تسبب مشروع قانون بفرض شهادة حسن السير والسلوك على العامل الأجنبي في تغيير مسار جلسة مجلس الشورى أمس من جلسة هادئة إلى جلسة شهدت نقاشا ساخنا بين المؤيدين والرافضين لهذا المشروع، إذ كانت تسير الجلسة في بدايتها بهدوء لافت حيث توافق المجلس مع رأي لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس بشأن رفض مشروعين بقانونين لتعديل قانون الميزانية العامة، وذلك من دون أي مداخلات، ولكن أثناء قراءة تقرير لجنة الخدمات حول مشروع قانون «شهادة السير والسلوك» توالت طلبات المداخلات من أعضاء المجلس. ورغم حالة الانقسام التي كانت تبدو أثناء المناقشات فإن نتيجة التصويت أظهرت اكتساحا لرفض فرض شهادة حسن السير والسلوك كأحد شروط استقدام العامل الأجنبي في المقابل تمسك بها في التصويت ثلاثة أعضاء هم سبيكة الفضالة وجميلة سلمان وعبدالله الدوسري. وكانت لجنة الخدمات برئاسة د. جهاد الفاضل قد قدمت تقرير اللجنة متضمنا ما يقرب من 15 تبريرا لرفض إقرار هذا المشروع بقانون المعد في ضوء اقتراح مقدم من مجلس النواب. حيث بين مقرر اللجنة مبررات عدم الموافقة على المشروع، وذلك لكون الغاية المرجو تحقيقها، وهي - الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته والحد من الجرائم التي تقع من العمالة الأجنبية المقيمة بمملكة البحرين – متحققة بالفعل من خلال قانون الأجانب (الهجرة والإقامة) لسنة 1965 بحسب المادة (18) منه. وكذلك القرار رقم (76) لسنة 2008 بشأن تنظيم تصاريح عمل الأجانب من غير فئة خدم المنازل. د. جهاد الفاضل: لا يدخل البحرين أحد ذو شبهة أكدت د. جهاد الفاضل رئيسة لجنة الخدمات أن المشروع قد أشبع نقاشا عند إحالته إلى المجلس في المرة الأولى، وأن اللجنة تمسكت بقرارها الرافض للمشروع، مشددة على أن الغاية المرجوة من التعديل متحققة بالفعل على أرض الواقع وهي حماية أمن البلد، بفضل يقظة رجال الأمن والتعاون المشترك بين الأجهزة الأمنية الخليجية، لذا فإنه لا يدخل إلى البحرين أحد ذو شبهة. وأشارت إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة طبقت هذا القرار لمدة شهرين فقط ثم قامت بإلغائه لصعوبة تنفيذه، لافتة إلى أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن عدد الأجانب في البحرين أكثر من 800 ألف فرد، ولو كان هناك قصور أمني لارتفعت معدلات الجريمة في المملكة، موضحة أن العامل قد يأتي بشهادة حسن السير والسلوك ولكن الجريمة ترتبط بعوامل عديدة منها الاجتماعية والنفسية، فالبعض قد يكون حسن السير والسلوك في بلده ويتعرض لعوامل أخرى تدفعه لارتكاب الجريمة في البحرين، فلا جدوى منه. وأوضحت الفاضل أن هذا التعديل يتعلق بالشأن الأمني وليس محله قانون هيئة تنظيم سوق العمل. وردا على ما يقال بشأن أن المواطن البحريني يطلب منه تقديم هذه الشهادة قبل الالتحاق في العمل، قالت رئيسة لجنة الخدمات «أجزم أن المواطن البحريني أصبح ذا وعي، ويدرك أن نقاشاتنا ترتبط بموضوع محدد، ومن يشير إلى أن المواطن البحريني يقدم هذه الشهادة عليه أن يتقدم باقتراح بقانون لتعديل قانون الخدمة المدنية». الفضالة: لماذا نطلب هذه الشهادة من البحريني ونعفي الأجنبي؟ قادت سبيكة الفضالة عضو مجلس الشورى جبهة المطالبين بفرض توفير شهادة حسن السير والسلوك على الأجنبي الملتحق بالعمل في البحرين، حيث حاولت من خلال مداخلتها تفنيد مبررات اللجنة، حيث قالت إن تطبيق هذا القانون يثبت للعالم كله أن البحرين دولة أمن وأمان وتتخذ من التدابير ما يحميها، مضيفة أن المجلس معني بالمواطن البحريني، فإذا كنا نطلب من المواطن البحريني تقديم شهادة حسن السير والسلوك عند التقدم لأي وظيفة حكومية أو خاصة، فلماذا نرفض مشروعا بقانون يفرض ذلك الأمر على الأجنبي؟ وتساءلت هل تأمن الدولة الأجنبي ولا تأمن البحريني؟، هذه الثقة في الأجنبي دفعتنا إلى أن نشاهد جرائم قتل لم نشهدها في البحرين، وآخرها جريمة قتل إمام المسجد على يد عمالة أجنبية، لافتة إلى ان تصريح سفير دولة هذه العمالة يشير إلى وجود هاربين من القانون من دولته أتوا إلى البحرين. وأضافت سبيكة الفضالة هل نعطي كل التسهيلات للعمالة الأجنبية ونثق ثقة تامة في الأجانب من دون أن نطلب شهادات حسن السير والسلوك، هذا حق من حقوقنا، لافتة إلى أن تقرير اللجنة ذكر أن دولة خليجية قامت بإلغاء هذا الأمر، في وقت أن هناك دولة خليجية أخرى مجاورة للمملكة حين تريد اصطحاب عاملة المنزل معك يشترطون توفير شهادة حسن سير وسلوك صادرة من وزارة الداخلية في البحرين، هل هؤلاء يحافظون على مواطنيهم أكثر منا. وبشأن مبرر تعقيد الإجراءات أشارت إلى أنه عندما يتم التقديم للسفر إلى إحدى الدول الأجنبية يتم مطالبتنا بأوراق تفصيلية ويتم تسليمها ويتم تحديد موعد للمقابلة قبل السفر، كما أشارت إلى أن القانون الحالي صادر قبل 54 سنة، وتم تعديله في 2006 بعد إنشاء هيئة تنظيم سوق العمل، لذا فإن اشتراط شهادة حسن السير والسلوك محله هذا القانون كما هو الحال مع الشهادة الصحية. وحول الصعوبات التي تعيق عمل المستثمرين وأصحاب الأعمال من هذا المقترح، قالت الفضالة إن أصحاب الأعمال والراغبين في استقدام الخادمات ليس لديهم مانع من زيادة مبلغ 30 أو 40 دينارا للتأكد من حسن السير والسلوك. أما بشأن أن عدد السفارات لا يغطي الدول التي تأتي منها العمالة الأجنبية في البحرين، أوضحت أن غالبية العمالة الأجنبية في المملكة تأتي من 20 دولة، لافتة إلى أن سفارة البحرين في تايلاند تغطي بنجلاديش والفلبين، والعلاقات الدبلوماسية مع هذه الدول متصلة، ووزارة الخارجية البحرينية لديها القدرات التي تساعدها على التواصل مع هذه البلدان. وحول تعذر التحقق من هذه الشهادات لصدورها بلغات عديدة يصعب ترجمتها، علقت سبيكة الفضالة هل يصعب ترجمة الشهادات ولدينا في السفارات ووزارة الخارجية ما يساعد في هذا الأمر، ويمكن لـ«جوجل» الترجمة الفورية. وبشأن احتياج المملكة لبعض العاملين من دول لا تصدر شهادة حسن السير والسلوك، أكدت سبيكة الفضالة أنه لا يمكن الاستهانة بالكوادر البحرينية، هل نسهل الإجراءات لتوظيف أجانب يقومون بدور شبابنا في البحرين، نحن اليوم شبابنا قادر على القيام بأي عمل من الأعمال، وإذا كانت هناك دولة لا تصدر شهادة حسن السير والسلوك فإن هناك ما يعرف بصحيفة الأسبقيات، للتأكد من أن صاحب هذا الطلب خال من أي عمل إجرامي. وتساءلت عن الإجراءات الأمنية المتبعة للتحقق من خلو سجل العمالة الأجنبية من الجرائم قبل دخولهم إلى البحرين؟ واتفقت جميلة سلمان النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى مع ما ساقته العضو سبيكة الفضالة من أسباب للتمسك بهذا المشروع، مؤكدة عدم اقتناعها بمبررات اللجنة في رفض هذا المشروع، وقالت إن تقديم شهادة حسن السير والسلوك للعامل الأجنبي حماية للاستثمار وللمستثمرين، مشيرة إلى أن الأمن الصحي والأمن الجنائي هما منظومة مترابطة لا يمكن استثناء أي منها، مضيفة أن الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة، ومن دون بيئة آمنة لا يوجد استثمار، من حقي جعل البحرين البلد الأولى في الأمن على مستوى العالم، والجهات الأمنية غير مقصرة ونحن بلد آمنة، وهذه الإجراءات سوف تدعم هذا الأمر. وأضافت أنه من غير المعقول أن نسمح بدخول شخص