أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أمس أن «عاصفة الحزم» حيدت الخطر عن اليمن والخليج، وقال قرقاش: «انتشال اليمن من أزمته لن يكون عسكريًا أو أمنيًا فقط، بل يتطلب دعمًا اقتصاديًا تنمويًا». وجاء ذلك في جلسة في اليوم الثاني لـ«منتدى الإعلام العربي» الذي انطلق أول من أمس في دورته الرابعة عشرة في مدينة دبي. وتحدث الوزير عن قمة كامب ديفيد التي تعقد حاليًا في الولايات المتحدة قائلا إنه «يخيم عليه القلق من الملف الإيراني في ظل سياسات متمددة في العالم العربي»، مضيفا: «السؤال: كيف نقنع إيران بتبني الاعتدال؟». ولفت إلى أنه لا إشارات على إمكانية إقناع إيران بالاعتدال، وبيّن أن الرد على تدخلات في المنطقة لا يمكن أن يكون طائفيًا». وأصر قرقاش على أن مصر «حجر الأساس في أي بناء عربي، وهي تشكل العمق الاستراتيجي للعالم العربي، ولا نهوض للعالم العربي من دون نهوضها»، بحسب الوزير. ولفت إلى أنه «لا خيار لنا في نجاح مصر»، وأن مصر هي من يربط المشرق العربي بالمغرب العربي، موضحًا أن «المشاريع الإماراتية في مصر تستهدف محدودي الدخل». وأشار قرقاش إلى أن الدول العربية منهكة وجهود التنمية صعبة، مضيفا: «إن الصورة في العالم العربي قاتمة في ظل الاختراق الذي تواجهه المنطقة، والتحدي الأكبر هو مواصلة التنمية في ظل الصعوبات الموجودة في المنطقة». وأوضح الوزير قرقاش أن «الإمارات لاعب في فريق عربي يدعم الوسطية والاعتدال»، مشيرًا إلى أن بلاده توجه إمكانياتها إلى دعم قيم الاستقرار والاعتدال والتنمية في العالم العربي، معتبرًا تجربة تمكين المرأة في الإمارات من أهم الإنجازات، ومشيرًا في الوقت نفسه إلى أن جيل القضايا التنموية ليس بالحل الأمثل والتجربة التنموية في الإمارات حقيقية. ومن جهته، أكد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن «العالم العربي يواجه تحديات كثيرة في المرحلة الحالية، التي تواكب مرور 100 عام على اتفاقية سايكس بيكو عام 1914»، والتي شهدت تقسيم المنطقة إلى دول وفقا للنفوذ الاستعماري في ذلك الوقت. وبيّن موسى في جلسة حوارية أخرى بمنتدى الإعلام العربي بدبي أن «العالم العربي يواجه تحديات داخلية تتعلق بحقوق المواطن العربي وحرياته ومستقبله، وتحديات خارجية في ظل ما يتم ترتيبه الآن من إعادة رسم مستقبل المنطقة في عواصم الدول الكبرى وأجهزتها المعلوماتية». وشدد على رفض العرب التدخلات الإيرانية في الشأن العربي ورفضه للتصريحات التي تخرج من طهران حول الإمبراطورية الإيرانية والعواصم العربية التي تبسط فيها نفوذها. وأشار إلى وجود «معايير مزدوجة في التعامل مع الملفات النووية في المنطقة»، فقد تم التوصل إلى اتفاق إطاري بشأن البرنامج النووي الإيراني في حين لم يتم الاقتراب من البرنامج النووي الإسرائيلي، ولا يصح أن يترك البرنامج الإسرائيلي دون نقاش واضح. وأكد أن عملية «عاصفة الحزم» في اليمن كانت رسالة أن العالم العربي لن يرضى أن يقف صامتا ضد محاولات الهيمنة والسيطرة من أطراف خارجه وأنه لن يقبل هذه الهيمنة. وأشار إلى أن مصر الآن، وعلى الرغم من