لكي لا تظل رؤوسنا مدفونة في الرمال

  • 11/17/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حالة العنف التي شهدناها في الفترة الماضية ضد المرأة والأطفال، هي حتماً ليست جديدة؛ فهي كانت دائماً موجودة في الأردن وفي كل البلاد، وهي بلا شكً ليست حكراً على ثقافة أو جنسية معينة. وتشير دراسات منظمة الأمم المتحدة إلى أن 37٪؜ من النساء العربيات تعرضن لأحد أنواع العنف.‎%‎35.4 من المتزوجات في المنطقة تعرضن للعنف من الزوج في مرحلة من حياتهن، وهو معدل أعلى بقليل من المعدل العالمي. ولكن ازدياد حالات العنف وحدتها، جعلنا جميعاً نشعر بالتقصير تجاه حماية من يعتبرهم المجتمع "الفئات الأضعف"، مع تحفظي على استخدام هذا المصطلح.فلا شك أننا مقصّرون كمجتمع وكمؤسسات. تربيتنا لأولادنا ما زالت مبنية على تبجيل الذكر والسماح له بفرض سيطرته، سواء أكان على حق أم لا، على الآخر. كما نبرر أحياناً كمجتمع، عنف الرجل ضد المرأة تحت مسمى الحفاظ على العادات والتقاليد، متجاهلين أن عاداتنا تحثنا على الكثير من المكارم التي تتناقض مع هذه الأفعال.وما أن نسمع عن حركة نسوية أو مبادرة لدعم المرأة والمطالبة بحقوقها، إلا ورأينا آلاف الاتهامات لهذه الحركات بالسمسرة وبالأجندات الخارجية والتمويل الأجنبي. بعض الانتقادات ربما تكون صحيحة ولكنها، تخص مؤسسات معينة، لذا فإن التعميم في هذه الطريقة يقتل أي عمل يطمح إلى تغيير واقع المرأة إلى الأفضل.أما الدولة؛ فكان تقصيرها على مستويين: الأول يخص التشريعات والبطء بإجراء التعديلات التشريعية التي تحمي المرأة، فقد استمرت التشريعات المخففة للأحكام للعديد من حالات العنف وحتى القتل لفترة طويلة وما زالت بعض القوانين مجحفه وبحاجة إلى تغيير.التشريع بالطبع يؤدي دوراً مهماً جداً، ولكنه لا يمكن لوحده أن يعطي الحلول لمشكلات اجتماعية متأصلة الجذور. المستوى الآخر هو المدرسة التي تتحمل أيضاً جزءاً مهماً من المسؤولية، فعلى وزارة التربية أن تعمل على تعزيز مبادئ الاحترام والمساواة وحقوق الإنسان. من الضروري العمل على خلق فضاءات آمنة "للفئات الضعيفة" سواء كان هذا في المنزل أو في الأماكن العامة. كما أن العمل على تمكين المرأة، وبخاصة في المجال الاقتصادي، سيقلل بلا شك من حالات العنف ضدها. ما تشهده أيضاً بعض الحالات على مواقع التواصل الاجتماعي لا تخلو من العنف، الهجوم والتهكم والتجريح وحتى التصوير بهدف الإيذاء هذا كله نوع من أنواع العنف.علينا الاعتراف بوجود ظاهرة العنف، وهي ليست دائماً موجهه ضد المرأة، فالشعور بعدم العدالة هو أيضاً سبب من أسباب العنف، وهذا تتحمله الدولة التي عليها ان تُغير من نهج الإدارة التي تفتقر في الكثير من الأحيان إلى العدالة. على الجميع تحمل مسؤوليته في هذا الشأن، فسواء كنت بموقع قيادي أو شخصا عاديا أو ولي أمر، عليك توعية من حولك على نبذ العنف وعدم القبول به وكسر حاجز الخوف عند من يتعرضون لمثل هذه المواقف. من الضروري العمل على إيجاد حلول نرجع بها إلى جذور المشكلة وأسبابها، فالحلول الطارئة لن تفيد على المدى البعيد، وللأسف فقد أثبتنا على مدى العقود الماضية أن معظم حلولنا تعالج قشور المشكلات وليس الجذور.

مشاركة :