بينما تنطلق حملة انتخابات الرئاسة في الجزائر غداً (الأحد)، هاجم آلاف المتظاهرين في «حراك الجمعة 39» المرشحين الخمسة للاقتراع المقرر في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، واعتبروهم «جزءاً من حكم العصابات»، في إشارة إلى مشاركتهم في نظام الحكم السابق. وتميّزت مظاهرات أمس باحتجاج نظمه عشرات الصحافيين وسط المتظاهرين، حيث نددوا بما اعتبروه «مضايقات السلطة» لهم وضغوطها على مؤسسات الإعلام التي يشتغلون بها، لمنعها من تغطية الحراك الشعبي ونقل مطالبه.ولم تمنع الأمطار التي هطلت أمس على العاصمة ومناطق شمال البلاد المتظاهرين من النزول إلى الشوارع، حاملين لافتات رافضة لتنظيم الانتخابات وهاجم بعضهم قائد الجيش الفريق قايد صالح. وكرر المحتجون مطالبهم الأساسية، وهي تنحية رئيس الوزراء نور الدين بدوي المحسوب على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والإفراج عن ناشطين سياسيين، ورفع القيود الأمنية على المظاهرات. وعدّ المحتجون تلبية هذه المطالب شرطاً لتنظيم الانتخابات.وكما جرت العادة، نشرت قوات الأمن رجالها في كل المدن التي جرت بها المظاهرات، وكان وجودهم أقل كثافة بمدن القبائل (شرق) حيث يتعامل سكانها بحساسية شديدة مع القوات الأمنية لاعتبارات تاريخية مرتبطة برفض السلطة، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، الاعتراف بالأمازيغية كلغة وثقافة تميّزان قطاعاً من سكان البلاد. واستدرك بوتفليقة الموقف قبل نهاية حكمه عندما جعل الأمازيغية لغة وطنية (عام 2016).وعبّر المتظاهرون عن عزمهم على منع المرشحين من تنظيم تجمعات خلال الحملة الانتخابية، التي تنطلق غداً وتدوم 3 أسابيع، بحسب ما ينص عليه قانون الانتخابات.وتجمّع بوسط العاصمة عدد كبير من الصحافيين، يحملون شارات كتب عليها «صحافي حرّ»، واستنكروا ما وصفوها بـ«مضايقات السلطة» التي منعت الفضائيات الخاصة والتلفزيون والإذاعة الحكوميين من تغطية الحراك، على عكس ما كان يجري في الأسابيع الأولى للمظاهرات التي انطلقت في 22 فبراير (شباط) الماضي، كردّ فعل على ترشح بوتفليقة لولاية رابعة.وشهدت بعض المناطق، طوال الأسبوع الماضي، مظاهرات مؤيدة للجيش ولمسعى تنظيم انتخابات دعت إليها تنظيمات وجمعيات محلية مقرّبة من السلطة. وهاجم المتظاهرون المعارضة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات، وأشادوا بالجيش «الذي جنّب البلاد الوقوع في الانزلاق»، على أساس أنه دفع بوتفليقة إلى الاستقالة وسجن أهم رموز نظامه.من جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، في تقرير نشرته أمس، إن السلطات الجزائرية «اعتقلت العشرات من نشطاء الحراك المؤيد للديمقراطية منذ سبتمبر (أيلول) 2019، وما زال الكثيرون محتجزين بتهم غامضة، مثل المساس بسلامة وحدة الوطن وإضعاف الروح المعنوية للجيش». واعتبرت أن «على السلطات الإفراج فوراً عن النشطاء السلميين، دون قيد أو شرط، واحترام حقوق حرية التعبير والتجمع لجميع الجزائريين». وذكرت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة الحقوقية، أن «هذه الموجة من الاعتقالات تبدو كجزء من نمط، يقضي بمحاولة إضعاف المعارضة للحكام المؤقتين في الجزائر، ولعزمهم على إجراء انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر (كانون الأول). وتدّعي السلطات أن الانتخابات المزمعة تستهل حقبة جديدة من الديمقراطية في الجزائر، لكن لا شيء يبدو ديمقراطياً في هذه الحملة الواسعة النطاق ضد المنتقدين». وأفاد التقرير بأن السلطات «استهدفت الصحافيين الذين غطوا الاحتجاجات».وأضافت المنظمة أن تقارير الشرطة في ملفات المحكمة، «تبيّن في بعض القضايا أن فرقة خاصة بالجرائم الإلكترونية ترصد أنشطة بعض قادة الحراك على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شكلت تقارير المراقبة أساساً لتهم الإخلال بأمن الدولة أو المساس بسلامة وحدة الوطن، ذات الصياغة الغامضة».
مشاركة :