التحديات والصعوبات، تتهيأ لمرحلة اليقظة للعودة إلى قيادة العالم العربي مع الانتهاء من عملية التنمية والبناء السياسي نهاية العام الجاري، وإن كان ذلك يتطلب شراكة حقيقية بين مصر والسعودية لمواجهه مخططات التقسيم. وقال موسى عن تنظيم داعش وتهديداته إن «هذا التنظيم مجرد سحابة داكنة ستمر لأنها ضد المنطق والتاريخ والحضارة وعبارة عن ردود فعل فقط». وبدورها، قالت مديرة وكالة «رويترز» في الخليج سامية نخول خلال الجلسة: «يوجد تدفق كبير للمعلومات في ظل الانفتاح التكنولوجي، لكن المصداقية والتحقق من المعلومة هو المهم على الدوام». وتابعت: «كوكالات أنباء عالمية وعربية، يجب وضع الضوابط للتحقق من المعلومة وعدم ترويج الإشاعات وعدم بث الصور ومواد الفيديو البشعة، فهناك أشياء أهم من السبق الصحافي، وهو البعد والجانب الإنساني». وأعرب المفكر والصحافي الفرنسي آلن غريش عن أن «الأكاذيب في الصحف والإعلام ليست جديدة، ولم يبدأ مع وسائل التواصل الاجتماعي»، وأضاف: «علاقة الإعلام مع السلطة والمال محورية، ووسائل التواصل الاجتماعي إيجابية لأنها وفرت لمن لا علاقة لهم بالسلطة أو بالمال صوتًا». وأضاف غريش: «عربيًا، هناك هيمنة للدولة على الإعلام، لكن غربيًا هناك هيمنة آيديولوجية من حيث النظرة إلى الإسلام مثلاً في الإعلام الغربي»، وزاد: «التفريق بين الإعلام التقليدي والجديد صعب، فحتى المؤسسات الإعلامية التقليدية لديها نسخ إلكترونية، وتوجد بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي»، لافتًا إلى أن «التأثير السلبي للرقابة على العمل الإعلامي يتعدى أي إيجابية يمكن أن تحققها هذه الرقابة». وإلى ذلك قال رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفي البرغوثي إن «القضية الفلسطينية لن تضيع رغما عن الانشغال الشديد بالأحداث السياسية التي يشهدها العالم العربي منذ اندلاع أحداث ما عرف باسم (الربيع العربي) وحتى الآن»، والقضية تعيد فرض نفسها على المشهد السياسي والإعلامي بشكل دوري سواء عربيا أو دوليا. وقال البرغوثي إن «الأعمال التي تقوم بها قوات الاحتلال كما حدث خلال عدوانيها الغاشمين في 2012 و2014 تعيد فرض القضية على المشهد العام». وأضاف أن «هناك جملة تطورات على أرض الواقع تسهم في تعزيز الحق الفلسطيني، إذ تتصاعد حركة المقاطعة وفرض العقوبات ضد إسرائيل، ويتمثل التطور الثاني في المعركة الدبلوماسية التي تجري حاليا بين فلسطين وإسرائيل»، في أروقة المحكمة الجنائية الدولية، إذ لم تعد إسرائيل تحظى بالحصانة بالدبلوماسية والقانونية التي تمتعت بها منذ إنشائها وبات الجميع يدرك أنها لم تعد فوق القانون. ونوه البرغوثي بأن «هناك كثيرا من العوامل التي تمنع ضياع القضية الفلسطينية ويأتي في مقدمتها المكانة العاطفية والنفسية لطبيعتها وتأصلها في نفس الشعب العربي وضميره»، كما أن القضية تحظي بعمق عالمي قوي، وهو ما انعكس بجلاء في مقولة الرئيس الراحل لدولة جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا إن القضية الفلسطينية هي القضية الإنسانية الأولى في العصر الحديث.
مشاركة :