يدعي أنه مستثمر في الوقت الذي يكون في بلده متورطا في قضايا غسيل الأموال أو شيكات من دون رصيد وغيرها، ويقوم بمعاملات مع البنوك ويرتب ديونا، وهو يؤدي إلى الإضرار بالمنظومة الاقتصادية. وأشادت جميلة سلمان بالتعاون الخليجي ولكن هذا التعاون قائم بشأن العامل الأجنبي الذي يرتكب جريمة داخل الدول الخليجية نفسها، لكن هذه الدول لديها قوائم بالصحف الجنائية لهؤلاء العمال في بلدانهم. وقالت إن البحريني عندما يتقدم إلى وظيفة في القطاع العام يطلب منه شهادة حسن السير والسلوك، وهذا موطنه ويفرض عليه هذا الأمر ونستثني الأجنبي الذي لا نعرف أسبقياته، يجب تطبيق القانون على الكل، فإذا تم استثناء الأجنبي فيجب استثناء البحريني أيضا. شوريون: نسبة الأجانب الذين يرتكبون الجرائم قليلة في المقابل توافق عدد من أعضاء مجلس الشورى مع لجنة الخدمات بالمجلس برفض فرض شهادة حسن السير والسلوك على العامل الأجنبي، مؤكدين صعوبة تطبيق هذا المقترح، حيث قال أحمد الحداد أن المبررات التي قدمتها اللجنة عملية، متسائلا حول قدرة سفارات المملكة في الخارج على التصديق على شهادات حسن السير والسلوك لأكثر من 88 ألف طلب لعامل أجنبي للالتحاق بسوق العمل في البحرين، وهناك بلدان لا يوجد بها سفارات للمملكة، لذا فإن هذا الطرح غير عملي. وذكرت منى المؤيد أن نسبة الأجانب مرتكبي الجرائم في البحرين قليلة، لافتة إلى أنه في الولايات المتحدة يتم اعتبار شهادة حسن السير والسلوك ضد حقوق الإنسان. وأكد فؤاد الحاجي أن إجرام العمالة الأجنبية ليس ظاهرة في البحرين حتى نعمل على تقييد لها، إذا أردنا حماية مجتمعنا هناك طرق عدة وقوانين كثيرة، داعيا إلى إعادة النظر في سكن العمالة في وسط المناطق السكنية، وكذا العمالة السائبة، وطالب بعدم زيادة المصاعب على صاحب العمل. وأكد خميس الرميحي أنه لا جدال على يقظة الأجهزة الأمنية في البحرين، وطالب بإلغاء شهادة السير والسلوك عن المواطن البحريني. وأوضح جمال فخرو أنه لا توجد في البحرين جريمة منظمة من العمالة الوافدة، ولم نسمع يوما بأن من يأتينا من الخارج قاموا بعمل جريمة منظمة في بلدان الخليج كلها، كل الدول الأوربية لا تطلب هذه الشهادة إلا في حالة أن يكون مهاجرا ويقيم، لا بد من تقليل الإجراءات، نحن نستثمر أموالا كبيرة في تقوية الأجهزة الأمنية في البحرين، وهذه الشهادة لن تمنع الشخص من ارتكاب الجريمة. الداخلية: اشتراطات الإقامة مسألة سيادية.. وهناك تدقيق أمني على الأجانب قبل الدخول إلى المملكـة أكد النقيب محمد الهرمي ممثل وزارة الداخلية أن الحكومة حريصة على المحافظة على أمن المملكة، سواء الأمن الاقتصادي أو الأمن الفعلي، مشيرًا إلى أن هناك فارقا بين اشتراطات العمل واشتراطات الإقامة التي تعد مسألة سيادية، لذا فإن التعديل المقترح ليس محله قانون تنظيم سوق العمل. وأضاف أن شهادة حسن السير والسلوك يمكن أن يحصل عليها حتى مرتكب الجريمة، لأن المتورط في ارتكاب جريمة ما وبعد قضائه العقوبة لفترة يحددها القانون يرد له الاعتبار، أما إذا كان المقصود من هذا التعديل الحصول على صحيفة الأسبقيات للعامل، تساءل هل هناك دولة يمكن أن تصدر صحيفة الاسبقيات لمواطنيها لدولة أخرى، هذا لا يحدث. وأشار النقيب الهرمي إلى التعاون القائم بين الأجهزة الأمنية الخليجية وكذا مع الانتربول الدولي بشأن الأشخاص المتورطين في أعمال على قدر من الخطورة، مشددا على أن إقامة أي شخص أو ترحيله هي مسألة سيادية، وهي من حقوق الدولة إذا ما كانت إقامة أي شخص غير مرغوب بها في البلاد. وشدد على وجود فارق بين شهادة حسن السير والسلوك وصحيفة الأسبقيات. ومن