} في موجة الاستقطاب الإيراني في ظل «ولاية الفقيه» للشيعة العرب بدا أن كل الشيعة العرب أو أغلبهم قد استأنسوا بالانضواء تحت التشيع الإيراني، إما توهما بأن «الولي الفقيه» هو صوتهم والمدافع عنهم! وإما صمتا في وقت كان أحوج ما يكون لإعلان موقفهم الوطني الذي لم يتم إعلانه إلا من بعض المرجعيات الشيعية القليلة التي لم تكن تؤمن بنظرية «الولي الفقيه» ومن ثم باختطافه عقول عامة الشيعة ضد أوطانهم ولاءً له باعتباره «نائب صاحب الزمن»! } هذا الاستقطاب تخلخل كثيرا منذ أحداث العراق ولبنان الأخيرة! وانكشفت حقيقة نظام الملالي في طهران وأن ما يريده من الشيعة العرب في الحقيقة هو اختطاف أوطانهم وعلى أيديهم لتحقيق الهيمنة الإيرانية وتوسعها وامتصاص الثروات كما في العراق! واستلاب الوطن بهيمنة الأحزاب والمليشيات الموالية لنظام طهران حتى النخاع وعبر الظلم والفساد والسرقات، فإذا ما ثار عوام الشيعة ضد ذلك تم قتلهم بعناصر الحرس الثوري الإيراني أو عناصر المليشيات العميلة! أو تم قمعهم وتهديدهم كما يحدث في لبنان! هكذا سقط شعار المظلومية تماما؛ فقد تحول رافع الشعار الإيراني إلى أكبر ظالم ومضطهد للشيعة الذين تمدد وتوسع وهيمن من خلالهم! } منذ 2003 ومنذ أن سلمت أمريكا العراق لإيران صنعت الأخيرة لنفسها (الطغمة الحاكمة) في العراق من مرتزقتها وعملائها والفاسدين الموالين لها تماما! وقبلها صنعت هيمنتها في لبنان عبر مليشيا «حزب حسن» الذي صرح بأنه وحزبه يأكلون ويشربون ويتسلمون رواتبهم من إيران، وأن ولاءهم المطلق لنظام الملالي، بل إنه في فيديو قديم وضح منذ البداية أنه يريد جعل الحكم في لبنان امتدادا للحكم في إيران! بذلك (تشكلت مسألة الفرز بين شيعة إيران الحاكمة والمهيمنة) في كل من العراق ولبنان وعامة الشيعة من الشعبين، الذين قدموا دماء أبنائهم لخدمة الأحزاب الموالية لإيران وتمددها وتوسعها وهيمنتها! مثلما تم الفرز بين ممارسات تلك الأحزاب والمليشيات الموغلة في الفساد والسرقات وتغليب المصلحة الإيرانية على مصلحة الوطن والشيعة المحكومين بالفقر والعوز وتقديم التضحيات، إلى أن جاء الوقت الذي كفروا فيه بولاية الفقيه وطغمته الفاسدة في البلدين، وليصرخ اللبنانيون بـ(كلن يعني كلن) وليصرخ الشيعة العراقيون بـ(إيران برة برة.. والعراق حرة حرة)، وليحرقوا العلم الإيراني ويهاجموا القنصلية الإيرانية في البصرة وكربلاء، ولينتفضوا بقوة في المدن التي تسكنها الغالبية الشيعية التي لا يزال قمعها مستمرا على يد القناصة الإيرانيين، وليسقط منهم مئات الشهداء وآلاف الجرحى! } هؤلاء هم الشيعة العرب، شيعة الفقر والجوع والبطالة والعوز كما لم يحدث قط إلا في ظل حكم عملاء إيران، وهؤلاء هم شيعة فقدان الوطن وفقدان العدالة، وقد أدركوا جيدا أن إيران وطغمتها الحاكمة في العراق في جهة وأنهم هم وبقية مكونات الشعب العراقي في جهة أخرى! ولذلك نادوا بعد إدراك الحقيقة المرة بالوطن والمواطنة، وهتفوا بقوة ضد إيران وضد الطائفية والمحاصصة، وطالبوا بحكم مدني خال من الأحزاب والمليشيات! لقد عرف الشيعي العراقي واللبناني أن لا حياة كريمة له ولبقية الشعب في ظل الهيمنة الإيرانية وعملائها الفاسدين في الحكم وفي ظل الطائفية والمحاصصة! وأن «المشروع الصفوي» الذي تحدث طويلا باسم نصرتهم إنما جاء ليسرق أوطانهم وثروات بلادهم ويستعبدهم، بل ليقتلهم إذا ما طالبوا بالعدالة في وطنهم! وها هم شيعة العراق ولبنان يتفجر وعيهم الجديد تجاه الوطن والوطنية والحكم المدني ضد الظلم والاضطهاد الذي مارسه الفاسدون والتابعون من أذناب إيران في بلديهما من دون تفرقة بين الشيعة والمكونات الأخرى! ما بعد الأحداث الأخيرة هناك لبنان آخر يتشكل وعراق آخر يتشكل، ولن يعود الوعي الشعبي مهما حدث إلى ما قبل تلك الأحداث!
مشاركة :