تجاوزات الطلبة السلوكية.. «ثقب» في جدارالتربية

  • 11/17/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق : محمد إبراهيم التربية والتعليم وجهان لعملة واحده، فإذا أردنا أن نعلم الأبناء، فعلينا أن نربيهم أولاً، معادلة- مهما تعددت طرائق طرحها، تأتي بناتج واحد- تؤكد أنه لا تعليم بلا تربية.منذ أيام قليلة، رصدت «الخليج» ثلاثة تجاوزات سلوكية للطلبة داخل الحرم المدرسي، وجميعها كانت اعتداءات بالضرب انتهت في أروقة المستشفيات، فهذا طالب يعتدي على زميله ضرباً بالمقاعد، ويصيبه بقطع في الغضروف وجرح بالأذن، والثاني ينهال ضرباً على زميله ويصيب وجهه ورقبته بإصابات بليغة، والحالة الثالثة كانت لطالبة اعتدت عليها بعض زميلاتها، لتصاب في الوجه وأماكن متفرقة في جسدها.ومع وجود التكنولوجيا، تطور الأمر من مجرد سلوك غير لائق إلى جرائم يعاقب عليها القانون، والغريب أن بعض الطلبة يسجلون جرائمهم سواء بالاعتداء على زملائهم أو معلميهم أو على مقتنيات المدرسة، بالصوت والصورة، ويتباهون بنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بلا إدراك لخطورة ما يفعلونه.ووصف خبراء وعلماء النفس، تجاوزات الطلبة السلوكية، بثقب في جدار «التربية»، يهين قداسة التعليم، بعد أن تقاعس الوالدان في تربية أبنائهما، وعجزت لوائح السلوك في المدارس عن ردعهم، وإعادة تقويمهم، وقدموا وصفة علاجية تضم 10 اتجاهات للقضاء على تلك التجاوزات.بدورها، منعت وزارة التربية والتعليم إدارات المدارس من إبلاغ الشرطة عن الطلبة المخالفين سلوكياً، وجعلت الشؤون القانونية للوزارة المتصرف الوحيد في تلك الحالات، في محاولة منها لعدم تسلل إشكاليات الطلبة السلوكية، إلى أقسام الشرطة وساحات القضاء.«الخليج» تركز من خلال المناقشات على التداعيات والأسباب، وراء تلك التجاوزات، وانعكاساتها على العملية التعليمية، وتحصيل الطالب العلمي، وكيف يرى علماء النفس والتربويون تلك الظاهرة، وسبل العلاج، وإعادة تقويم الطلبة من جديد. أسباب وتداعيات محطاتنا الأولى، كانت مع علماء النفس، إذ شرحت غاية عيسى المختصة في علم النفس، أسباب وتداعيات تلك السلوكيات، قائلة: السبب الرئيسي في الخلل السلوكي لدى الأبناء يعود إلى الأسرة، «المتهم الأول»، التي ركزت على الدلال وتناست دورها في غرس أصول التربية الصحيحة في نفوس الأبناء. يتطور الأمر مع الطالب عند دخوله المدرسة، ويفرز بعدها التجاوزات والسلوكيات التي نحن بصددها حالياً، سواء كانت اعتداء بالضرب أو السب، أو المشاحنات، أو المشاكسات، فجميعها سلوكيات غير مقبولة، تتطور في معظم الأحيان لتصبح جرائم يعاقب عليها القانون، ولكن الأبناء لا يدركون خطورة ما يفعلونه، وهنا تعيق الأسرة دور المدرسة في تعليم الأبناء.تلك السلوكيات تبدو في الظاهر بسيطة وطبيعية، ولكن تخفي وراءها جرائم تقود إلى ساحات الشرطة والقضاء، وقد تحدث بسبب ضعف قدرة الطالب على التحصيل الدراسي، ما يجعله يعرض عن الدراسة، ويميل لتكوين الشلل والعصابات مع اقرأنه من الطلبة، لأثارة الشغب في الفصل، واستفزاز المعلم، ليصرف الأنظار عن حالة تأخره الدراسي. مشاكل سلوكية شائعة وفي المحطة الثانية رصدت الدراسات والأبحاث العلمية، 17 مشكلة سلوكية شائعة بين طلبة المدارس، تضم التأخر عن الطابور الصباحي أو الحضور للمدرسة أو التغيب بدون إذن، وعدم إحضار الكتب والأدوات، والدخول والخروج من الفصل وقت الحصة