تدفع السلطة الجزائرية بقوة في اتجاه تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة قبل نهاية العام الجاري وتسعى لقطع الطريق على الحراك المناوئ لها في ظل اشتداد الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة، وأوحت اللجنة المستقلة للانتخابات بدخول المسار في مرحلته النهائية عبر توقيع المرشحين الخمسة لميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية، عشية انطلاق الحملة الدعائية بداية من الأحد. ووقع المرشحون الخمسة للانتخابات الرئاسية -المقررة في الثاني عشر من شهر ديسمبر القادم- السبت في مقر السلطة المستقلة للانتخابات، على ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية، في خطوة توحي بأن الهيئة قد دخلت مرحلة تجسيد الاستحقاق الرئاسي، وأن قطار الانتخابات الرئاسية لن يتوقف. ويشكل الميثاق المذكور تحولا جديدا في مسار الاستحقاقات الانتخابية الجزائرية، وأحد مخرجات عمل وصلاحيات اللجنة المستحدثة منذ عدة أشهر، بغية إضفاء أجواء الشفافية والممارسة الديمقراطية في البلاد، وتلبية لواحد من المطالب التي ناضلت لأجلها المعارضة السياسية سنوات طويلة. وتسعى اللجنة من وراء الدفع بمراحل الاستحقاق الرئاسي إلى محطته الأخيرة، رغم ما يعتريها من شكوك وطعن في حيادها ونزاهتها، وقدرتها على ضمان حياد الإدارة والمؤسسات الرسمية، كما كان يجري في السابق، والتسويق عبر جمع المرشحين للتوقيع على ميثاق الأخلاقيات، إلى دخول المشهد السياسي في مرحلة جديدة تقطع مع ممارسات الماضي. ويندرج الميثاق المذكور ضمن القانون الأساسي المتعلق بعمل السلطة، ويتحدث عن “ضرورة إعداد هذا الميثاق والعمل على ترقيته لدى جميع المعنيين بالمسار الانتخابي”. الوثيقة تشدد على احترام المبادئ الديمقراطية الأساسية لاسيما الحق في الترشح وسرية التصويت وشفافية تمويل الحملات الانتخابية وحياد المؤسسة المكلفة بالانتخابات والمصالح التابعة لها ويتضمن “المبادئ التوجيهية والممارسات الخاصة، التي تشكل إطار السلوك الأخلاقي المنتظر من الفاعلين والأشخاص المشاركين في العملية الانتخابية، وتكريس قواعد الاحترام العميق والمستدام للمسار الديمقراطي، والامتثال للقوانين والنصوص التطبيقية التي تنظم قواعد الانتخابات والحملات الانتخابية”. وتشدد الوثيقة الموقعة على “احترام المبادئ الديمقراطية الأساسية من خلال حرية ممارسة الحقوق الديمقراطية دون ترويع، ولاسيما الحق في الترشح والحق في التصويت وسريته وشفافية تمويل الحملات الانتخابية، واستقلالية وحياد المؤسسة المكلفة بالانتخابات والمصالح التابعة لها”. كما تلزم المعنيين بما أسمته ضوابط ومبادئ الانتخابات الحرة والنزيهة، والتقيد بالقوانين الانتخابية، والسعي لتعزيز ثقة المواطن في العملية الانتخابية والدفاع عن الحقوق الديمقراطية للجزائريين”. وفضلا عن ذلك يؤكد الميثاق على “بذل كل الجهود اللازمة قصد ضمان إدارة تصويت لائق ومنصف وضمان طابعه السري”، والتصرف “على نحو يعزز نزاهة النظام الانتخابي”. وأجمع المرشحون الخمسة للانتخابات عقب التوقيع، على أن الميثاق يمثل “خطوة إيجابية غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الجزائرية”. والمرشحون الخمسة هم: المستقل عبدالمجيد تبون، ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، والأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي، ورئيس جبهة المستقبل عبدالعزيز بلعيد، ورئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة. وصرح بلعيد، للصحافين، بأن “ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية جاء نتاجا لسنوات النضال التي دعا خلالها لأخلقة العمل السياسي في الجزائر، وأن جبهة المستقبل منذ تأسيسها في 2012، وهي تطالب بضرورة أخلقة العمل السياسي الذي شهد تدهورا كبيرا منذ سنوات”. أما المرشح علي بن فليس، فقد وصف ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية بـ”الشيء العظيم لبناء الجزائر الجديدة”، وأن السلطة الوطنية للانتخابات قامت بعمل كبير وميثاق الأخلاقيات دليل على ذلك.. سنتنافس بيننا ومن يثق به الشعب سيكون رئيسا للجزائر”. وأكد بن قرينة بأنه “سيلتزم أمام الشعب بحملة انتخابية نظيفة، بهدف بناء دولة القانون والنزاهة التي يحلم بها الجميع، وبأن موعد رئاسيات 12 ديسمبر، سيكون تنافسيا بأتم معنى الكلمة، ونحن متنافسون ولسنا أعداء وهمنا بناء جزائر جديدة”. ولفت إلى أنه “كمرشح راض إلى حد الآن على أداء عمل السلطة المستقلة للانتخابات مركزيا، ونأمل أن تتوسع على المستوى المحلي”. وعبر تبون عن “سعادته واعتزازه بحضور توقيع ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية ووضع أول لبنة للجزائر المقبلة”. في حين أكد ميهوبي على أن “ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية عقد معنوي بين المرشحين الخمسة، والشعب الجزائري الراغب في بناء دولة قانون ذات شرعية”، وأنه سيلتزم كل الالتزام بما جاء في الميثاق الذي يدعو إلى أخلقة العمل السياسي. وتوحي تصريحات المرشحين الخمسة بالتفاؤل حول مسار الاستحقاق الانتخابي والتأسيس لمرحلة جديدة في العمل السياسي والانتخابي، رغم أن الذين وقعوا على الميثاق ينحدرون كلهم من طبقة سياسية مستهلكة ويبدون عاجزين عن إقناع الشارع بالانخراط في العملية الانتخابية، خاصة في ظل موجة الاحتجاجات المتصاعدة خلال الأيام الأخيرة.
مشاركة :