جانبه قال ممثل وزارة الداخلية أن وزارة الداخلية حريصة على توفير الأمن للمواطنين والمقيمين على أرض مملكة البحرين، والأجنبي يتم التدقيق عليه أمنيا قبل دخوله إلى مملكة البحرين سواء دوليا أو داخليا، وذلك خارجيا عن طريق قوائم الانتربول الدولية، وكذلك عن طريق التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، وكذلك يتم التأكد من أن العامل لم يتورط في مملكة البحرين في أي جريمة. وأضاف أن هناك تدقيقا أمنيا على العامل عند وصوله إلى منفذ مطار البحرين الدولي قبل دخوله إلى مملكة البحرين، من خلال فحص جميع وثائقه وصحتها. وزير المجلسين: غرفة التجارة يهمها أمن البلد قال وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين إن هناك صعوبة في تطبيق هذا التعديل، لافتا إلى أن المستفيد الأول من هذا القانون هي غرفة تجارة وصناعة البحرين، وهيئة تنظيم سوق العمل تتعاون معها، وهم يؤكدون أن هذا غير ملائم، ومضر بالنسبة إليهم. وأضاف أن هناك عددا كبيرا من العمالة تأتي من بلدان غير بلدانهم الأصلية، كما أن كل تجديد هو تصريح عمل جديد، كما أن هناك نوعا من العمالة يأتي من خلال تأشيرة الزيارة ويستمر في البحرين، لذا فإن المبررات لعدم التطبيق جيدة. وأشار إلى أن تجربة الإمارات نبهتنا إلى أمر مهم، وخاصة أنها دولة مرنة في القوانين للتعامل مع المستجدات، وقد قاموا بإيقاف العمل بهذا النظام، مشيرًا إلى ان الإمارات دولة جاذبة للاستثمار، وإذا لم تجد صعوبة في هذا الأمر لما أوقفته. وأكد أن الموضوع يحتاج إلى قرار لا يعيق العمل ولا يضيف عبئا على رجال الأعمال، وبالتأكيد لا يشك أحد في أن غرفة التجارة يهمها أمن البلد، كما يهمنا في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. العبسي: شهادة الفحص الطبي تختلف عن شهادة حسن السير والسلوك تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي، مؤكدا أنه تمت مخاطبة ثلاث جهات مختلفة بشأن هذا المشروع بقانون وهي وزارة الداخلية وهيئة تنظيم سوق العمل وغرفة تجارة وصناعة البحرين، وقد اتفقت هذه الجهات على صعوبة تطبيق هذا التعديل. وأشار إلى أنه في حال تم تطبيق هذا التعديل فإنه سيكون ملزما بتقديم شهادة حسن السير والسلوك مترجمة إلى اللغة العربية ترجمة معتمدة، فإذا صدرت بأي لغة أجنبية لا يجوز أن أطلبها مترجمة إلى الإنجليزية، لافتا إلى أن هناك بلدان لا تصدر هذه الشهادات كالولايات المتحدة الأمريكية لأسباب تتعلق بخصوصية البيانات، كما أن النظام الأمريكي الفيدرالي يمنع ذلك. وأضاف أنه لا يتوقع من أحد أن يقوم بترجمة وثيقة مطلوب حماية أمن البلد عن طريق الإنترنت أو «جوجل» إذ يجب أن تكون الترجمة من مكاتب معتمدة ويتم المصادقة عليها. وحول المقارنة بين شهادة الفحص الطبي وشهادة حسن السير والسلوك، أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة سوق العمل أن هناك اتفاقا على مستوى دول الخليج على نظام «الجامكا» للتحقق من شهادات الفحص الطبي، ونحن لا نقبل بشهادات الفحص الطبي على عواهنها ولكن يجب أن تكون من خلال مراكز طبية معتمدة خليجيا وموزعة على دول العالم كافة، فإذا وجد نظام مثل نظام الفحص الطبي يمكن التحقق من ذلك. وأشار العبسي إلى أنه بمجرد انتهاء تصريح العمل فيجب اصدار تصريح عمل جديد، أي أنه عندما يتم تجديد تصريح العمل فإنه يصبح جديدا ويحمل رقما جديدا وبتدقيق أمني بين وزارة الداخلية وهيئة تنظيم سوق العمل جديد، وبالتالي فإن التعديل إذا ما تم تطبيقه فسيشمل جميع العمالة الأجنبية سواء من دخل البحرين لأول مرة أو التجديد للعامل الموجود في مملكة البحرين.
مشاركة :