كل دول العالم تحتفل اليوم باليوم العالمي للتسامح، إلا أن احتفال مملكة البحرين بهذه المناسبة (غير) عن بقية الدول، لأنها أصبحت أنموذجًا رائدًا في التسامح والتعايش في ظل الرؤية النيرة التي أرساها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى - حفظه الله ورعاه - ومبادرات جلالته في هذا الشأن. وأنا أكتب هذا المقال تذكرت المقال الذي كتبه جلالة الملك المفدى ونشرته صحيفة (واشنطن تايمز) الأمريكية في 10 أكتوبر 2017م، وحين يكتب جلالته فلا بد أن يكون لما يكتبه أهمية استثنائية، فقد عرف جلالته العالم بمملكة البحرين كنموذج حضاري رائد في التسامح والتعايش واحترام التعدد الديني والحرية الدينية، باحتضانها لكل الديانات والمعتقدات، حيث يعيش أبناء كل الديانات والمعتقدات في سلام معًا على أرض البحرين. هذا التسامح والتعايش الذي تعرفه البحرين ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ هذا الأمر وليد اللحظة، بل نهج سار عليه أبناء البحرين قيادةً وحكومةً وشعبًا، وهو جزء من هويتنا وثقافتنا وتراثنا الوطني العريق، ونتائج المؤشرات الدولية تترجم هذه الجهود والصورة الحضارية لمملكتنا في تكريس نهج التسامح والوئام والمودّة في سياساتها وفي فكر وسلوك قيادتها التي تصبّ توجيهاتها دائمًا في تعزيز التسامح فكرًا ونهجًا وأسلوب حياة. نعم .. عملت قيادتنا على جعل هذا الفكر ثقافة يومية ينتهجها المجتمع البحريني بكل أطيافه، مما انعكس إيجابًا على ضمان الأمن والاستقرار الذي تنعم به مملكتنا بوصفها وجهة مفضلة للعيش للجميع من مختلف بلدان العالم، وهذا ما أشارت إليه التقارير الدولية في هذا الشأن. وآمنت مملكتنا بأن التسامح هو العمود الفقري ومرتكز الاستقرار والنماء لجميع الحضارات والأديان والثقافات، لذا كان الحرص المبكر والسباق على أن تتجلى في دستورها ونهجها هذه القيمة الإنسانية السامية، فصاغت القوانين والتشريعات، وأطلقت (إعلان مملكة البحرين) الذي يعتبر وثيقة دولية تعبر عن فكر وفلسفة جلالة الملك المفدى حول مفهوم التعايش الإنساني، وأسست (مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي) الذي يعمل على نشر السلام ونبذ الطائفية والكراهية، ودشّنت (كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي) بجامعة سابينزا الايطالية الذي وفر للطلبة بمختلف مراحل الدراسات الجامعية الإمكانيات الكبيرة للبحث العلمي والدراسة في مجال التسامح وعلوم الأديان وغير ذلك من جوانب المعرفة الاجتماعية، كما وتعد شريكًا أساسيًا في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، لتكون جميعها شواهد تجسدت من خلالها أساسيات التعايش السلمي وقيم التسامح بين مختلف فئات المجتمع ما جعلها أيقونة التسامح، ونموذجًا متميزًا في تآلف وتواد جميع مكوناتها وفئاتها، ومملكة ملهمة للعالم في احترام المذاهب والأديان كافة، وإشاعة مبادئ السلام. نحن نعيش في وطن (غير) عن بقية الأوطان .. تجد في قلب المنامة وفي مساحة محصوره في بعض كيلو مترات تجد (الكنيسة والمعبد) بجوار (المسجد والمأتم) والجميع يمارس حريته الدينية في تسامح وتعايش، ومحبة وتآلف، منذ مئات السنين، يجمعنا حب الانتماء لهذا الوطن والولاء لقيادته، ونتشارك جميعًا في العمل والإنجاز، ونتلاحم معًا في الأفراح والأحزان، ونقف صفًا واحدًا من أجل أمن واستقرار مملكتنا. هذه هي طبيعة شعب البحرين المتسامح الذي يُعد من أكثر شعوب العالم انفتاحًا على الآخر وقبولاً له، وكل من عاش على أرض البحرين يدرك هذه الحقيقة جيدًا. هذه هي البحرين.. بلد التسامح ومجتمع التعايش حفظها الله قيادةً وشعبًا من كل مكروه.
مشاركة :