نجح اكتتاب شركة "أرامكو السعودية" في تغيير المشهد العام داخل قطاع الاستثمار بالسعودية، الذي بدا أقوى من ذي قبل؛ ليس لسبب سوى أن هذا الاكتتاب منح المستثمرين في الداخل والخارج فرصة الاستثمار في أكبر شركة نفط متكاملة في العالم، ترتكز على استراتيجيات عمل متقنة، بمواصفات عالمية، تؤهل الشركة لتكون الأفضل والأكبر في العالم خلال وقت وجيز من الآن. وتقوم رؤية 2030 في الكثير من بنودها على تفعيل قطاع الاستثمار، والقدرة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وضخها في مشاريع نوعية داخل السعودية. ويمكن القول إن اكتتاب أرامكو أنعش قطاع الاستثمار بشكل كبير جدًّا، ومنح الثقة التامة للمستثمر المحلي والأجنبي بأن قطاع الاستثمار السعودي ما زال بخير، وأنه قادر على إقناع جمهور المستثمرين بجدوى الاكتتاب في أسهم الشركة. وكانت أرامكو قد أعلنت اليوم (الأحد) تحديد النطاق السعري للطرح الأولي، وبداية فترة بناء سِجل الأوامر لشريحة المؤسسات المكتتبة وشريحة المكتتبين الأفراد. وتم تحديد النطاق السعري للطرح بين 30 ريالاً سعوديًّا و32 ريالاً سعوديًّا للسهم الواحد. تحقيق الأهداف وتستطيع أرامكو اليوم بعد الاكتتاب أن تحقق كل ما جاء في الخطط والبرامج التي وضعتها رؤية 2030 للنهوض بقطاع الطاقة في السعودية، والمحافظة على موقع ريادة السعودية في تصدير وتأمين الطاقة بجميع أنواعها للعالم، في خطوة تعزز استثمارات السعودية في الطاقة البديلة والمتجددة تحسبًا لنفاد النفط في باطن الأرض، بحسب توقع الدراسات العلمية. ومن هنا، لم يكن غريبًا على أرامكو أن تتأهب لطرح مشاريع نوعية لدعم المشاريع المختلفة، ليس في قطاع النفط والغاز، وإنما في قطاع البتروكيماويات، التي تدخله الشركة بشهية مفتوحة بعد الاستحواذ على جزء من شركة سابك. ويبدو أن اكتتاب أرامكو هو الحلقة الأولى في مسلسل دعم قطاع الاستثمار في السعودية. وهذه الحلقة ستتبعها حلقات مماثلة، ترتقي بهذا القطاع، وترسخ أقدامه؛ ليصبح أحد مستهدفات الرؤية لدعم الاقتصاد الوطني، وتقويته بمصادر دخل مستمرة على مدى العام؛ وهو ما ينعكس إيجابًا على تأمين فرص العمل لشباب الوطن. قبل الاكتتاب وقبل اكتتاب أرامكو كانت فرص الاستثمار في السابق تعد محدودة نسبيًّا لاقتصاد في المرتبة الـ16 عالميًّا، وبه وفرة مالية لكثير من المستثمرين ورجال الأعمال. كما أن الاستثمار في الفترة الماضية كان يشهد في كثير من الأحيان تقلبات كبيرة، سواء في السوق المالية أو الخيارات الأخرى، مثل ضعف الأوعية الاستثمارية، والوفرة في السيولة في ظل رغبة المستثمرين في البحث عن فرص محلية؛ وهذا أحدث كثيرًا من التقلبات في السوق، جعل مخاطر الاستثمار فيها عالية، إلا أنه خلال الفترة الماضية شهدت السوق استقرارًا أكبر باعتبار أن الاستثمار المؤسسي أصبح يمتلك حصة أكبر، وزاد عمق السوق من خلال أدوات استثمارية جديدة. اكتشافات جديدة وتعد شركة أرامكو الشركة الأكثر ربحية في العالم اليوم، ومرشحة لتكون الشركة الأضخم في العالم عطفًا على ما تمتلكه من أصول وامتيازات وربحية عالية، تجاوزت بها الشركات الكبرى عالميًّا. وكان الجميع ينتظر هذا الاكتتاب الذي يقدم فرصة مميزة للاستثمار؛ إذ إن أرامكو تعد الشركة الأضخم في إنتاج النفط في العالم؛ إذ تمتلك حصصًا بشكل مباشر وغير مباشر في 140 شركة في العالم، تضاف إلى حصتها في شركة "سابك"، ويبلغ حجم استثماراتها أكثر من 22 مليارًا، إضافة إلى ما تمتلكه الشركة من كفاءة إدارية ومجموعة هائلة من أفضل الكفاءات المحلية والعالمية، وقدرة هائلة على صنع توازن في قطاع النفط على مستوى العالم. وسيكون للشركة نشاط أكبر في الاستثمار محليًّا وخارجيًّا، وخصوصًا أن السعودية لديها برنامج طموح لتكون المركز الأبرز في مجال الطاقة، سواء بالنفط أو بدائله كالطاقة الشمسية. وما زالت فرص حصول اكتشافات جديدة للنفط، سواء من باطن الأرض أو النفط الصخري في السعودية، قائمة، ويمكن لـ"أرامكو" أن تستثمر فيها بصورة كبيرة، وخصوصًا أنها صاحبة الامتياز في التنقيب عن النفط في السعودية الغنية بالثروات الطبيعية. والحديث عن شركة أرامكو طويل؛ بما لها من إمكانات هائلة. الاستحواذ على سابك خامة شركة أرامكو يجعلها اليوم في مكانة عالية؛ إذ لا يمكن مقارنة أسهمها إطلاقًا بالأسهم المتاحة في السوق السعودية، بل هي من الخيارات الأفضل على مستوى الشركات في العالم. ورغم المخاطر العالية للاستثمار في الشركات المساهمة إلا أن هذا مختلف تمامًا مع الاستثمار في شركة بحجم "أرامكو". وجاء استحواذ شركة أرامكو على 70 % من سابك، وهي رابع أكبر شركة بتروكيماويات بالعالم، ضمن استراتيجية أرامكو لطرح 5 % من أسهمها بأسواق المال؛ ما يؤكد الجدوى من هذا الطرح، وما سيحققه من أرباح أكيدة على المستثمرين. وهذه الخطوة تمهد الطريق لإيجاد شركة طاقة وبتروكيماويات وطنية عملاقة متكاملة، تقود قطاع الطاقة العالمي، وتعزز بدرجة أكبر إمكانات النمو في أرامكو السعودية وسابك على المدى البعيد. وتمثل هذه الصفقة فائدة مشتركة لجميع الأطراف، ونقلة نوعية لأهم المؤسسات الاقتصادية في السعودية.
مشاركة :