البنزين أشعل الشارع! - مقالات

  • 8/7/2016
  • 00:00
  • 51
  • 0
  • 0
news-picture

البنزين أشعل الشارع! وبات حديث الناس بعد قرار مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت الاسبوع الماضي والقاضي بتحرير أسعار البنزين اعتباراً من الأول من سبتمبر المقبل، بناءً على توصية لجنة الشؤون الاقتصادية في شأن مقترح لجنة إعادة دراسة مختلف أنواع الدعوم التي تقدمها الدولة، وذلك لمواجهة التحديات المنبثقة من جراء استمرار انخفاض أسعار النفط وتأثيرات ذلك على الميزانية العامة للدولة. هكذا جاء القرار، وبين مؤيد ومعارض، كانت الكفة طبعا وكما هو متوقع، تميل لفئة المعارضة. ولكن بكل حيادية وبعيداً عن العاطفة، دعونا نتأمل قليلاً في أسباب هذا القرار وتبعاته، حتى ندرك حقا مدى جدية الحكومة في مواجهتها لأزمة تبدو أنها حقيقية على المدى البعيد! - تدعي الحكومة أن من أهداف القرار سعيها إلى إصلاح الموازنة العامة للدولة، ووفقا للقرار المتخذ فإن سعر البنزين سيزيد بما لا يقل على 41 في المئة عن السعر المتعارف عليه قبل اتخاذ القرار. وعلى الرغم من هذه القفزة الهائلة في الأسعار، إلا أن ذلك سيضيف إيرادات تبلغ 160 مليون دينار كويتي فقط، وهو ما يشكل نسبة لن تزيد على اثنين في المئة من إجمالي العجز المتوقع للعام الحالي فقط! وبالطبع ستقل هذه النسبة مستقبلاً بسبب التوقعات التي تشير إلى ارتفاع نسبة العجز بسبب تضخم بند المصروفات في الميزانية العامة! - يدعي البعض أن نسبة فاتورة البنزين بالنسبة إلى مصاريف المواطن العادي لا تتجاوز 5 في المئة فقط شهرياً، وأن أي زيادة لن تؤثر على المستوى المعيشي للمواطن. ويبدو أنهم تناسوا في ذلك، أن أي زيادة في أسعار البنزين وغيرها من السلع الأساسية الأخرى التي تعد أساساً في أي صناعة أو خدمة، قد ينشأ عنها زيادة في أسعار الخدمات والمنتجات المرتبطة، وهذا يعني زيادة أكبر في نسبة التضخم التي بلغت في أغسطس 3.8 في المئة على أساس سنوي! - إن العلة الكبرى في ميزانية الدولة، وكما يعلمها الجميع، تتعلق ببند الرواتب والذي يبلغ حالياً ضمن الموازنة المالية للعام 2016-2017 نحو 10.3 مليار دينار، وبما يعادل 55 في المئة من إجمالي الإنفاق العام البالغ 18.9 مليار دينار! إن الأجدى بالحكومة أن تعمل جاهدة على محاولة إيجاد حل لتقليل قيمة هذا البند من خلال إيجاد فرص عمل حقيقية وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمار الأجنبي وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الحلول التي لا تخفى على الجميع. - إن الميزانية العامة للدولة تعتمد وفي شكل كبير على النفط كمصدر رئيسي للدخل، حيث بلغت مساهمة النفط نحو 89 في المئة من إجمالي الإيرادات المقدرة للعام المالي الفائت. وبعد انخفاض سعر النفط من نحو 147 دولاراً في العام 2014 إلى معدلاته الحالية بحدود 40 دولاراً، وبعد مضي سنتين على هذا الانخفاض الحاد، يتساءل الجميع عن خطط الدولة المنفذة في تنويع مصادر الدخل، وفي خلق بيئة استثمارية جاذبة، وفي الدخول في مشاريع ذات عوائد استثمارية مجزية، وفي تعزيز البنية التحتية للدولة لتساهم في خلق اقتصاد قوي، وغيرها من خطوات الإصلاح الحقيقي، ولنا في دول العالم كسنغافورة وغيرها، ممن بدأ من الصفر، خير دليل على ذلك. - ترى الحكومة في زيادة أسعار البنزين، رسالة لتعزيز وضع الكويت لدى وكالات التصنيف. وواقع الأمر يقول، ان وكالات التصنيف ليست مهتمة فقط في زيادة أسعار البنزين، بل في خطوات الدولة الجدية في إصلاح الهيكل المالي العليل. ولو كان ذلك صحيحاً، لما تنازلت الحكومة عن مقترحاتها المتعلقة برفع الدعم عن أسعار الكهرباء ورضخت للمطالب النيابية في فرض استثناءاتها! - إن جدية الحكومة بالإصلاح، ينبغي أن تنطلق ضمن حزمة من الإجراءات الممنهجة والمدروسة وفق خطة زمنية معينة معروفة وفي إطار محدد حتى يستوعبها الجميع ويدرك حقيقة النوايا في مثل أي قرار، وعندها فإنني متأكد أن كل المواطنين سيشاركون الحكومة ذلك. - إن تغيير مفهوم المواطن المنغمس في ما يعرف باسم الدولة الريعية وبامتياز، إلى مشارك في خطط الدولة ومشاريعها ومصروفاتها يحتاج إلى وقت وجهد. وحتى لا «يتحلطم» صاحب القرار على وجهة النظر هذه... نقول باختصار ان الدولة هي من صنعت كل ذلك. boadeeb@yahoo.com

مشاركة :