برلين - الراية: حسب رأي الصحفية الألمانية، سابينه روسي، فإن المستفيد من زحف تنظيم "داعش" على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، هو الرئيس السوري بشار الأسد، وقالت إنه بذلك، يؤكد للغرب، أنه كان على حق عندما صرح قبل أشهر قليلة، أن نفوذ المتطرفين، سوف يزداد في سوريا، لكنه يضع الغرب في موقف صعب، لأنه يجبره بذلك، على العودة للتعاون معه، والتخلي عن دعم معارضيه، بحجة أنه لا أحد يعرف من سيتسلم زمام الأمور في سوريا، إذا سقط نظام الأسد. ولا تشك الصحفية الألمانية، أن يكون زحف التنظيم على مخيم اليرموك، واحدة من الأفكار الدموية للنظام المسؤول عن ظهور "داعش، الأمر الذي وسّع ما أسمته بحفرة الموت السوداء في سوريا، وقالت إن معظم ضحايا الحرب الأهلية التي دخلت عامها الخامس، قضوا على أيدي جنوده والميليشيات التي تدعم قواته، مثل حزب الله اللبناني، وإيران، والمرتزقة الذين يعملون في حماية نظامه من السقوط. ووبخت روسي، المجتمع الدولي، لأنه ترك الأمور في سوريا تصل إلى ما عليه اليوم، ولكان اختلف الأمر لو أنه تدخل منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الأسد في مطلع عام 2011، وتساءلت عن سبب صمت الغرب على الجرائم التي ارتكبها "داعش"، ونظام الأسد، معاً في مخيم اليرموك، في العام، الذي يتم فيه تخليد ذكرى تحرير معسكرات الاعتقال النازية في ألمانيا، والمجازر ضد الأرمن، وقالت: لماذا لم يصرخ العالم؟. ولتوضيح المزيد حول معاناة سكان مخيم اليرموك، أبرزت وسائل الإعلام الألمانية، شهادتي ناجيين عادا إلى ألمانيا من مخيم الرعب. فقد كتبت الصحفية الفلسطينية، المقيمة في ألمانيا، ريهام كوسا، مقالة نشرها الموقع الإلكتروني لمجلة "دير شبيغل"، تحت عنوان "الناس يأكلون العشب"، استعرضت فيها الأوضاع حسبما شاهدتها خلال تواجدها في إجازة هناك، واستهلت شهادتها، بالإشارة إلى أنه كان عدد سكان المخيم في السابق، يزيد على 160 ألف نسمة، أما اليوم، فلا يزيد عددهم على 18 ألف نسمة. وتفرض قوات النظام منذ عام 2013، حصاراً على المخيم، الأمر الذي يؤكد أنه النظام، هو الذي سمح لتنظيم "داعش" بدخول المخيم، وقدم له مساعدة عندما راحت مروحياته ترمي براميل الموت، كما يسميها السوريون، على الأحياء في المخيم، التي كانت استبسلت في منع التنظيم الإرهابي من السيطرة على كامل المخيم. وأوضحت ريهام، أن حتى منتصف أبريل 2015، كان عدد السكان الذين ماتوا بسبب الجوع، 170، كما أن السكان، يأكلون العشب، بينما يبكي الأطفال والشبيبة، نتيجة لليأس الذي ينتابهم، ورغبة جامحة في مغادرة ما يسمونه سجن اليرموك. وقالت ريهام إنها ولدت في المخيم قبل 24 عاماً، وترعرت فيه، وكانت تقيم في مبنى، بناه جدها في عقد الستينيات، وبعد الدراسة تقدم إليها شاب وخطبها وبعد الزواج اصطحبها معه إلى ألمانيا. وأضافت القول، إن والدتها اتصلت بها في ديسمبر عام 2012، وحذرتها من المجيء إلى المخيم، الذي كان يتعرض إلى قصف، وكان السكان يحاولون مغادرته، ومن بينهم والدتي. وأكدت أنه عندما عادت إلى المخيم الذي دخلته سبع مرات منذ محاصرته من قبل قوات النظام، لجمع حوائجها، تبين لها أن من بقي من السكان في المخيم، بقوا فيه لعدم وجود خيار آخر أمامهم، فهم لا يستطيعون دفع الأجور العالية للشقق خارج المخيم، والبعض كانوا يخشون التعرض للاعتقال والتعذيب، والبعض الآخر، قرروا التمسك بالبقاء هناك، لأنهم يعيشون فيه منذ عقود طويلة، ويحلمون بمغادرته إلى أرض فلسطين. وكشفت ريهام، أن قوات النظام، كانت تسمح لكل زائر للمخيم، إدخال خمسة أرغفة فقط، وشاهدت كميات كبيرة من الخبز، كان المحاصرون قد صادروها، مع أنهم كانوا يعلمون أن سكان المخيم من نساء وأطفال، يتضورون جوعاً. وأوضحت أنه عندما كانت هناك آخر مرة في مايو 2013، تلقت مكالمة بأن منزل الأسرة يحترق، فهرعت إلى المكان، ورجت الجنود السماح لها بالعبور إلى المخيم، حيث تمكنت من إنقاذ بعض الكتب الخاصة بوالدها قبل أن تلتهمها النيران. وأضافت أنها ستظل تتذكر كيف أن زوجة عمها أجهشت بالبكاء، وهي تقول، أجبرنا إرهاب اليهود على الهجرة من فلسطين، ولم نتمكن من العودة، والآن، أجبرنا عرب على مغادرة مخيم اليرموك. وفي يونيو الماضي، عادت ريهام إلى المخيم، وانتظرت ثلاث ساعات حتى أذنوا لها بدخول المخيم، وقالت إنه لم يعد كما كان، الدمار في