مريد البرغوثــي: سؤال الهوية يُخيفني

  • 5/14/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، أن لقب الشاعر هو الأثير لديه، ولا يزعجه إن وصفه البعض بناقد فاشل وشاعر مبدع، إذ يرى الشعر فضاءه الأكثر رحابة. ويؤكد في حوار لـالإمارات اليوم أن سؤال الهوية يخيفني. ويضيف الشاعر، الذي ترأس لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، في حوار لـالإمارات اليوم أن بعض أجواء المنافسة في مجال الإبداع الروائي غير صحية، وهو ما تسعى إلى تجـــــــاوزه جائزة البوكر العربية. النقد والإبداع قال الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، إن أهم ما يتيحه الإبداع الشعري للشاعر، هو امتلاكه أدوات وإمكانات نقده لذاته. وأضاف ذهبت إلى الشعر بالأساس لأحافظ على قدرتي على ممارسة الانتقاد، بما في ذلك أعلى درجاته، وهو نقد الذات، معتبراً أن توقف الإنسان عموماً عن توجيه النقد، هو أحد أهم أسباب الأزمة الحضارية التي يعيشها العرب. وتابع نقد الآخر يسير، ومن وجهة نظري، فإن كل ما تحت السماء قابل للنقد، فالحياة عندي ليس الصواب والخطأ، أو الحلال والحرام، بل الجميل والقبيح، هذه تحديداً هي مسطرتي التي أقيس بها الأشياء، ومقدارها مدى قربها أو بعدها عن طرفي الجمال والقبح. مسطرة جمالية قال الشاعر مريد البرغوثي، إن البعض يصفني بناقد فاشل وشاعر مبدع، وهذا يسرني. وتابع الشاعر غير مسؤول عن تحقق قصائده في الحياة، نحن نرفع صوتاً بما نرى ليتحقق يوماً. وتساءل بعض الأفكار (المعاصرة) الآن تريد أن تجرنا إلى الماضي بكل تفاصيله، فإذا كانت العودة إلى الماضي مشروعنا الأكبر، فمتى نعيش الحاضر، ولا يمكن أن ترقى أمة تحلم باجترار ماضيها، عوضاً عن التطلع إلى مستقبلها. ولم يخفِ البرغوثي امتعاضه الشديد من حالة الاستهجان التي أظهرها البعض، بناء على نتائج المنافسة الإيجابية التي خلفتها البوكر، خصوصاً من مبدعين ذهبوا بعيداً في ادعاءاتهم، وكان يجب أن تظل بمنأى عن المنافسة في مجال إبداعي أدبي، هو الرواية. ومع إيمانه بأن الجائزة خلقت أجواء ثرية للمنافسة الحقيقية، إلا أنه لم يخفِ استياءه من الصبغة الشخصية التي سعى البعض إلى إضفائها، من خلال حملات طالته هو شخصياً. صاحب رأيت رام الله، التجربة السردية التي عكس فيها تجربته الشخصية بعد 30 عاماً من الإبعاد القسري عن مدينته رام الله في فلسطين، بعد أن تزامن تخرجه في جامعة القاهرة مع عام هزيمة 1967، وهي التجربة التي أتبعها بتجربة سردية أخرى هي ولدت هناك.. ولدت هنا، يؤكد أن الشعر الذي صاغ من قصائده 12 ديواناً مختلفاً، هو فضاؤه الأول، لكن في المقابل، فإن ثمة جماليات مشتركة تتعلق باللغة وتوظيفها، تبقى حاضرة هنا، وهناك، بمثابة قاسم مشترك. وكان البرغوثي، ابن قرية دير غسانة، كتب في رأيت رام الله بعد عودته إلى فلسطين نجحت في الحصول على شهادة تخرّجي، وفشلتُ في العثور على حائط أعلِّق عليه شهادتي، إذ إنه لم يرَ مدينة رام الله، إلا بعد ثلاثة عقود من سيرته في المنفى المتعدد الجغرافيا. تبريد اللغة، هو أحد المصطلحات المثيرة للجدل التي ارتبطت بالبرغوثي، وهو العامل الحاسم في استخدام لغة فضفاضة، يرى انها لا تناسب الإبداع الأدبي عموماً، والشعري خصوصاً، وتوظيف اللغة توظيفاً صحيحاً. ويضيف البرغوثي لـالإمارات اليوم، أن تبريد اللغة حسب ما أعنيه، هو أن أتحدث بشكل ملموس يفهمه الجميع، وليس بشيفرات لا يفهمها سوى من يطلقها، أو انها لا تضيف جديداً إلى المعنى. ويعبر عن استهجانه من ظاهرة اللهاث وراء تعبيرات فضفاضة، مثل بنفسجة الرؤى، ليل دام، جريمة نكراء، عدوان غاشم، متسائلاً متى يكون العدوان غير غاشم بالأساس، وهل هناك جريمة غير نكراء، وماذا تعني حقيقة إضافة كلمة بنفسجة إلى الرؤى هنا، وغيرها من العبارات التي لا تضيف جديداً، ويتم استخدامها بإسهاب. ويرى أن الكاتب الذي يلجأ إلى عبارات لا طائل منها، هو في الحقيقة يمارس البطالة والكسل، ولا يؤدي ما يجب عليه تأديته من خلال استخدامه لغة هلامية فضفاضة، واللغة الزائدة لا تليق بشاعر يريد أن يصدقه الناس. ويتابع ليس مقبولاً في هذا السياق الاستمرار في تكرار عبارات من تقدموا مثل اغرورقت عيناه، يجب أن يستبدلها بمعناها المباشر بكى، إن لم تكن في المفردة الأخرى إضافة حقيقية للمعنى، وحينما تشكل هذه الإضافة إصابة حقيقية فيدهشني كقارئ، يكون هنا قد نجح في جلب المتعة بنصه الأدبي. ويضيف البرغوثي على الشاعر بشكل خاص أن يستخدم اللغة بدقة الجراحين، فالنعت الذي لا طائل منه، لا ضرورة له، والاستخدام العامي لبعض العبارات بشكل يذهب بها في إطار المبالغة غير الموظفة، يجب أن يكون بعيداً عن التوظيف الإبداعي للغة. ويقول البرغوثي عن أكثر الأسئلة المقلقة، إن سؤال الهوية يخيفني، فلا يسأل عن الهوية شخص مطمئن، مضيفاً سؤال الهوية يجب أن يقلق كل من يوجه له هذا السؤال، وليس الفلسطيني فقط، لأن السؤال يفترض بالأساس أن هناك من هم (شعب الله المختار)، ومن هم ليسوا كذلك، في حين أن الهم يجب أن يكون من منطلق البحث عن إجابة لكيفية ان يعيش الإنسان محترماً. ويتابع سؤال الهوية بهذه الطريقة، وغيره من الأسئلة خلّف العديد من المغالطات الكارثية، فلسنا أجمل الأوطان، ولسنا الضحايا، وسوانا لا يدخلون في هذه الزمرة، ويجب بكل بساطة أن نكف عن ترديد المقولات بهذه السذاجة. ويبين أن البحث عن هوية سياسية لفلسطين على سبيل المثال، جعلنا نلهث وراء سلطة فلسطينية وكيان، لكننا وقعنا في سبيل ذلك في كوارث تاريخية . ويرى الشاعر مريد البرغوثي أن الهوية الحقيقية مفادها أن كلنا واحد، ولا أحد يتمايز عن الآخر، من دون قصد الأفضلية المسبقة، مضيفاً المظلوم يخسر فعلاً حينما لا يكون في جوهره أفضل من الظالم، داعياً إلى التفكير في سؤال الهوية مرة أخرى.

مشاركة :