجز الكتاب لا المعاجم. إن كل ناقد له اهتمام بلون أو نوع معين من الإبداع مما قد لا يجد من الوقت ما يمكنه من متابعة كل ألوان الكتابة الإبداعية”. فن الرواية الليبي والذي تأخر ظهوره إلى عام 1961، مقارنة بالدول العربية الأخرى. ما زال محل جدال ويتابع “وأنا أتصفح الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه التي قدمت للجامعات الليبية وما اطلعت عليه مما قدم للجامعات العربية كثيرا ما أجد العودة إلى هذه المعاجم وهو أمر طبيعي كونها معنية بالتراجم في ظل عدم وجود أعمال أخرى عوضا عنها خلال المراحل الزمنية التي اهتممت برصدها وطبعا هي لا تؤرخ للفنون الإبداعية بقدر ما تعرف بالمبدعين ومن خلال إنتاجهم المطبوع والمنشور. ولا أقول إنها لا تخلو من نقص ولكنني أزعم أنها حتى الآن هي الأقرب إلى الدقة من حيث رصد الواقع. في كتابه الجديد “التاريخ السري للثقافة الليبية: من توجيهات القلم إلى تدخلات الطفل المعجزة”، يتحدث مليطان عن كواليس كل الإدارات الليبية هناك ثمة خفايا وأسرار. وداخل إطار الثقافة أيضا هناك خفايا وخبايا كانت ولا تزال تمارس تحت غطاء الثقافة ولا علاقة لها بالثقافة. وهذا ما حاول تناوله في هذا الكتاب مما يتوفر بحوزته من وثائق تتصل ببعض الأمور التي كانت تمارس وتصنع بموجب تدخلات أصحاب القرار ولا علاقة لها بالعمل الثقافي. الكاتبة الليبية يعتبر صاحب كتاب “الثورة الجزائرية في الشعر الليبي” أن القاصة زعيمة الباروني رائدة القصة القصيرة في ليبيا، تشكل البداية الحقيقية للكاتبة الليبية، مستطردا “هي أول ليبية تصدر عملا إبداعيا في كتاب وهو مجموعة قصص صدرت في القاهرة عن المطبعة العالمية عام 1958 بعنوان ‘القصص القومي‘ لتكون أول مجموعة قصصية تصدرها كاتبة ليبية بعد المجموعة القصصية الليبية الأولى ‘نفوس حائرة‘ التي صدرت عام 1957 للقاص عبدالقادر أبوهروس. أما أول ليبية تصدر كتابا في غير الإبداع فكانت السيدة خديجة عبدالقادرالتي أصدرت كتابها ‘المرأة والريف في ليبيا‘ في بيروت عام 1961”. ويضيف الآن هناك كثير من الكاتبات الليبيات اللائي صدرت لهن كتب في صنوف إبداعية مختلفة. وبالمناسبة هنا نذكر أن ريادة الكتابة الروائية النسوية في ليبيا تعود إلى السيدة مرضية النعاسمن خلال إصدارها لأول رواية ليبية وهي ‘شيء من الدفء‘ عام 1972، وريادة الشعر الفصيح في أدب المرأة تعود إلى الأدبية فوزية شلابي التي أصدرت ديوانها ‘في القصيدة التالية أحبك بصعوبة‘ عام 1984، كما أن ريادة الكتابة الشعرية الشعبية تعود إلى الشاعرة حليمة السعيطي التي أصدرت الديوان الشعبي الأول للكاتبات الليبيات بعنوان ‘عطشان وردي‘ عام 1997 وللشاعرة بدرية الأشهب تعود الريادة الليبية النسائية في إصدار أول ديوان شعري محكي وهو ‘نقطة ضعف‘ عام 2002 كما أن الريادة الليبية للمبدعات الليبيات في المسرح تعود إلى الكاتبة نجوى بن شتوان من خلال مسرحيتها ‘المعطف‘ التي صدرت عام 2003”. فن الرواية الليبي والذي تأخر ظهوره إلى عام 1961، مقارنة بالدول العربية الأخرى. ما زال محل جدال بخصوص رواية “إنسان” لمحمد فريد سيالة. هل هي أول رواية ليبية؟ هنا يقول مليطان “تاريخ الإنجاز يؤرخ له بالمنجز الفعلي لا بالأوهام والتكهنات. المنجز الأول للرواية الليبية في ليبيا يعود إلى الراحل محمد فريد سيالة الذي أصدر رواية ‘اعترافات إنسان‘ عن دار الشرق الأوسط بالإسكندرية عام 1961 قطعا. لكن السيد الدكتور الصيد أبوديب بناء على إشارة في غلاف كتاب صدر في دمشق بعنوان ‘الليبيون في سوريا‘ عام 1952 للسيدين زين العابدين موسى وأحمد أديب الحاج. يفيد بأن رواية بعنوان ‘مبروكة‘ ستصدر للكتاب حسين ظافر بن موسى. بناء على هذا كتب الدكتور الصيد في مقدمته لكتيب صدر في أحد مناشط رابطة الكتاب بأن الرواية الليبية الأولى كانت ‘مبروكة‘ وقد صدرت عام 1937، وقد ضمن ذلك في كتابه الذي نشر بعد ذلك ضمن منشورات مجلس الثقافة العام عام 2006 بعنوان ‘معجم المؤلفات الليبية في الأدب الحديث‘ وهذا الاجتهاد للأسف لم يكن موفقاً رغم محاولاته إثباته ببعض المحادثات التي أجراها مع ابنه الباحث الراحل تيسير بن موسى الليبي الأصيل الذي عاش فترة من الزمن في بلاد الشام والمثقف الذي يعرف قيمة الريادة والذي لم يصرح طوال حياته بهذا مع علمه ومعرفته بقيمة الريادة”. ويؤكد صاحب كتاب “حرية التفكير والرقابة” أن ما كتبه الدكتور الصيد أبوديب شاع بين الكُتاب العرب وأصبحوا يؤرخون بأن رواية “مبروكة” هي أول رواية ليبية مطبوعة وهو غير صحيح بالمطلق. يقول “شخصيا أتمنى أن تكون فعلا كذلك لاعتزازي بالريادة الليبية لكن الاعتماد على خبر نشر في غلاف كتاب أو صحيفة دون التأكيد بوجود المنجز حقيقة لا يمكن قبوله ولا اعتماده. وكثيرة هي الكتب التي أشير إليها ولم تصدر وعلى فكرة أنا أتواصل بشكل مستمر مع باعة الكتب القديمة في سوريا في محاولة للوصول إلى (مبروكة) وسوف أعلن وأتأسف للدكتور الصيد رسميا وللقراء إذا تم الوقوف فعليا عليها”. ويوضح الباحث عبدالله مليطان أن مشروعه الجديد حول الرواية الليبية أشرف الآن على الاكتمال وهو أيضا رصد للمنجز الليبي في مجال الرواية. إلى جانب محاولة رصد الدراسات التي كتبها النقاد عن المدونة الروائية الليبية. هي مدونة تحصر الروائيين الليبيين. تعرف بهم وبرواياتهم كعناوين ومعلومات النشر المتصلة بالروايات وفق تواريخ صدورها إلى جانب نماذج من الرواية الأولى للكاتب ونموذج لآخر رواية له لبيان مدى التطور الذي حصل في منجزه بالإضافة إلى الدراسات التي كتبت عن الرواية الأولى له والرواية الأخيرة حتى يتابع القارئ للمدونة المشهد الروائي الليبي ويعرف حجم الاهتمام النقدي الذي عني به. وترتيب هذه المدونة لم يخضع لأي اعتبار إلا الترتيب الزمني الذي قد يسهم في معرفة تطور الكتابة الروائية في ليبيا وتطور أجيالها.
مشاركة :