كل شارع وزاوية، وكنت أعلم في قرارة نفسي، أننا لن نعود إلى منزلنا، وأنه ينبغي علينا البحث عن مسكن جديد. وأشارت إلى أن العالم، تنبه الآن لمعاناة سكان المخيم، بعد انتشار أنباء عن دخول تنظيم "داعش" بعض أطرافه، وبدأت تهتم به وسائل الإعلام العالمية، رغم أنه محاصر منذ أكثر من عامين من قوات الأسد، وقالت إن أحد معارفها استغل توفر الإنترنت نصف ساعة في اليوم، ليكتب رسالة استغاثة، أوضح فيها أنه لا يعرف إذا كان سيظل على قيد الحياة، ليكتب عن معايشته لما يدور في المخيم، وكتب آخر: رجاء توقفوا عن القول إنكم تشعرون معنا، فنحن نعلم، أن لا أحد معنا إلا الله عز وجل. وأنهت ريهام مقالها بالقول إن قوات الأسد والتنظيم، يدمران ما تبقى من ركام في المخيم، والناس يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة. وصرح طالب فلسطيني اسمه أحمد، يتلقى تعاليمه في مدينة بون الألمانية، لمراسل راديو ألمانيا "دويتشلاند فونك"، بعد أن تلقى تعاليمه الابتدائية والثانوية في مدارس الأونروا في المخيم، وتقيم أسرته في حي "الميدان" المحاذي للمخيم، أن الأسرة تسمع باستمرار صوت القذائف والصواريخ التي تقصف المخيم ليلا نهارا، كما تهتز جدران المنزل لدى سقوط كل قذيفة. وكل يوم يتصل أحمد مع أسرته، الذين أكدوا له أن الأمور تزداد سوءا يوما بعد يوم. يبلغ أحمد.ع، من العمر 29 عاماً، وكانت والدته ترافقه إلى المخيم، عندما كان يتوجه إلى المدرسة هناك، حيث كانت تتسوق، عندما كانت الحياة بخير على حد قوله. وأوضح أحمد أن التعليم في مدرسة الأونروا كان جيدا، وكان له هناك الكثير من الأصدقاء. وبرأيه، لم يعد مخيم اليرموك مع الوقت، عبارة عن مخيم للاجئين، فقد تحول إلى حي دمشقي، قبل اندلاع الحرب، وكان غالبية سكانه من اللاجئين الفلسطينيين، الذين أجبروا على مغادرة فلسطين عام 1948، والكثيرون منهم، ولدوا في المخيم. ولكن كان يقيم بعض السوريين هنا أيضا، وكانوا يعيشون بسلام مع بعضهم البعض، وفي ذلك الوقت، لم يعر أحد أهمية إذا كان جاره علويا أو سنيا. وحتى عام 2011، وهو العام الذي بدأت فيه سوريا تتغير، بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الأسد، كان المرء يحصل على كل شيء داخل المخيم، الذي كان فيه بضائع من جميع الماركات العالمية، بضائع حقيقية وليست تقليدا. وحول الوضع اليوم، قال أحمد، إن وضع المخيم، يائس، فالجيش السوري يفرض حصارا صارما عليه منذ وقت طويل، بحيث لا يستطيع أحد المغادرة. في البداية حرصت الفصائل الفلسطينية في المخيم، على التزام الحياد في الأحداث لكن كان الجميع يعرفون أن المسألة تتعلق بالوقت، حتى يتم توريط المخيم، وهذا ما كان، حينما لجأ إليه جنود أعلنوا انفصالهم عن جيش النظام، وانضمامهم إلى الجيش الحر، وقرر الفلسطينيون حمايتهم، كان هذا في مطلع عام 2012، ثم جاء مقاتلون من جبهة النصرة، وتعاونوا مع فصيل "بيت المقدس" المقرب من حركة حماس، لكن العالم لم يأبه لمخيم اليرموك، إلا قبل بضعة أسابيع، عندما دخله مقاتلو تنظيم "داعش"، بالتنسيق مع مقاتلي جبهة النصرة على حد قوله. وحول أوضاع السكان، قال أحمد إنه سمع من شقيقه، أن طعام السكان عبارة عن ماء مطهو مع التوابل، ومن يستطيع مغادرة المخيم، فإنه لا يتردد، ومن الصعب دخول المؤن الغذائية. ووصف بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة مخيم اليرموك، بأنه أصبح مخيم الموت. ويقيم فيه حسب معلومات غير مؤكدة، خمسة عشر ألف فلسطين، وثلاثين ألف سوري، غالبيتهم من معارض نظام الأسد، لذلك فإن سقوط المخيم، سيؤدي إلى مذبحة غير مسبوقة في المنطقة. سكان مخيم اليرموك، يعرفون أن وسائل الإعلام العالمية لم تعد تتحدث عنهم، لانشغالها في أحداث أخرى، مثل غرق اللاجئين في البحر المتوسط، لكنهم هم أيضاً، إذا حصلوا على فرصة، سوف يستقلون المراكب والإبحار إلى أوروبا، فقد فقدوا الثقة بنظام الأسد، وبالتنظيمات الإسلامية المتطرفة، وبالفصائل الفلسطينية التي لا تدري مع من تقف في معمعة الأزمة السورية. ثم فتح أحمد حاسوبه المحمول، وبدء تشغيل شريط فيديو أرسله له أحد أصدقائه، يظهر فيه عجوز فلسطيني، يحمل هوية الأمم المتحدة وقال: أنا من لاجئي 1948، أنا جائع، نكاد نموت من شدة الجوع، والله حرام عليكم، أعيدوني إلى اليهود، لم تكن أوضاعنا هناك سيئة مثل حالنا اليوم في مخيم اليرموك.
مشاركة :