بعد ساعات قليلة من إعلان الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، أمس الجمعة، ارتفاع سعر البنزين 3 أضعاف سعره الحالي في البلاد، انفجرت احتجاجات الغضب داخل الشارع الإيراني، وهو ما يراه المراقبون في طهران «غضب مبرر»، وبينما وصف سكرتير نقابة العمال، علي رضا محجوب، هذا القرار بأنه «إضرام النار في حياة الفقراء»، الأمر الذي دفع بعض نواب البرلمان الإيراني والمسؤولين الحكوميين، إلى انتقاد القرار الحكومي، الذي تزامن مع موجات احتجاجية فئوية وعمالية الأسبوع الماضي، ومهد الأرض لانفلات الغضب الشعبي «المكتوم» منذ بدء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب إيران. إيران تخشى «عدوى» التظاهرات الساخنة من العراق السلطات الإيرانية، تحسبت جيدا من انعكاس المشهد العراقي «الساخن»، على إيران، خشية «عدوى» التظاهرات التي اندلعت في بلاد الرافدين، للثورة على الأوضاع المعيشية السيئة، وطلبت من العراق أن يغلق حدوده الجنوبية مع إيران أمام المسافرين، وأعلنت السلطات العراقية، اليوم السبت، إيقاف حركة المسافرين مع إيران عبر منفذ الشلامجة الرابط بين البلدين، إلا أن شرارة الاشتعال انتقلت من رفع أسعار الوقود من جهته أعرب المرجع الديني، آية الله صافي كلبايكاني، عن أسفه وقلقه الشديدين إزاء رفع أسعار البنزين ودعا البرلمان للتدخل وإلغاء القرار. توقعات بإلغاء قرار رفع أسعار البنزين وتوقعت مصادر إيرانية، أن يعاد تقييم سعر الوقود، وربما يلغى القرار الصادر أمس الجمعة، أو يتم خفض الزيادة بنسبة 30 % لامتصاص غضب الشارع الإيراني، بعد أن عقد المجلس الاقتصادي الأعلى في إيران، اليوم السبت، اجتماعا طارئا لبحث تداعيات رفع أسعار الوقود والاحتجاجات الشعبية بحضور رؤساء السلطات الثلاث.. وقال عضو في لجنة التخطيط والموازنة في البرلمان، إن النواب سيقدمون مشروع قانون عاجل يلزم الحكومة بإلغاء قرار رفع أسعار البنزين.. ومن جانبه قال محمد رضا بور إبراهيمي، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان، إن البرلمان سيعقد غدا الأحد،اجتماعا مغلقا مع الفريق الاقتصادي في الحكومة مع احتمال أن يعقد اجتماعا آخر يوم الإثنين مع الرئيس حسن روحاني لبحث قرار تقنين ورفع سعر الوقود. ويرى خبراء اقتصاد ومحللون، أن إيران لم تعد بعيدة عن نيران الاحتجاجات التي تشهدها دول عديدة في المنطقة والتي تحمل مطالب اقتصادية واجتماعية إضافة الى المطالب السياسية.. ويؤكد الباحث في شئون منطقة الشرق الأوسط، ديمتري ماناكوف، أن السلطات الإيرانية أخطات في توقيت رفع أسعار البنزين ولم تراعي مؤشرات ووقائع خطيرة وهي: أولا: أن الساحة الإيرانية شهدت قبل عشرة أيام احتقانات عمالية وفئوية شهدت تصادمات مع الأمن، وتمددت تلك التظاهرات لتشمل العديد من المدن الإيرانية، وهي احتجاجات كانت مدعومة من النقابات والقوى الشعبية. وثانيا: أن هناك أجهزة استخبارات غربية تترصد بالواقع الإيراني عقب احتقان الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وقد أعطت السلطات الإيرانية الفرصة لمن يريد إشعال الشارع الإيراني وهو المهيأ أيضا لانفلات مشاعر الغضب والاحتقان ويضيف المحلل الروسي، إن الواقع الاقتصادي الإيراني يواجه أزمات خانقة جراء العقوبات الأمريكية، ويمر الاقتصاد الإيراني منذ أكثر من عام بحالة ركود، فيما تواصل العملة الإيرانية انهيارها، وجاءت إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران لتعمق من الأزمة، بحيث صار من المتوقع أن يصل التضخم هذا العام إلى نحو 50%، وهو الأعلى منذ «الثورة» في إيران عام 1979. ومما فرض معاناة على المواطن الإيراني. الاقتصاد الإيراني يواجه الأسوأ يذكر أن صندوق النقد الدولي كشف مؤخرا عن توقعاته بشأن الاقتصاد الإيراني.. وقال إن معدلات التضخم في إيران قد تقفز إلى نحو 50 في المئة خلال العام الجاري، مرتفعا من 37 في المئة، وذلك بفعل تشديد العقوبات الأمريكية على صادرات النفط. وبذلك فإن الاقتصاد الإيراني سيكون أسوأ حتى من الاقتصاد في كل من فنزويلا وزيمبابوي، بحسب ما ذكرت صحيفة ذي تايمز البريطانية..وتعتبر توقعات الصندوق للاقتصاد الإيراني أسوأ أداء منذ 1984، أو نحو 35 سنة، حين كانت إيران في حرب مع العراق..وقال الصندوق إن إيران «اختبرت ولا تزال تختبر ضائقة اقتصادية حادة جدا». أبواب الاحتجاجات قد فنحت ومن الصعب إغلاقها ويرى مراقبون، أن هناك احتمال قائم بارتفاع وتيرة الاحتقان الشعبي، حتى لو لجأت إيران لممارسات القمع الأمني، أو حتى لو ألغت قرار رفع أسعار البنزين، لأن أبواب الاحتجاجات قد فنحت ومن الصعب إغلاقها في ظل الظروف المعيشية الصعبة، فضلا عن أن الاحتجاجات التي تشهدها دول في المنطقة على غرار العراق ولبنان سيكون لها وقع على المحتجين الإيرانيين الذين كسروا على ما يبدو حاجز الخوف على غرار المحتجين العراقيين واللبنانيين. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي انتقد مرارا المتظاهرين السلميين في العراق ولبنان ووصف احتجاجاتهم بالمؤامرة الغربية. ومن المتوقع أيضا ارتفاع سقف المطالبات الشعبية من الاقتصاد إلى السياسة ليشمل نظام الحكم في إيران، وهو ما تخشاه طهران.
مشاركة :