لم أرغب أن أكتب عن فيلم الجوكر (Joker) كما تسابق البعض من أجل الحصول على المشاهدات أو القراء، بل فضلت أن أرى الفيلم أولا ولا أقرأ عنه شيئا حتى أعطي رأيي ونقدي بكل حيادية وفنية. فيلم الجوكر يعتبر من النوع الإجرامي، المثير والدرامي ومن كتابة تود فيليبس (Todd Phillips) وسكوت سيلفر (Scott Silver) وجميع الشخصيات تم خلقها من قبل بوب كين (Bob Kane)، بيل فينجر (Bill Finger) وجيري روبنسون (Jerry Robinson) ومن بطولة خواكين فينيكس (Joaquin Phoenix) بدور آرثر فليك (Arthur Fleck)، روبرت دي نيرو (Robert De Niro) بدور موراي فرانكلين (Murray Franklin) و زازي بيتس (Zazie Beetz) في دور صوفي ديموند (Sophie Dumond) ومن إخراج تود فيليبس (Todd Phillips). الفيلم مبني على أكثر شخصية شريرة في عالم القصص المصورة أجمع والتي تأتي من عالم دي سي (DC) وهو معروف بكونه الخصم اللدود للبطل باتمان (Batman) لكن الفيلم ليس مثل أي فيلم للأبطال الخوارق، بل هو دراسة متعمقة لعقلية ونفسية هذه الشخصية التي أثارت العديد من التساؤلات حول هويتها والقصة الخلفية لها. القليل جدا لا يعلم أن شخصية الجوكر حتى هذه اللحظة أو الفيلم لم يكن له اسم ثابت ولا قصة خلفية ثابتة مثل بقية الشخصيات التي يتم خلقها في الأفلام، القصص المصورة، الروايات والمسلسلات التلفزيونية. فيلم الجوكر يدرس وبشكل متعمق أربعة مواضيع رئيسية يتم تجاهلها كثيرا من الإعلام، المجتمع ومن المؤسسات الطبية والحكومية وسيتم سردها كالتالي: 1 الفقر والبطالة: من أول مشهد يصدمنا الوضع بالحالة المأساوية التي تعيشها مدينة قوثام (Gotham) في ظل التدهور الاقتصادي وأكياس النفايات المتراكمة في كل مكان. كذلك وضع الشخصية الرئيسية آرثر في وضع مزر عندما يتم سرقة لوحة الإعلانات التي يحملها من قبل مجموعة غير مبالية من المراهقين ويكسرونها ويشبعونه ضربا مبرحا. هذا المشهد يمهد لنا الطريق نحو ما هو قادم من تأسيس نبرة الفيلم الإجرامية والدرامية. 2 الأمراض العقلية: هناك مشهد واضح وهو عندما يتحدث آرثر مع الطبيبة النفسية المتخصصة بعلاجه وهو يخبرها عن يومه السيئ وطلب منها زيادة جرعته ولكن في المقابل تعطيه وصفة طبية لشراء الأدوية التي يأخذها وهي سبعة أدوية. لكن المشهد يركز على ما يكتبه ضمن مذكراته وهناك عبارة قرأتها الطبيبة والتي تقول (I hope my death makes more cents than my life) والتي تعني (آمل آن موتي سيحقق سنتات أكثر من حياتي) وهنا نرى مدى العمق النفسي والعقلي الذي يعتصر آرثر في رؤيته لحياته ولنفسه، وهو قمة عدم الوثوق بالنفس وضعف الشخصية. كذلك هناك مشهد الباص مع الفتى الصغير الذي يلاعبه وعندما تتهجم عليه والدة الطفل يبدأ آرثر بالضحك، ولكنه في الحقيقة يبكي والجميع لا يعلم ما به فيعطيها بطاقة تصف حالته الراهنة ونوع المرض العقلي الذي يعتريه. 3 الظلم: وهذا يأتي مع آرثر بعد تعرضه للضرب من قبل المراهقين وعندما كان في غرفة تبديل الملابس عندما يقوم راندال (Randall) بإعطائه مسدسا لحماية نفسه من هؤلاء الحثالة في المرة القادمة ولكن هدف راندال هو إخبار المدير ليكون سببا في طرد آرثر من العمل وهو يأخذ مكانه كمهرج في الاحتفالات وغيرها. كذلك عندما يقرأ آرثر رسالة والدته التي كتبتها لـ توماس واين (Thomas Wayne) والتي تقول إنها كانت على علاقة معه وآرثر هو ابنه الذي لم يعترف به، عندما يذهب آرثر لمنزل توماس ولكنه يقابل ابنه بروس (Bruce) ويتم طرده قبل إبلاغ الشرطة. قد يكون أكثر مشهد يجسد الظلم هو مشهد القطار الذي يقوم ثلاثة من موظفي شركة (Wayne) في التحرش بفتاة، ولكن ضحك آرثر يثير غضبهم فينهالون عليه ضربا وهنا يخرج مسدسه ويقتل اثنين منهم في لحظتها ويصيب الثالث في فخذه، ولكنه يتمكن من قتله بعد أن يخرجا من القطار. 4 التمييز الاجتماعي: بالرغم من كونه غير واضح للوهلة الأولى إلا أن الإسقاطات كانت كافية لتوضح التمييز الاجتماعي الطبقي بين الأغنياء والفقراء، وكذلك من هم أكثر حظا من غيرهم ونعت أغلب الناس المتظاهرين بالمهرجين، مما جعل العديد ممن هم أقل حظا أن يقوموا بمظاهرات في العلن لإعادة التوازن الاجتماعي. AsimAltokhais@
مشاركة :