دون استئذان، والإهمال في أداء الواجبات المدرسية، وإحضار الهاتف النقال إلى المدرسة، والكتابة على الجدران المدرسية والأثاث المدرسي، والهروب من المدرسة أثناء اليوم الدراسي، والشجار وتهديد الآخر بالقول أو الفعل، والتلفظ بأسلوب غير لائق مع الزملاء والعاملين في المدرسة، وتزوير توقيع ولي الأمر بالمكاتبات الرسمية، والتزوير في بطاقة الدرجات، وإدخال أدوات خطرة إلى الحرم المدرسي مثل الآلات الحادة أو الأسلحة البيضاء أو الأسلحة النارية، وإتلاف أو تخريب أدوات المدرسة، وممتلكات الزملاء، وممتلكات العاملين بالمدرسة. حلول مساندة جاءت وجهة نظر تربويين ومعلمين، تؤكد أن ما يحدث ليس مجرد سلوكيات عادية، بل جرائم، لا يجوز وجودها داخل الحرم المدرسي، مشددين على ضرورة إيجاد حلول مساندة للائحة السلوك التي منحت الطالب كل الحقوق، وسلبت المعلم هيبته، وأثرت سلباً في مفاهيم احترام قداسة المدرسة، في ظل غياب دور الأسرة وانسحاب الآباء من أدوارهم التربوية، التي تملي عليهم محاسبة أبنائهم ومراقبة سلوكهم الخاطئ بشكل مستمر.ويرى كل من وليد فؤاد لافي، وخالد عبد الحميد، وسلمى عيد، وعصمت علي، ورانيا حجازي أن جميع تجاوزات الطلبة بأنواعها تعود إلى الأهل، الذين يساندون أبناءهم في جميع مشاكلهم داخل المدرسة وخارجها ، بغض النظر عن خطورة أفعالهم وأخطائهم، ما أدى إلى انفلات أخلاقي يهدد مكونات ومحتويات المدرسة، وأن إدارة المدرسة يجب أن تكون حازمة ومسيطرة على مجريات الأمور بين طلابها حتى لا تسود الفوضى.وقالوا إن لائحة الانضباط لم تتضمن عقوبات رادعة للطالب، ما شجعه على تكرار المخالفة بدون خوف أو مجرد تفكير في المخاطر، فليس من المنطق أن تكون عقوبة الطالب خصم 4 درجات عند إتلاف وتخريب أجهزة مرافق مدرسته، أو خصم درجتين عند تصويره الآخرين والتشهير بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع، ويجب إعادة النظر في بنود تلك اللائحة بما يسهم في تقويم الطالب ويحافظ على هيبة المعلم، والمحافظة على الممتلكات العامة للمدرسة. العملية التعليمية على الرغم من أن قصور بعض الأسر في تربية الأبناء، كان سبباً رئيسياً في وجود التجاوزات السلوكية لدى الطلبة، إلا أن أولياء الأمور «حمدان عبدالله، وعلي حسين، ومحمد موافي، وسارة مصطفى»، طالبوا بضرورة التصدي لتلك التجاوزات، ومحاسبة الطلبة ذوي السلوكيات التي تهدد استقرار العملية التعليمية، لا سيما التي تستهدف الاستهزاء بالمعلم أو ضياع هيبته، أو التنمر والاعتداء على زملائهم بالسب والقذف والضرب، ما يسهم في تورط الطلبة في جرائم تقودهم إلى ساحات الشرطة وتمتد إلى القضاء. قراءة للائحة في قراءة «الخليج» للائحة الانضباط السلوكي للمتعلمين المعتمدة من قبل وزارة التربية والتعليم، نجد أنها حددت 100 درجة لتقييم سلوك الطالب، وتركزت تجاوزات الطلبة، المطروحة في سطور هذا التحقيق، على مخالفات الدرجات «الثانية» وبلغ الوزن النسبي لمخالفاتها 16 درجة، و«الثالثة» 28 درجة، و«الرابعة» 30 درجة، وتحدد 4 درجات كوزن لكل من مخالفات «التصوير وحيازة ونشر الطالب وتداول صور للعاملين بالمدرسة والمتعلمين دون إذن منهم بقصد الإساءة، وتعمد الإساءة للزملاء والعاملين بالمدرسة، وتعمد إتلاف أو تخريب أجهزة وأدوات المدرسة ومرافقها أو الاستيلاء عليها، والشجار والتهديد والتعدي على الزملاء بالقول أو الفعل. غير لائق من جانبها ارتأت وزارة التربية والتعليم، إنه من غير اللائق أن تحول مخالفات الطلبة السلوكية إلى «الشرطة»، لا سيما مع وجود لائحة لضبط السلوك الطلابي، فوجهت ممثلة في إدارة الشؤون القانونية، إدارات المدارس مؤخراً، بعدم إبلاغ الشرطة عن السلوكيات المخالفة التي تصدر من الطلبة داخل المدرسة، وألزمت جميع الهيئات التدريسية والإدارية وضباط السلامة بالمدارس، بعدم تصعيد الأمر لمراكز الشرطة، والرجوع للإدارة القانونية بديوانها، لتقييم الموقف قانوناً من حيث التقدم بالبلاغ من عدمه، حفاظاً على سلامة الإجراءات بحق الطلبة، لا سيما أن بعض مديري المدارس قاموا مؤخراً، بالإبلاغ عن سلوكيات الطلبة في مراكز الشرطة. واضحة ومفصلة وأكدت الوزارة في تعميم لها حصلت «الخليج» على نسخة منه، إن لائحة السلوك المطبقة بالمدارس، جاءت واضحة ومفصلة للإجراءات المعتمدة والمتبعة لمعالجة السلوكيات السلبية لدى الطلبة، دون استخدام أي تصرف يخالف القواعد والنظم واللوائح التربوية المعمول بها في الميدان.وأفادت بأنه لا يجوز لغير أعضاء الشؤون القانونية بالوزارة التقدم ببلاغات للشرطة نيابة عن الوزارة، وطالبت إدارات مدارسها بضرورة الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة قبل دخول الشرطة للمدرسة لأي سبب كان.وحذرت الوزارة المخالفين لتلك التعليمات، من تعريض أنفسهم للمسألة القانونية، لا سيما أن القرار الوزاري رقم 851 لسنة 2018، ينظم كيفية التعامل مع الطلبة في مثل هذه الحالات، وفي إطار لائحة إدارة سلوك الطلبة في مؤسسات التعليم العام. وصفة علاجية ترى غاية عيسى المختصة في علم النفس أن أفضل وصفة علاجية للقضاء على تلك التجاوزات، تكمن في سد الفجوة بين المدرسة والأسرة، فضلاً عن ضرورة دعم وسائل الإعلام بأنواعها، ورجال الدين والمجتمع، الذين يلعبون دوراً كبيراً في القضاء على تلك الظاهرة.وطالبت ببرامج متكاملة وفعالة لبحث الأسباب، وإيجاد الحلول المناسبة، إذ إن وجود الأسرة بفاعلية يشكل ضرورة ملحة في تربية الأبناء، وتوجيههم وفق طرائق سليمة، مع عدم إغفال دور المؤسسات التربوية التي تشرف على المدرسين، وتوفير أخصائيين اجتماعيين ونفسيين متمرسين داخل كل مدرسة، لاكتشاف وتصحيح أي خلل سلوكي. لقاءات ملزمة التربوية حصة الطنيجي عضو مجلس إدارة جمعية المعلمين، أكدت أهمية عقد لقاءات مع أولياء الأمور تمنع دخول الطلاب إلى المدرسة ما لم يحضر الوالدان للمدرسة، وتوقيع ولي الأمر والطالب على تعهد باحترام الحرم المدرسي، وتكثيف الحملات لردع تلك السلوكيات، مع الحد من المسلسلات المنافية لعادات وتقاليد المجتمع، التي تشجع على العنف، مع التركيز على تكثيف حملات الإرشاد السلوكي بشكل دوري، وتفعيل دور الاختصاصي النفسي والاجتماعي في المدارس، وإبرام اتفاقيات مع اختصاصيين نفسيين لدراسة ومعالجة السلوكيات الخاطئة. الحزم والحكمة الهيئات والمجالس التعليمية في مختلف إمارات الدولة، استنكرت تجاوزات بعض الطلبة غير المسؤولة، مؤكدة حرصها على ضمان سلامة سلوكيات الطلبة، في إطار معايير محددة وإجراءات إدارية تجمع بين الحزم والحكمة، لضمان مصلحة الطلبة والطالبات، إذ يتم رصد المخالفات الشائعة بين الطلبة بشكل مستمر والتعامل معها وفقاً لنوع المخالفة، مشدده على أهمية تفعيل دور الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس لوضع حلول عملية لمواجهة تلك التجاوزات التي تحدث في بعض المدارس.

مشاركة :